خلف موضوع ظهور القيادية في حزب العدالة والتنمية آمنة ماء العينين بدون حجاب خارج التراب الوطني حروباً ضروسا بين قياديات حزبيات دارت رحاها على مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، من خلال "تدوينات" و"تدوينات مضادة". "نفاق سياسي" أشد الانتقادات جاءت على لسان الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، التي اعتبرت ظهور النائبة البرلمانية الإسلامية في وضعية لا تعكس خطابهما داخل المغرب يدخل في إطار "النفاق السياسي"، قائلة: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار". الزعيمة اليسارية، التي ترفض التنسيق أو العمل مع الإسلاميين، استغربت في موقفها المثير للجدل "المرجعية التي تنتمي إليها ماء العينين التي تُبيح ارتداء ملابس قصيرة في شوارع باريس، مقابل الدعوة إلى ارتداء الخنْشة داخل المغرب". وقالت الأمينة العاملة لل"PSU" لقد "بات من اللازم فضح تناقضات الإسلاميين؛ فالدين ملك للجميع، ولا يمكن القبول بأي شكل من الأشكال أسلمة المجتمع، بعدما كان في سبعينيات القرن الماضي مليئا بالشعراء والكتّاب والمثقفين". وفي خضم الحملة المستعرة ضد ماء العينين، أعادت صفحات متعاطفة مع نبيلة منيب نشر صورة لها في مدينة الشاون وهي ترتدي لباساً صيفياً يظهر يديها عاريتين، وتم التعليق على ذلك من طرف أحد النشطاء بالقول: "دون زيف ولا عقد انتهازية .. العزيزة نبيلة منيب في الشاون مدينة الشعر والحب والجمال وماشي في مدينة باريز". بدورها، دخلت النائبة البرلمانية عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حنان رحاب، على خط من اعتبر أن ما قامت به ماء العينين يدخل في إطار الحياة الخاصة والحرية الفردية. وقالت رحاب: "عندما نقرر اقتحام المجال العام تصبح الحرية في الحياة الشخصية أكثر تقيدا لأننا نكون ملزمين بنقل الصورة الصحيحة والواضحة عن الأفكار والقناعات التي كانت سببا في ولوجنا للفضاء العام، وخاصة إذا ما تعلق الأمر بمنتخبين يختارهم الشعب انطلاقا من رؤاهم السياسية التي قدموها له كعرض سياسي". واعتبرت الاتحادية أن من حق ماء العينين أن تقوم بمراجعات "لكن ليس من حريتك أن تلجأ إلى التدليس والكذب من أجل الالتفاف على مفاهيم نبيلة اجتهدت الإنسانية في تطويرها"، مشيرة إلى أن "الحرية تقتضي قبل كل شيء توفر عناصر النزاهة والصدق والوضوح في المطالب بها والمدافع عنها". سهام الانتقادات تجاه ماء العينين لم تصدر فقط عن المعارضين لمرجعية حزب العدالة والتنمية، بل أيضا عن زميلاتها المحجبات في البرلمان والحزب بعد إقرارها ضمنيا بصحة الصور المتداولة. عتاب إخواني وقالت إيمان اليعقوبي، النائبة البرلمانية عن "البيجيدي"، في تدوينة نشرتها على صفحتها بموقع "فيسبوك"، إن ما قامت به ماء العينين ليس تصرف الشخصية العمومية، مشيرةً إلى أن "قرار نزع الحجاب لا يكون بوضعه في مكان والتخلص منه في مكان آخر. فإن كان هذا مقبولًا لإنسان عاد فهو غير مقبول من شخصية عامة". وأضافت اليعقوبي، في رسالتها إلى ماء العينين، قائلةً: "الأخت أمينة، لم يجادل أحد في حقك نزع الحجاب، لكن الكيف والطريقة مهمة. فالمطلوب لم يكن النزع لكن الوضوح التام مع المواطن"، وشددت على ضرورة الصدق مع "من صوّت عليها". على المنوال نفسه، سارت رئيسة مقاطعة تابريكت في سلا، كريمة بوتخيل، المنتمية إلى حزب العدالة والتنمية، التي سحبت تضامنها مع ماء العينين بعدما تبين أن الصور حقيقية وغير مفبركة. وقالت في تدوينة: "لا أعتقد أن أحدا يمكنه أن يقنعني أن الالتزام بلباس له رمزيته، وإن اختلفنا عن معاييره وأشكاله والتلاعب بلبسه هنا ونفضه نفضا هناك من أي شخص كان، والأدهى أن يكون حاملا لمشروع إصلاحي يفترض فيه الوضوح في السر والعلانية والقوة في المبادئ والسلوك، يدخل في خانة الحريات الخاصة. بل هو ضرب في عمق معاني الحريات الخاصة". تضامن حقوقي في مقابل ذلك، عبرت الناشطة الحقوقية لطيفة البوحسيني عن تضامنها مع ماء العينين، وقالت إن ما تتعرض له هو "محاولة بئيسة ومنحطة وبليدة لتشويه سمعتها بسبب جرأتها في التعبير عن مواقفها واطلاعها بمهامها الحزبية والسياسية". وزادت: "ما تتعرض له أمينة هو محاولة رخيصة وبئيسة ممن استباحوا كل شيء... وهو أحد عناوين البؤس والانحطاط الذي تعيشه بلادنا والذي يتطلب يقظة وصحوة كل الأصوات الحرة كيفما كان انتماؤها". حفيظة فرفاشي، قيادية نسائية في جماعة العدل والإحسان الإسلامية، اعتبرت بدورها أن ما تتعرض له الشابة الإسلامية هو "تشهير مجاني يعرض حياتها الخاصة للقيل والقال من كل من هب ودب ويضعها تحت المجهر". وأوردت المتحدثة أن "حملات التشويه التي تتعرض لها النساء خلال بروزهن في الحياة السياسية هي قتل رمزي وزواجر تجعل أي امرأة كيفما كانت توجهاتها وقناعاتها الفكرية والسياسية تفكر ألف مرة قبل المشاركة في الشأن العام، سلاح يعيه المخزن جيدا ويوظفه ببشاعة للجم أو تصفية المزعجات".