بعد مرور أكثر من أسبوع على الحادث الأليم لمقتل السائحتين الإسكندنافيتين في منطقة إمليل نواحي مراكش، وبعد المعلومات الأمنية التي كشفها المكتب المركزي للأبحاث القضائية والناطق الرسمي باسم الأمن الوطني ووزير الداخلية وأحاديث صحافية متعددة من أهالي وجيران المشتبه فيهم، فإن الصورة أصبحت أكثر وضوحا من أجل تقديم مجموعة من المفاتيح لأجل فهم هذه العملية الإرهابية. ونجملها في أحد عشر مفتاحا، كالآتي: أولا: تندرج هذه العملية الإرهابية، حسب بعض المؤرخين لتاريخ الإرهاب الجهادي، تحت ما يسمى بالجيل الثالث للعمليات الإرهابية، والذي يقوم على إستراتيجية الذئب المنفرد كما نظّر لها أبو أنس الأندلسي، أحد قادة التنظيم، في رسالة بذلك العنوان. وهي إستراتيجية تقوم على اتباع الفكر لا على اتباع التنظيم (هكذا نفهم نفي السلطات الأمنية ارتباط المنفذين بداعش، أي تنظيم داعش)، فهذه الإستراتيجية تنبني على التحرك المنفرد للعنصر المتشبع بإيديولوجية ودعاية داعش إلى العمل الإرهابي دون الحاجة إلى التنسيق مع قادة مركزيين أو التمويل من التنظيم. كما أنه يختار الزمان والمكان والهدف بكامل الاستقلالية، والتنفيذ بالسلاح المتاح والسهل، فالعادة في هذه العمليات عنصر المفاجأة. فضلا عن ذلك، فإن الذئب المنفرد لا تكون له في الغالب سوابق إرهابية معروفة أمنيا (مثلا واحد فقط من المنفذين الرئيسيين الأربعة لعملية إمليل قضى عقوبة في قضية تتعلق بالإرهاب سنة 2014). لذلك يكون من الصعب على الأجهزة الأمنية كشف هؤلاء العناصر. ومنذ تراجع تنظيم الدولة في العراق وسوريا ونجاح الأجهزة الأمنية في تفكيك العديد من الخلايا في مختلف الدول أصبحت استراتيجية الذئب المنفرد هي الطريقة الأساسية لداعش في تنفيذ عملياتها حول العالم. لذلك، يُلاحظ في السنتين الأخيريتين أن معظم عمليات داعش من هذا النوع، وآخرها عملية ستراسبورغ قبل أيام، التي أودت بأربعة أشخاص و11 جريحا. ثانيا: لا ينبغي أن نتجاهل أن "داعش" تُصنف المغرب ضمن الدول العدوة المستهدفة في حربها، وتضعه بالضبط في دائرة دول "النكاية والإنهاك" (باعتبار أن داعش تعطي الأولوية "للعدو القريب" عكس القاعدة التي تعطي الأولوية "للعدو البعيد"/الغرب)، وهي المرحلة التي تسبق مرحلة "إدارة التوحش"، فدول النكاية والإنهاك تتميز فيها الدولة الوطنية بالقوة وصعوبة الاختراق. لذلك، تكون الغاية من العمليات التي توجه إلى هذه الدول - حسب كتاب إدارة التوحش لأبي بكر ناجي أحد منظري التنظيم- من جهة أولى "إضعاف الدولة وإنهاكها وتشتيت جهودها والعمل على جعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها بعمليات وإن كانت صغيرة الحجم أو الأثر- ولو ضربة عصا على رأس صليبي- إلا أن انتشارها وتصاعديتها سيكون لهما تأثير على المدى الطويل". ومن جهة ثانية "جذب شباب جدد للعمل الجهادي عن طريق القيام كل فترة زمنية مناسبة من حيث التوقيت والقدرة بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس". ومن جهة ثالثة "الارتقاء بمجموعات النكاية (أي الخلايا بالتعبير