انتقادات شديدة خلفها موقف تضامن وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان القيادي في حزب العدالة والتنمية، المصطفى الرميد، مع زميله المستشار البرلماني القيادي في الحزب، عبد العالي حامي الدين، على خلفية إعادة متابعته بتهمة "المشاركة في القتل العمد" في قضية الطالب القاعدي آيت الجيد محمد بنعيسى، وتناسيه التعليق على ملفات شائكة، يتقدمها معتقلو الريف وحراك جرادة. واستغرب المعلقون الازدواجية التي تعامل بها "الوزير الإسلامي" مع القضايا، معتبرين دفاعه عن حامي الدين وتناسيه العديد من ملفات المواطنين والمعتقلين غير مقبول، مشددين على أن "صفة الوزير تقتضي أخد المسافة نفسها من كل القضايا، والدفاع عنها بروح المواطنة الحقة، وتجاوز الاصطفافات السياسية الضيقة". من جانبها، أوردت تعاليق مقربة من مصطفى الرميد أن "الوزير ناقش معطيات قانونية صرفة، فمن غير المقبول إعادة محاكمة الشخص مرتين بعد أن تمت تبرئته في وقت سابق"، مستحضرة تعليقه على واقعة تعرية قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، مشيرة إلى أن "النقاش في قضية حامي الدين مرتبط بالقانون وتنفيذه، وليس بالمحاكمة والإدانة". نعيمة الكلاف، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي حراك الريف، قالت إن "الرميد مسؤول داخل الدولة، ولم يتدخل في أكبر ملف تشهده البلاد خلال السنوات الأخيرة الماضية، وهو حراك الريف، رغم تصريح العديد من المعتقلين بأنهم تعرضوا للتعذيب، وبرر ذلك بعدم التدخل في شؤون القضاء وأبدى ثقته الكاملة في قراراته". وأضافت الكلاف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه "عندما تعلق الأمر بفرد من حزب العدالة والتنمية، انبرى الرميد من أجل الدفاع والضغط على القضاء، علما أن الجهاز القضائي الذي قضى بسجن معتقلي الريف، هو نفسه الذي أعاد متابعة حامي الدين في قضية الطالب آيت الجيد بنعيسى". وأكدت المحامية ذاتها أن "القانون الجنائي واضح في هذا الباب، ويمنع كل المحاولات من أجل التأثير أو تهديد القضاء واستقلاليته، سواء من خلال تصريحات الوزير، أو من خلال بيانات الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية"، مسجلة أن "جميع المواطنين سواسية أمام القانون، فحامي الدين مواطن يسري عليه القانون نفسه الذي يطبق على الآخرين دون استثناء". وطالبت المتحدثة ب"توفير الاستقلالية للقضاء؛ حيث لا توجد شخصية مقدسة أو فوق القانون واستثنائية، والفصل 109 من الدستور المغربي واضح في هذا الإطار"، مشددة على أن "خرجة الرميد تكشف أن الناس ليسوا سواسية أمام القضاء المغربي". وفي تعليق على هذا الموقف، قال مصدر قضائي، في تصريح لهسبريس، إن "وزير العدل والحريات السابق ربما اختلطت عليه المفاهيم القانونية، إما بسبب حماسته أو اندفاعه، فأعطى تأويلا مغلوطا، تتمازج فيه الذاتية والسطحية، للمقتضى القانوني الذي ينص على سبقية البت". وأضاف أن "الفقرة الثانية من المادة 369 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، التي تكرس قاعدة سبقية البت، تنص على أنّ كل متهم حكم ببراءته، أو بإعفائه، لا يمكن أن يتابع بعد ذلك من أجل نفس الوقائع، ولو وصفت بوصف قانوني آخر. المشرع المغربي يعتبر سبقية البت قاعدة قانونية مُقيدة، وليست عامة". وزاد المصدر القضائي أن "المتهم المحكوم عليه بالبراءة أو الإعفاء يستفيد من هذه المادة. وبمفهوم المخالفة، فإن المدان بغرامة أو عقوبة حبسية أو سجنية يمكن أن يتابع قضائيا من أجل نفس الأفعال إذا ما ظهرت قرائن أو أدلة جديدة". واعتبر المصدر غير الراغب في كشف هويته للعموم أن "عبد العالي حامي الدين لم يكن محل حكم بالبراءة أو الإعفاء، حسب ما اشترطه المشرع، وإنما أدين من أجل الأفعال الإجرامية المنسوبة إليه بعقوبة مخففة بسبب انتفاء قرائن وأدلة لم تظهر وقتها".