القصر الكبير.. توقيف أب وابنه بتهمة النصب والاحتيال بدعوى التوظيف الوهمي بأسلاك الشرطة ورجال السلطة    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    الجزائر نحو عزلة داخلية بعدما عزلها العالم    الاستماع إلى ضابط شرطة متهم بالتورط في الضغط على زوجة بعيوي السابقة    الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة…انتشار حاد لفيروس الحصبة وفقدان أرواح الأطفال    مواجهة الفتح والرجاء بملعب البشير بدون جمهور    نادي أحد كورت لكرة السلة يحتج على قرار توزيع الفرق في البطولة الجهوية    السكوري: مناقشة مشروع قانون الإضراب تتم في جو عال من المسؤولية    عجز السيولة البنكية يتراجع ب 8,26 في المائة    المضيق: وقفة احتجاجية للأطر الصحية للمطالبة بتحسين ظروف العمل بالمؤسسات الصحية    تنفيذا لتعهدات ترامب .. أمريكا ترحل مئات المهاجرين    المكسيك تنشئ مراكز إيواء حدودية تحسبا لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة    62 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أن على نتنياهو الاستقالة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مشروع قانون الإضراب يثير غضب المقاولات الصغيرة في المغرب    لقجع ينفي ما روجه الإعلام الإسباني بخصوص سعي "فيفا" تقليص ملاعب المغرب خلال مونديال 2030    العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية تعقد اجتماع مكتبها المديري    الذهب عند أعلى مستوى في 3 أشهر بعد تصريحات ترامب عن الفائدة والرسوم الجمركية    النفط يهبط على خلفية مساعي ترامب لزيادة الإمدادات    إضراب وطني لموظفي الجماعات الترابية في 30 يناير احتجاجًا على تجاهل مطالبهم    كيوسك الجمعة | أكثر من 10 ملايين ونصف طفل معنيون بالتلقيح ضد "بوحمرون"    حصيلة الانزلاقات الأرضية في إندونيسيا ترتفع إلى 22 قتيلا و4 مفقودين    روسيا تتهم رئيسة اليونيسيف بالاهتمام بأطفال أوكرانيا أكثر من غزة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة بالمغرب    مايك وان" يُطلق أغنية "ولاء"بإيقاع حساني    إحباط هجوم إرهابي على مسجد في بروكسيل أثناء صلاة الجمعة    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية    رقم قياسي .. أول ناد في العالم تتخطى عائداته المالية مليار أورو في موسم واحد    سيفعل كل شيء.. سان جيرمان يريد نجم ليفربول بشدة        تضارب في الأرقام حول التسوية الطوعية الضريبية    ما هو سر استمتاع الموظفين بالعمل والحياة معا في الدنمارك؟    ترامب يسعى لفرض "ضغوط قصوى" على إيران، فكيف ستبدو مع وجود الصين والمشهد الجيوسياسي المتغير؟    تفاصيل تحرك مغربي لدى سلطات بوركينافاسو والنيجر للبحث عن سائقين "مختطفين"    الأزمي: تصريحات وهبي حول مدونة الأسرة تفتقر للوقار    تألق نهضة بركان يقلق الجزائر    جوائز "الراتزي": "أوسكار" أسوأ الأفلام    اتفاق مغربي موريتاني يفتح آفاق التعاون في قطاع الطاقة    الحكومة تحمل "المعلومات المضللة" مسؤولية انتشار "بوحمرون"    رئيس برلمان المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا يطلع على الزخم التنموي بجهة العيون    افتتاح السنة القضائية بمحكمة الاستئناف ببني ملال    نكسة جديدة للجزائر ودميتها البوليساريو .. مجلس الشيوخ الشيلي ينتصر لمغربية الصحراء    خط بحري كهربائي بالكامل بين طريفة وطنجة    عبد الصادق: مواجهة طنجة للنسيان    مفكرون يدرسون متن الجراري .. طلائعيٌّ وسّع مفهوم الأدب المغربي    هناء الإدريسي تطرح "مكملة بالنية" من ألحان رضوان الديري -فيديو-    الدوحة..انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان (كتارا) لآلة العود بمشاركة مغربية    مدارس طنجة تتعافى من بوحمرون وسط دعوات بالإقبال على التلقيح    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"دفاتر تفكيك خطاب التطرف" .. الجهاد يلازم القلب واللسان والبيان
نشر في هسبريس يوم 30 - 01 - 2019

كلّما حصد غدرُ "الانقِتَالِيِّين" أرواحا بريئة، يتجدّد التقاطب بين واسِمِي الإسلام بتوفير ظروف الغلوّ والتشدّد التي تمهّد للعنف العمَلي، وبين مُبرّئِي تلقّي الناس لهذا الدين جملة وتفصيلا، وإلقاء اللوم على قراءات "أفراد متطرّفين مستلبين".