الأمني) بالتدريب والممارسة العملية ليكونوا مهيئين نفسيا وعمليا لمرحلة إدارة التوحش". فالمغرب، إذن، هدف من أهداف داعش، والتهديد قائم في كل لحظة. ثالثا: مع تراجع المساحات التي تسيطر عليها داعش على الأرض في كل من العراق وسوريا، فإنها تقوم بتعويض فقدان الأرض الجغرافية بالأرض الافتراضية، فتتوسع وتنشط في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي (وأيضا تطبيق تلغرام مسنجر الروسي للرسائل الآمنة المتميز بأنه يتلف المحادثات تلقائيا بعد انتهاء الاتصال) خاصة الفايسبوك الذي يمثل المنصة الأكثر استعمالا لأفراد داعش، حيث تستخدمها للدعاية والاستقطاب والتجنيد وحشد المتطرفين الجدد والتخطيط وتنسيق الهجمات. وحسب العديد من المتخصصين، فإن استعمال داعش للفايسبوك يتميز بكثير من الاحترافية والمهارة إلى درجة أن هناك اعترافا بأن شركة فايسبوك عجزت عن كشف محتوى داعش بشكل فعال وشامل ومنع عرض المحتوى المؤيد وتسهيل كشف نشاط داعش. من المؤكد أن عملية إمليل لعبت فيها وسائل التواصل الاجتماعي دورا أساسيا، سواء من ناحية التشبع بالإيديولوجيا وتواصل هؤلاء الشباب مع جهات الاستقطاب. وقد رصد مرصد الشمال لحقوق الإنسان في تقرير أنجز سنة 2015 أن 60% من الملتحقين بداعش من جهة طنجةتطوان كانوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو احتمال ترصد إحدى السائحتين التي أعلنت قبل أيام نية زيارتها جبل توبقال في صفحتها الفايسبوكية (يبقى على عاتق السلطات الأمنية المغربية والدنماركية كشف قائمة من تواصل معها من فترة إعلان الزيارة إلى يوم العملية)، أو تسجيل المنفذين فيديو المبايعة تحت علَم داعش وتعميمه، أو تصوير فيديو العملية وترويجه في وسائل التواصل الاجتماعي (فايسبوك وواتساب ويوتيوب). رابعا: قصد منفذو عملية إمليل الإرهابية أن تكون في غاية الوحشية، فحسب مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، فقد تم طعن السائحتين وقطع رأسيهما. وهذا من أساسيات الفعل الإرهابي لداعش، فهم يحرصون على أشد طرق القتل وحشية وبشاعة ليظهر المنفذ بصورة البطل الشجاع الذي لا يهاب الدم والأشلاء، ويتمم هذه العملية بإخراج مسرحي يصور بالفيديو تفاصيل العملية ، والغرض من ذلك أمران: من ناحية أولى، بث الرعب والذعر داخل المجتمع، فالتصوير هو الوسيلة الأساسية للانتشار الفعّال في وسائل التواصل الاجتماعي، أي الفضاء الحقيقي لإظهار القوة والبأس. ومن ناحية أخرى إعطاء النموذج لاستقطاب أعداد أخرى من المتطرفين، إذ يبقى التصوير مرة أخرى وسيلة لاصطياد عناصر جديدة. فعملية القتل والتنكيل بدون تصوير كأنها عملية لم تحقق كل أهدافها في إستراتيجية داعش. خامسا: تبين أن هؤلاء المنفذين ينحدرون من أحياء حضرية هامشية في مراكش (المشتبه فيهم الأربعة الرئيسيون يقطنون في كل من العزوزية والجنانات ودرب زروال ودوار القايد حربيل)، وكلنا يتذكر أن معظم المتورطين في عمليات إرهابية سابقة بالمغرب يقطنون وتلقوا تنشئتهم الاجتماعية في أحياء هامشية تعاني الفقر وضعف الخدمات وصعوبة الولوج إلى