حذّر البشير الدخيل، أحد مُؤسسي جبهة البوليساريو، من مغبّة تهميش سكان الصحراء وإبعادهم منَ النِّقاش الذي يهمُّ "مُستقبلهم ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي"، مُشيراً إلى أنَّهُ لامسَ "تصغيراً لدور الصحراوي، الذي يوجدُ في قلبِ النّزاعِ، والذي حاربَ أجدادهُ من أجلِ تحرير البلاد". يأتي هذا التحذير بعد انتهاءِ أشغال الجلسة الثانية والأخيرة من محادثات المائدة المستديرة المنعقدة بمدينة جنيف السويسرية، برئاسة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هورست كولر، وبمشاركة جميع أطراف النزاع الإقليمي حول الصحراء. وأضافَ الوجه الصحراوي البارز، في كلمة له ضمن أشغال اللقاء الوطني، الذي نظمته، أمس، مؤسسة الفقيه التطواني حول قضية الصحراء، أنَّ "الصحراوي لا قيمة لهُ في الرباط"، قبل أن يتساءل: "هل لدينا الحقوق والواجبات نفسها بالمقارنة مع باقي المواطنين؟ ولماذا يُنظر إلينا بهذه النظرة الإقصائية؟"، مضيفا "إنهم لا يعترفون بِنَا كمغاربة". ويحكي الدخيل أنه تعرّض "لمواقف كثيرة أثبتت أنَّ الصحراوي مُهمّش، فيوماً كنتُ على مستوى شارع فال بن عمير بالرباط، وصادفني شخصٌ قائلاً: "انت مُثقف ديالهم"، في إشارة منه إلى جبهة البوليساريو". ودعا الدخيل في هذا الصدد إلى "سياسة إصلاحية حقيقية لتجاوز حالة الانتظار التي تسيطر على نفوس المواطنين". وأوضح الدخيل أنَّ "ساكنة الصحراء لا تنتظرُ الطرق والعمارات والكريمات، وإنما الاهتمام بالإنسان وإشراكه في النقاش لأنَّ ذلك يهمّه هو ومستقبل أبنائه"، مضيفاً أنه "يجب أنْ نعرف إلى أين نمضي، وأن نغير هذا الخطاب الإقصائي". ودعا القيادي السابق في جبهة البوليساريو إلى "صَحْرَوَةْ" المشكل الممتد على طول أربعين سنة، و"التعاطي بجدية مع الموضوع من خلال إقحام الصحراويين في المفاوضات لأن المعني الأول بالنزاع هم الصحراويون"، مبرزاً أن "خطاب الماضي لم يقدم شيئا واللي يتصالح ما يتشرط". ودعا الدخيل إلى "الاهتمام بالطرف الآخر من الصحراويين العالقين في تندوف، وهي جماعات غير ممثلة داخل البوليساريو"، قبل أن يشير إلى أن "هناك لاجئين يعانون الأمرين؛ فهم يشعرون بخيبة أمل كبيرة في المخيمات ولا يستفيدون من مقومات العيش الكريم، ومعزولون يعيشون وضعاً مزرياً وتستعمرهم البوليساريو من أجل مطامحها السياسية كما لو أنهم مِلكٌ للقيادة العسكرية المتحكمة في رقاب المواطنين، وهذا لا يجوز". من جانبه، أوضحَ الوزير السابق خالد الناصري أنَّ "مباحثات جُنيف أظهرتْ أنَّ المغرب يدافعُ عن قضية شعب ووطن بأكمله"، وأن "الحركة الانفصالية التي تتحكم فيها الجزائر لا يمكنها أن تتحرك إلا في سياق ما تفرضهُ عليها الجارة الشرقية"، مضيفاً أن "مقترح الحكم الذاتي جد واقعي ولا يمكن إلا أن يُنزَّل على أرض الواقع". وقال الناصري، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، إن "لقاء جنيف كرس مسارا متميزا لهذه القضية، حيث تمَّ التأكيد بأن الأمر يتعلق بخلاف بين المغرب والجزائر، وأنه يجبُ أن توضع تحركات جبهة البوليساريو في إطار هذا السياق".