وفي سياق إنساني كِيلَت فيه للإسلام اتهامات عديدة، وأصبحت سِمَته الأساس في بعض المجالات التداولية، تزداد حاجة المؤمنين وغير المؤمنين إلى وقفات صادقة مع النفس، تفكّ عن الكثير من المفاهيم والتصوُّرات والاعتقادات ما شابها من قيود العادة، والانغلاق، والتسليم المقلِّد دون إعمال لواجب محاولة الفهم، ونعمة التفكير وأمر "استفتاء القلب"..
في خضمّ هذه التطوّرات أصدرت الرابطة المحمدية للعلماء دفاتر جديدة تروم "تفكيك خطاب التطرف"، وتخوض غمار وضع مفاهيم تُوُوطِئ على التسليم باستيعاب معانيها ونهاياتها المنطقية ما تيسّر من الزمن، على طاولة التشريح..
وفي سلسلة جديدة، تحاول جريدة هسبريس الإلكترونية قراءةَ "دفاتر تفكيك خطاب التطرف" من أجل تقديمها للجمهور العريض الذي تعنيه وتمسّ تصوّراته ورؤيته للعالم وعمله فيه، ومن أجل فتح باب النقاش حول مضامينها التي تهم كل الأطراف باختلاف تمَوقعاتهم السياسية والثقافية والعقدية؛ لأن مسألة العيش المشترك تتجاوز الأفراد والجماعات، لتمسّ وحدة المصير وطبيعة المستقبل الذي نريده.
مسار الجهاد
قال أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إن الجهاد كما يُقرأ من سورتي "براءة" و"الأنفال"، "ليس جهادا بالسنان والسيف فقط كما يحاول البعض تصويره"، مضيفا أن المقصد الذي في السورتين "كلُّهُ سلمي بامتياز"، وأن الإعداد للقوة ورباط الخيل إنما للإرهاب عن العدوان، وثنيِ من ينوُونه عن الإقدام عليه بإظهار قدر من القوة يرهبهم من عواقبه.
وبعد التذكير، في دفتره الثالث المعنون ب"في تفكيك مفهوم الجهاد"، بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله، والمهاجر من هجر ما نهى الله عز وجل عنه"، ذَكَر العبادي أنه لا يمكن بدأ مسار الجهاد دون الجهاد الأول؛ أي "جهاد النفس حتى لا تبقى في غفلتها"، مضيفا أن المراد من وراء هذا الجهادِ هو جهادُ التساؤل وجهاد الانتباه، الذي يُبرعِمُ في النفس إرادة البحث عن أجوبة هذه التساؤلات.
وصنّف الكاتبُ الجهادَ أصنافا، أوّلُها ما ذُكِرَ من "جهاد النفس" عن بقائها في الذهول لكي تستيقظ، ثم "جهاد النفس حتى لا تبقى في حالة جمود" بتدريبها على التساؤل الذي سيؤدّي إلى "جهاد المكابدة"، للبحث عن الأجوبة، والذي سيؤدي بدوره إلى "جهاد إلزام النفس بالاستدامة على طلب العلم"، ثم "جهاد الموانع" التي تحول دون طلبه..
إعلان الجهاد مقصور على إمارة المؤمنين
يعدّد عبادي خمسة وثلاثين صنفا للجهاد، لا تكون ثلاثٌ منها إلا بإذن من "مؤسسة الإمامة العظمى"، التي يذكر أنها "منضبطة بضوابطها الشرعية، وإجماعَاتها الفرضية، ومتطلباتها الحكمية، ومصداقيتها التاريخية"، ولذا تكون لها الصلاحية الحصرية في إعلان الحرب، والإذن بالقيام ب"الجهاد بالانتظام في البنيان المرصوص"، و"الجهاد بالحراك إلى الميدان المنصوص"، و"الجهاد بالقيام بالقتال المخصوص".