بنيات التعليم والصحة والترفيه... إلخ. وهذا يثير دور عامل الفقر والإقصاء في إنتاج الشخصية الإرهابية؛ فهذا العامل ليس حاسما في نظري، ولكنه إذا التقى مع عامل تشبع الشخص بالفكر المتطرف، وعامل التواصل مع جهات الاستقطاب الإيديولوجي، يصبح عاملا محوريا في إذكاء الشعور بالقهر والاحتقار والظلم، وهو الحبل الذي تستغله الجماعات المتطرفة عموما للاستقطاب. سادسا: لا يجدر تجاهل البعد السيكولوجي المرَضي في شخصية المتطرف العنيف؛ فتقلباته بين أنماط الحياة تعكس هشاشته النفسية. وفي أبحاث فرهاد خوسروخافار حول سجناء الإرهاب في فرنسا، ظهر أن البعد النفسي المرَضي يمس 40 % من المتطرفين المعتقلين. ويتحدث فتحي بنسلامة أن كثيرا من المتطرفين المسلمين الذين قابلهم خلال عمله السريري في فرنسا تَظهر عليهم علامات من قبيل تبلد الإحساس واللامبالاة والتنقيص من الذات والشعور بالضعف والخجل، واعتبار أنفسهم مثل "لا شيء" وهو ما يسميه أحد المحللين النفسيين الفرنسيين ب"اكتئاب النقص" (Dépression d'infériorité)، هنا يأتي التطرف كرد فعل في جانب الهوية نابع من شعورهم بأنهم غير مسلمين بالقدر الكافي، وهو ما يسميه المحلل النفسي فتحي بنسلامة بمشكلة "المسلم الأعلى" (Surmusulman)، ما يدفعهم إلى التشدد والتوغل في التدين إلى درجة استرخاص التضحية بالنفس. بهذا المعنى نفهم تصريح أحد أقارب عبد الصمد الجود، أمير خلية إمليل، بأنه كان يقول في الأيام الأخيرة: "إذا سأل عني أي شخص فأجيبوه بأنني ميت". فقد وصل قبل تنفيذ العملية إلى مرحلة عدم الرضا على الذات والإحساس بال"لا شيء"، والتوثب لفعل عمل عظيم في ظنه، بما في ذلك الاستعداد التام للتضحية بنفسه، وذلك كتعبير عن توقه لبلوغ درجة "المسلم الأعلى". سابعا: مختلف الدراسات التي أنجزت عن بروفايلات الجهاديين الذين نفذوا عمليات إرهابية في السنتين الأخيرتين أثبتت أن معارفهم الدينية جد ضئيلة، وأن التزامهم الديني لم تمض عليه إلا شهور قليلة قبل تنفيذ عملياتهم الإرهابية. تحكي زوجة عبد الرحمن الخيالي، الذي غادر مقاعد التمدرس في السنة السابعة إعدادي، عن زوجها: "تزوجت بعبد الرحمن عام 2010، ورغم أني من عائلة محافظة، وأرتدي النقاب قبل زواجنا، قبلت الارتباط بعبد الرحمان الشاب الطبيعي الذي لم يكن يطلق لحيته حينها، بل كان يدخن ويشرب الخمر، ودخلنا في خصام أكثر من مرة بسبب هذا الأمر". ويؤكد أحد جيرانه أن عبد الرحمن "لم يكن ملتزما ولم يكن يطلق لحيته. كان يتردد من حين إلى آخر على بيت أحد أصدقائه لشرب الخمر، لأنه كان من الصعب قيامه بذلك في بيت زوجته الملتزمة دينياً أو في بيت والديه، وقد ظهر عليه التحول قبل أزيد من سنتين". فالتحول، إذن، كان سريعا من حياة الفتوة إلى التدين المتطرف، ويرافق هذا التحول نقد أسلوب التدين والحياة للمحيطين من أفراد العائلة أو الأصدقاء، يقول أحد جيران عبد الرحمن: "عندما ظهرت عليه علامات التشدد في الدين، كثرت مشاكله مع عائلته، كنا نسمع دائماً أصوات الصراخ تصدر من بيت والديه. وكان الحديث يصل إلينا من حين إلى الآخر، بسبب