ذكّر فريديريك غوستافسن، مؤرخ سينمائي، بالفيلم الذي صوره إينغمار بيرغمان، المخرج السويدي ذائع الصيت، في الدارالبيضاء وطنجة في خمسينات القرن الماضي. وقال غوستافسن، بالمعهد العالي للمهن السمعية البصرية والسينما بالعاصمة الرباط، إن بيرغمان كان يريد مشاهدة كل الأفلام من مختلف مناطق العالم رغم عدم إعجابه بها كلها، لأنه كان يرى أن هناك دائما شيئا يمكن تعلمه منها. وأوضح مؤرخ السينما، الذي حضر بالرباط في إطار احتفاء السفارة السويدية والمركز السينمائي المغربي بمئوية بيرغمان، أن المخرج السويدي، الذي بدأ عمله في المسرح في سن ال 19، ظل وفيا لأب الفنون الذي كان يرى فيه زوجته الوفية، بينما كان يصف السينما بخليلته. وتحدث غوستافسن عن حياة وحركة السينما السويدية في الأربعينات و"موجتها الجديدة"، موضحا أن الناس كانوا يذهبون إلى السينما هروبا من الحرب العالمية الثانية رغم البرد، وهو ما جعل كل الأفلام تحصد إيرادات كبيرة، وهي أفلام تجريبية كانت تناقش مواضيع كبيرة، وتقارب المجتمع بطريقة نقدية، معتبرا أنها كانت موجة جديدة في السينما السويدية التي شكل بيرغمان جزء مهما منها. المخرج الراحل الذي تربع على عرش السينما السويدية كان، بحسب المتحدث، قارئا للسيناريوهات مكلّفا بتحديد مدى صلاحيتها لتحويلها إلى أفلام، وهو ما وجده مملا وقرر كتابة السيناريو، مؤكدا في هذا السياق انشغال بيرغمان وكثرة عمله طيلة حياته. وناقش المؤرخ تنافس أيكمان، الذي كان يعتبر أحسن مخرج سويدي قبل ظهور بيرغمان، مع هذا الأخير، مشيرا إلى تناوبهما لمدة على الظفر بالمرتبة الأولى أو الثانية لجائزة أحسن فيلم سويدي. ووجد المتحدث في هذا التنافس تأثيرا على المخرجيْن تحكم في أفلامهما التي كانا يتنافسان فيها حول أمور من بينها طول اللقطات. بيرغمان، الذي أخرج أفلاما أصبحت من عيون السينما العالمية، مثل "بيرسونا"، جعله فوزه الأول في مهرجان "كان" الدولي للسينما، حسب غوستافسن، مخرجا معترفا به، وهو ما دفع أيكمان إلى الاعتراف بأنه شاهد الفيلم الفائز ووجد أنه جيد جدا، وأقر بفوز بيرغمان بالمنافسة وبتعبه من خوضها. واستحضر مؤرخ السينما خلال حديثه عن رحلة بيرغمان داخل حقائق النفس بحث هذا المخرج عن أسلوب في أربعينات القرن الماضي، وتحوله إلى تعبيري مرتاح في أسلوبه في الخمسينات، قبل تحوله إلى معتدل أكثر فأكثر في الستينات مع شهرته التي كانت في تزايد. وعرج المتحدث على مشاكل شخصية أثرت في المخرج السويدي نفسيا، من قبيل اتهامه بالتهرب الضريبي واعتقاله، ثم تبرئته بعد ذلك، واختياره بعدها الانتقال إلى ألمانيا رغم دعوات الاستقرار التي وجهت إليه من مختلف دول العالم، ثم العودة إلى بلده. وفي ختام حديثه، تطرق فريديريك غوستافسن للفيلم الأخير ليبرغمان في سنة 2003، الذي كان آخر العنقود في مسيرة بيرغمان السينمائية.