صلاحية إعلان الحرب إذن، حسب الكاتب، مكفولة فقط لمؤسسة الإمامة العظمى الشرعية، مذكّرا بأن لهذه المُؤَسَّسة فِقْهُهَا المفصَّل الذي يحتاج إلى "اجتهادات مستأنفة لإعادة تجلية أحكامه ومقاصده، في ظل المقتضيات الضاغطة بهذا الصّدد في السياق المعاصر".
وحُوِّلَ الجهاد الذي يحمل، حسب الدفتر، معاني "استفراغ الطاقة، وعدم الخوف في الله لومة لائم، والعمل لله حقّ عمله، وعبادته حق عبادته، ومجاهدة النفس والهوى"، عبر التاريخ الماضي والحاضر، إلى "أداة قتل في أيدي أهل المروق، هُوَ وسائر المفاهيم الكبرى في الإسلام".
الجهاد من أجل السلام
يذكّر دفتر "في تفكيك مفهوم الجهاد" بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام..وذروة سنامه الجهاد"، ليستنتج أن الجهاد حالة مصاحبة للإنسان في كل أحواله، وأنه حسب كمال درجة جهاد الإنسان تعظُمُ منزلته عند الله؛ فيكون ملازما للقلب، واللسان، وما يصدر عن الإنسان من بيان، "وحين يقعُ التهديد بالأذى والضّرر يُفرض الدفاع عن الأرواح، وحقن الدماء بكل الوسائل المتاحة لمنع من عنده نية العدوان من إمضاء عدوانه"، مستشهدا بآيات من مطلع سورة التوبة ليبيِّن أن "المشرِكين الذين يُصِرُّون على شِركهم وإشاعَتِه، ويُصرّون على أَذى المسلمين وعدم احترام العهود والعقود، يُبرِئون المسلمين بسلوكهم هذا من مراعاة ذمتهم، بخلاف المشركين الذين عاهدوا ووفّوا".
من يصرّون على الأذى والتجييش، حسب عبادي، تتجلَّى وظيفة الآيات، التي ترد في مطلع سورة التوبة، في ردِّهِم عن غيِّهم وثنيهم عن أذاهم، أو إقامة الحجة عليهم وتبرئة ذِمَّة المسلمين إزاءهم، مضيفا أن "من أقامهم الله تعالى بريادة نبيه عليه السلام لبناء هذا الدين في بعده التطبيقي، وبعده التنزيلي، شكَّلوا طائفة لا بد أن تحمي ذاتها، وتحمي هذا البناء..". ومن هنا يمكن فهم تغيير منظومة العلائق في الإسلام، فرغم أن العلائق الدموية، التي كان يرتكز عليها المجتمع قبله، فيها واجب صلة الأرحام فإنَّها "عُزّزت بالمُكَوِّن العقدي، مع إعطائه من الأهمية والأولوية ما يضمن رفع بناء المجتمع الجديد الناشئ على أمتن الأسس"، وحتى لا يكون "سلخ الأعمار" إلا مع "من يتم معه التعاضد لرفع معمار الرحمة والفضل".
والجهاد في صنف من أصنافه، حسب الكاتب، غرضه "إرهاب من يكنّون في أنفسهم عزائم العدوان، حتى يعدلوا عن هذه العزائم، فتُفسَخَ"، وهنا يكون "السلم هو المطلب الجوهري"، مصداقا لآية: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكّل على الله"، حتى لو "كنت تعلم أن عندهم إرادة مخالفتك". وبالتالي فإن "التسلّح هو أساسا لثني المعتدين، حتى يستقرّ السِّلم، وتتيسّر شروطه"، ويكونَ الإبداع، والترقي، ورؤيةُ ثمرات العمل بهَاديات الوحي بالتأسيس عليه. وهذا حسب الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء "بناء واضح لمقتضيات إثبات وإقرار الأمن والسلم في المجتمعات لتكون مجتمعات العدل والرحمة والفضل والخير..أما إذا أصر أهل العدوان على عدوانهم فإنهم يجدون أمامهم من القوّة الفعليّة، والاستعداد للتضحية والاستماتة فيها ما يصدّ عدوانهم، ويجعلهم يضربون ألف حساب قبل اعتزام العدوان على أهل الإيمان"، حسب تعبيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.