في الوقت الذي توجّه اتهامات إلى مدونة الأسرة، من لدن العديد من الفاعلين بكونها ساهمت في ارتفاع حالات الطلاق في الأسر المغربية، وفتحت الباب على مصراعيه لانحلال ميثاق الزوجية بسهولة، رفضت المحامية مريم جمال الإدريسي، عن هيئة المحامين بالدار البيضاء، هذه الاتهامات، معتبرة أن هذا الكلام لا يعدو سوى مجرد مغالطات. وقالت المحامية، في حديثها لجريدة هسبريس الإلكترونية: "هناك مغالطات للمدونة، بكونها وراء مشكل الطلاق، لكن أود أن أؤكد أنها كشفت المستور، حيث كانت النساء تصبرن؛ لأنه كان صعبا القيام بالمسطرة"، مضيفة أن "صبر المرأة لا يعني أن العلاقة ناجحة، وإنما لكونها لا تملك حلا غير ذلك". وشددت الفاعلة الحقوقية في المجال النسائي على أن المطلوب اليوم، لتجاوز هذا المشكل، هو "البحث عن منظومة القيم التي ضاعت من المجتمع؛ فالمشكل بنيوي لا علاقة له بتغيير القانون، إذ يجب إعادة النظر لحل أزمة القيم والأخلاق". وفي هذا السياق، أردفت المتحدثة أنه خلال الحكم في التطليق تثار مسألة التطبيق العادل للقانون؛ وهو ما يستلزم، بحسبها دائما، "أن يكون هناك تنسيق وتوحيد للأحكام والقرارات، وأن يكون هناك معيار واضح ومحدد في الأحكام الخاصة بالحكم في النفقة للأطفال وواجب السكن". وأشارت الإدريسي إلى أن الملفات التي تعرض على قضاء الأسرة من أجل الطلاق تبين أن معظم الأسباب التي تدفع، سواء الزوج أو الزوجة، لسلك هذه المسطرة ترجع إلى غياب "التنمية الذاتية، حيث إن المُقبل على الزواج مُطالب بمعرفة ما إن كان قد أهّل نفسه لدخول هذه المرحلة الجديدة في الحياة"، مضيفة أن هناك عاملا آخر يتعلق بالثقافة الجنسية، ثم المجتمع، الذي يجب أن يتبين ما إن كان قد هيأ الظروف للشباب من أجل إنجاح هذا الزواج من عدمه. وبخصوص مسألة المستحقات التي يتم الحكم بها لصالح الزوجة، انتقدت المحامية عدم "وجود معايير واضحة ومحددة فيما يتعلق بهذه المسألة، إذ نجد أن الأحكام في المتعة أو النفقة تختلف من ملف إلى آخر، حتى ولو كانت الأطراف لها نفس الشروط، وهذا يجعلك تشعر بأنه ليست هناك عدالة فيما يتعلق بالأحكام خاصة إذا ما تمت مقارنة ذلك بأناس ميسورين". وكشفت الناشطة الحقوقية أن اللجوء إلى مسطرة التطليق للشقاق أو التطليق الرجعي تظل الأكثر استعمالا من لدن الأزواج، على اعتبار أن التطليق للشقاق يتميز بمسطرة مرنة مقارنة مع باقي أنواع التطليق الأخرى. ولفتت مريم الإدريسي إلى أن مشكل الطلاق وتزايد حالاته "لا يمكن اختزاله وتبسيطه عبر رميه في وجه المُشرّع بدعوى كونه جاء بالمدونة، أو اتهام المرأة بكونها لم تعد قادرة على تحمل الأعباء أو اتهام الزوج بالفشل في تكوين الأسرة"، مؤكدة أنه "بات من الواجب على الجميع سواء العاملين في حقل العدالة وغيرهم التجند من أجل إنقاذ المجتمع؛ لأن تفكك الأسرة يرخي بظلاله على المجتمع برمته".