دعا الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام مختلف القوى الحية والمجتمع الحقوقي بالمغرب إلى تكثيف الجهود من أجل الضغط في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام بشكل نهائي، وذلك بحذفها من القانون الجنائي، بعد أنْ تم توقيف تنفيذها منذ سنة 1993. عبد الرحيم الجامعي، منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، دعا، في كلمة باسم الائتلاف في الجلسة الافتتاحية لجمعه العام المنعقد اليوم بالرباط، إلى "جهاد حقوقي وقانوني لإلغاء عقوبة الإعدام، إعمالا للفصل 20 من الدستور الذي ينص على أنّ الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان". وفي الوقت الذي ما زال المغرب يمتنع عن المصادقة على بروتوكول الجمعية العامة للأمم المتحدة، المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، اعتبر الجامعي أنَّ حضور محمد أوجار، وزير العدل، الجمع العام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام "هو فتْح صفحة سياسية وحقوقية تجُبّ ما قبلها". الجامعي دعا وزيرَ العدل إلى الوقوف في صف المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام، وإدماج هذا الإلغاء في الدستور، "لكي لا يسهُل على أي كان أن يقوم بمناورة باسم عقيدة أو إيديولوجية ما، لإعادة العمل بهذه العقوبة". ويُعلّق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام آمالا عريضة على وزير العدل الحالي، لإلغاء عقوبة الإعدام؛ فقد قال الجامعي، مخاطبا أوجار: "أنتم لديك ثقافة حقوقية، وتجربتكم في المجال الحقوقي ستتلاقى مع ما يطمح إليه مناضلو الائتلاف لوضع إلغاء عقوبة الإعدام في صُلب الحقوق المنصوص عليها في الدستور". واعتبر الجامعي أنَّ هناك مؤشرات دالّة على رغبة الدولة في إلغاء عقوبة الإعدام من تشريعاتها الجنائية، مشيرا في هذا الإطار إلى الرسالة التي وجهها الملك إلى المشاركين في مؤتمر مراكش لحقوق الإنسان، والتي دعا فيها إلى توسيع النقاش حول موضوع إلغاء عقوبة الإعدام، وكذلك إقدام الملك على العفو على عدد من المحكومين بالإعدام، مضيفا "هناك إرادة سياسية تدفع المحافظين إلى مراجعة مواقفهم". ويبدو أنَّ مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب يسير نحو التحقق؛ فقد أعلنت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنّ المجلس "سيصطف بكل وضوح مع المطالبين بإلغاء عقوبة الإعدام، ودعم النهوض بالحق في الحياة، بما يتلاءم مع المقتضيات الدستورية والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان". بوعياش، التي وضعت مضمون الفصل 20 من دستور 2011 الذي ينص على أنّ الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان، انتقدت بشدّة تردّد الدولة في إلغاء عقوبة الإعدام، قائلة "هناك تردد كبير في تفعيل الفصل 20 من الدستور، وبالتالي الإبقاء على عقوبة الإعدام"، داعية إلى عقد حوار وطني "من أجل فكّ عُقدة هذا التردد". في هذا الإطار، قال شوقي بنيوب، المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، إن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان مستعدة لرعاية حوار موسع حول إلغاء عقوبة الإعدام، واضعا شرْط أنْ يشارك في الحوار "أصحاب الرأي لا أصحابَ المواقف، لأنه بعد الحادث الإرهابي الذي شهدته منطقة إمليل، لو أجري استطلاع رأي لكانت الأقلية التي تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام أقلّية قليلة جدا، ولكانت النتيجة كارثية". وأضاف بنيوب أنّ المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان تلتزم بتوفير أجواء حوار رصين حول إلغاء عقوبة الإعدام، يُشرف عليه المجتمع المدني، ويشارك فيه أهل الرأي والاختصاص قصْد التناظر، مشدّدا على أنّ الحوار يجب أنْ تُقدّم فيه أوراق مكتوبة ومعلّلة بمختلف النصوص القانونية والدستورية وغيرها، وأنْ يكون المشاركون فيه من الخبراء القانونيين والأساتذة الجامعيين والحقوقيين والمختصين في المجال الجنائي. ويبدو أنّ المؤسسات المسؤولة عن إنفاذ القانون تسير نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام، إذ قال ممثل رئاسة النيابة العامة "إننا نستحضر المصلحة العليا للجميع بنفَس حقوقي، وسنتوجه إلى قضاة النيابة العامة بالتطبيق السليم للدستور، وجعلها منهاجا"، لافتا إلى أنّ التوجه العالمي يسير نحو إلغاء عقوبة الإعدام. من جهتهما، عبّر كل من سفير سويسرا وسفيرة النرويج بالمغرب عن دعمهما للجهود التي يبذلها الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في سبيل إلغاء هذه العقوبة، وقال سفير سويسرا إنّ عقوبة الإعدام "لا تضرب فقط حق الإنسان في الحياة، بل هي إهانة للكرامة الإنسانية"، معتبرا أنّ الجمع العام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام "سيكون خطوة جديدة في اتجاه إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب". واعتبر المتدخلون في الجلسة الافتتاحية للجمع العام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام أنّ هذه العقوبة لا تؤدّي إلى تقليص نسبة الجريمة، وقال منسق ائتلاف المحامين من أجل إلغاء عقوبة الإعدام إن القول "عقوبة الإعدام تُستغل للانتقام السياسي، وليس إدماج الجناة في المجتمع"، معتبرا أنّ إلغاء هذه العقوبة "يتطلب منا عملا شاقا، لغياب الإرادة السياسية لإلغائها".