الفضاء المفتوح بين بيتنا وبيتهم. وكان يلوم عائلته على أسلوب حياتهم الذي أصبح يعتبره حراماً في حرام، وكان يدفع أخواته الثلاثة إلى ارتداء النقاب، ويعتبرهن متبرجات". تؤكد هذه المعطيات الميدانية أن هؤلاء المنفذين ليس لهم تعليم ديني نظامي، وأنهم تحولوا إلى التدين ثم التطرف بشكل سريع عبر المحتوى الإرهابي الرائج في وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى جماعة الأقران (عبد الصمد الجود هو من استقطب كل الأفراد الآخرين، يونس وازياد ورشيد أفاطي وعبد الرحمن الخيالي). ثامنا: من النقاط العصية على التتبع والرصد الأمني هي مسألة دينامية الانتقال من التطرف إلى التطرف العنيف، فالأكيد أن الشخص المتطرف قد تبدو عليه علامات السلوك المتطرف (إحدى قريبات أحد المشتبه فيهم صرحت بأن قريبها منذ فترة لم يعد يصافح النساء وأعفى لحيته واختار اللباس الأفغاني وتغيرت لغته المستعملة وانعزل اجتماعيا، وأخرى صرحت بأن زوجها لا يَسمح لها باستعمال الهاتف...الخ). هذه السلوكات تبدو متطرفة ويشتركون فيها مع كثيرين غير عنيفين يعيشون داخل المجتمع، لكن، كيف تتطور إلى تطرف عنيف؟ ما هي الشروط التي تؤدي إلى التحول إلى العنف المادي؟ من الواضح أن نقطة التحول تتم عبر آلية غسيل الدماغ، والتي تتم عبر مرحلتين متوازيتين؛ الأولى، فصل المتطرف عن محيطه الاجتماعي، يقول أحد جيران رشيد أفاطي: "لاحظنا التحول في سلوك رشيد قبل سنة تقريبا وازداد حدة قبل أربعة أشهر، حيث صار يميل إلى العزلة والوحدة ولم يعد يلقي علينا السلام أو يرد السلام، وينظر إلينا بنظرات حادة خلال مروره بقربنا". وفي المعنى نفسه يقول أحد جيران عبد الصمد أنه "لم يعد يصلي معنا في المسجد". والثانية، إغراق المتطرف بشكل مكثف خلال ظرف زمني قصير نسبيا بصور وفيديوهات منتقاة (لا ننسى أن داعش أنتج عشرات الأفلام الوثائقية العالية الجودة للدعاية، وقد صرحت زوجة عبد الرحمن الخيالي بأن في بيتها لا توجد أية كتب دينية سوى المصحف وكتاب صحيح البخاري، وهو ما يعني أن مصادر التعبئة الحاسمة تعود إلى هذه المواد البصرية بالدرجة الأولى) عن بؤس عالم المسلمين واضطهاد الأنظمة الحاكمة والاستكبار الغربي، إلى درجة أن يتوهم المتطرف نفسه المرشح "للانتقام للأمة الإسلامية المعذّبة"، وفي الوقت نفسه خلق طوبى العالَم الجديد، أي أرض الخلافة التي يُقام فيها الدين الحق ويعمّ فيها الرخاء والعدل.. إذن، لا يبقى في ظن المتطرف سوى خطوة واحدة هي التضحية بالنفس في سبيل هذه الغاية، فإما تحقيق ذلك، وهو النصر والتمكين، وإما فالشهادة والفوز بالجنة، والموت في هذه الحالة لا يشكل للمتطرف الذي غُسل دماغه من خلال مرحلتي الفصل والإغراق أي خوف، إنه أعز ما يُطلب وأسمى الأماني. تاسعا: لاحظنا من تصريحات أولياء وأقارب وجيران المشتبه فيهم غياب الحاضنة الاجتماعية، حيث لا أحد يتعاطف مع أعمالهم الإرهابية (على الرغم من أننا للأسف رأينا من أشاد على وسائل التواصل الاجتماعي)، فنحن لسنا أمام ما يسمى ب"جهاد العائلة" المعروف عن داعش تشجيعه، لكن غياب