في الوقت الذي يشهد فيه المغرب نقاشا واسعا حول مسألة احترام الخصوصيات الفردية للشخصيات العمومية، وللمواطنين عموماً، وانتشار ممارسات صحافية يعتبرها البعض تدخل ضمن "صحافة التشهير"، أعلن المجلس الوطني للصحافة عن شروعه في إعداد ميثاق لأخلاقيات المهنة. ودعا مجلس الصحافة إلى مساهمة جميع المهتمين والتركيز على القضايا ذات الأولوية في صياغة هذا الميثاق، من قبيل "المسؤولية المهنية في البحث ونقل الحقيقة، ومواجهة الإشاعة والتضليل والتحريف والإساءة لكرامة الأشخاص وحياتهم وصورتهم الخاصة، واحترام قرينة البراءة، والعمل بكل قواعد التعدد والتوازن، ومحاربة خطاب الكراهية والإشادة أو الدعوة للعنف، وحماية القاصرين وعدم التمييز بسبب الجنس أو الانتماء العرقي أو الديني، والامتناع عن ترويج البذاءة والخلاعة". يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، قال إن "المجلس حريص على إشراك المهنيين والهيئات الأخرى المهتمة بحرية التعبير وحقوق الإنسان والفكر والمرأة والثقافة في صياغة هذا الميثاق"، مشيرا إلى أن المجلس يعكف حاليا على القيام بدراسات مقارنة وما هو معمول به في المواثيق الدولية والتجارب العالمية، وأيضا الوقوف على التراكمات المغربية في هذا المجال. وأضاف مجاهد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المجلس الوطني للصحافة سيشرع في مخاطبة المؤسسات الإعلامية لفتح نقاشات واسعة داخلها حول ميثاق أخلاقيات الصحافة، "علماً أن عددا كبيرا من المقاولات الإعلامية تتوفر على مواثيق خاصة بها ويمكن الاستفادة من التراكمات التي حققتها". وحول النقاش الرائج بخصوص الحق في الصورة، أوضح مجاهد أن هذا الإشكال بدأ يبرز أساسا مع التطور التكنولوجي في مواقع التواصل الاجتماعي في العالم وليس فقط في المغرب، وهو ما يقتضي ملاءمة المواثيق والممارسات المهنية الجيدة مع هذه المستجدات الجديدة. وأكد المتحدث أن المجلس الوطني للصحافة "سيخصص حيزا كبيرا لمناقشة مسألة الحياة الشخصية، والحق في الصورة، وانتشار الأخبار الكاذبة، من خلال الانفتاح على تجارب عالمية، وكيفية معالجة هذه الإشكالات المعقدة". وبخصوص العقوبات المنتظرة بعد اعتماد ميثاق أخلاقيات المهنة ونشره في الجريدة الرسمية، أورد مجاهد أن المجلس الوطني للصحافة سينطلق من صلاحياته القانونية لردع المخالفين؛ وذلك من خلال التنبيه والتوبيخ وصولاً إلى سحب بطاقة الصحافة بصفة مؤقتة أو بصفة أطول. كما أن المقاولات الإعلامية، يضيف المتحدث، معرضة لعقوبات في حالة مخالفتها القوانين والأخلاقيات. وخلص مجاهد إلى أن المجلس الوطني للصحافة "يتمنى ألا يصل إلى مرحلة العقوبات الردعية، لكنه يعول على الحوار والقيام بعمل جماعي توعوي وتربوي وفتح نقاشات واسعة وعقد ندوات لمناقشة الإشكالات المطروحة، وصولاً إلى الزجر في حق المخالفين؛ لأن الأمر يتعلق بمسؤولية اجتماعية وقانونية". وقال المجلس الوطني للصحافة، في بلاغ أصدره حول الموضوع، إن احترام الأخلاقيات "يعتبر من صميم المسؤولية الاجتماعية للصحافيين، حيث كرست التقاليد المهنية الدولية الراقية هذا المبدأ ووضعت له مواثيق، رغم اختلاف بنودها، إلا أنها تتوافق كلها على أن الصحافة مهنة نبيلة، وأنها تنطلق من أحقية الجمهور في تلقي الأخبار والمعطيات الصحيحة والتعليق الجيد والتحليل الرصين، والصدق والنزاهة في الممارسة المهنية". وتمنع هذه المواثيق، يضيف المصدر ذاته، "كل ما يمكن أَن يسيء لكرامة الناس، بنشر الإشاعات والاتهامات الباطلة ضدهم أو التشهير والتحامل عليهم، كما تعتبر أن القرصنة والابتزاز والتضليل أو التحايل على الجمهور، كلها ممارسات مرفوضة يجب التصدي لها".