الحاضنة الاجتماعية لا ينفي وجود البيئة المُنتجة، والمقصود هو شيوع فكر التطرف واللاتسامح والإقصاء الفكري في المجتمع، والذي يوفر الاستعدادات النفسية للانخراط في التطرف العنيف في حال توفرت الإمكانات التي ذكرت بعضها أعلاه. ذ وهنا، لا بد أن يتم العمل بشكل تشاركي بين السلطات الأمنية وفاعلين مدنيين وأسر المتطرفين على بناء سُلم لدرجات التطرف، يحدد علامات التطرف من الخطيرة إلى الأقل خطورة (يمكن الاستفادة من تجربة فرنسا في هذا الباب، وأيضا تجربة بلدية آرهوس بالدانمارك). عاشرا: حسب المعطيات الأمنية، فإن أحد الأشخاص المشتبه فيهم، وهو عبد الصمد الجود، قضى عقوبة حبسية نافذة مدتها عام كامل سنة 2014 لدى محاولته مغادرة التراب الوطني في اتجاه تنظيم الدولة بسوريا، وهو الرجل الذي عمل على استقطاب باقي العناصر الأخرى حسب الناطق الرسمي باسم الأمن الوطني، مما يطرح تساؤلات عن مدى فعالية برامج إعادة تأهيل سجناء الإرهاب والتطرف العنيف، والسياسات الأمنية المعتمدة في متابعة العناصر المتطرفة التي غادرت السجون. من المعروف دوليا حسب عدة دراسات وشهادات أن قادة وأتباع التنظيمات المتطرفة سبق أن قضوا عقوبات سجنية، وهذا يعني أن السجن قد يشكل لحظة لتجذر التطرف في فكر الإرهابيين أكثر مما يجعلها لحظة لإعادة مساءلة القناعات المتطرفة ونقدها. مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنه في المغرب لم تسجل أية حالة عودة إلى ساحات القتال من بين المستفيدين من البرامج التأهيلية داخل السجون، سواء تعلق الأمر بالبرامج الوقائية مثل برنامج التثقيف بالنظير الذي أشرفت عليه الرابطة المحمدية للعلماء، أو برامج فك الارتباط والتعافي من الفكر المتطرف مثل برنامج مصالحة الذي يعد برنامجا متكاملا في تعاطيه مع سجناء الإرهاب. يمكن التساؤل: هل عبد الصمد الجود كان أحد المستفيدين من هذه البرامج أم لا؟، لكن من الممكن أن عدم رجوع بعضهم يعود إلى صعوبات حدودية، ولا يعني أنهم تخلوا عن قناعات التطرف العنيف، فليست هناك مؤشرات حاسمة في أن الشخص ترك التطرف العنيف إلا في حال الإعلان عن انخراطه الاجتماعي ونبذ كل أشكال التطرف والعنف. في المحصلة، إن ما يسمى ببرامج "الخروج من التطرف" عمل لا زال يحتاج إلى كثير من الجهود الأمنية والمدنية. أحد عشر: يظل العمل الأمني محوريا في مواجهة التطرف العنيف والإرهاب، فمنذ تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية سنة 2015 إلى اليوم، تم تفكيك حوالي 60 خلية (أما إذا أحصينا عدد الخلايا المفككة منذ 2002 فالعدد يناهز 361 خلية)، وهذا يعني أن العمل الأمني جنّب المغرب عشرات العمليات الإرهابية المحتملة. ولا ينبغي أن نغفل دور التشريعات المُمهِدة للعمل الأمني الفعّال، مثل قانون مكافحة الإرهاب سنة 2003 ثم القانون المتمم لمقتضيات القانون الجنائي سنة 2014 في أعقاب تزايد عدد المقاتلين المتوجهين إلى صفوف تنظيم الدولة؛ فالعمل التشريعي والأمني يظلان ضروريين لمواجهة التطرف والإرهاب، على المديين القصير والمتوسط. * أستاذ علم الاجتماع