تَطمح حكومة سعد الدين العثماني إلى إحداث مليون و200 ألف منصب شغل من خلال المخطط الوطني للتشغيل، الذي يمتدّ من 2018 إلى 2021، أيْ بمعدّل 400 ألف منصب شغل في السنة، لكنّ بيانات المندوبية السامية للتخطيط حول التشغيل في المغرب تضع بلوغ هذا الهدف في موضع شَك. المذكرة الإخبارية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثالث من سنة 2018 بيّنت أنّ عدد مناصب الشغل التي أحدثها الاقتصاد الوطني لم تتعدّ 122 ألف منصب ما بين الفصل الثالث من سنة 2017 والفترة نفسها من سنة 2018. أرقام المندوبية السامية للتخطيط تزكّي ما عبّر عنه عدد من المحللين الاقتصاديين من أنّ إحداث 1.2 مليون منصب شغل في أفق سنة 2021 يبقى شبه مستحيل، نظرا لعدّة عوامل، أبرزُها ضعُف نسبة النموّ، التي لا تتعدّى في أحسن الأحوال 4 في المائة. محمد العمراويد، الباحث في التدبير الإداري والمالي، قال في تصريح لهسبريس إنّ طموحَ إحداثِ مليون و200 ألف منصب شغل، في غضون ثلاث سنوات، كما هو مُسطّر في الإستراتيجية الوطنية للتشغيل 2018-2021، "طُموح يصعب تحقيقه". أبرزُ مؤشّريْن لاستحالة تحقيق طموح إحداث مليون و200 ألف منصب شغل في أفق سنة 2021، حسب العمراويد، هما تراجع نسبة النمو، وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ وهما الركيزتان الأساسيتان لإنعاش سوق الشغل. ففي ما يتعلق بنسبة النمو، يوضح المتحدث، فإنّ النسبة المتوقع بلوغها سنة 2019 لا تتعدى 3.3 في المائة، علما أنّ كل نقطةِ نموٍّ تمكّن من إحداث 38 ألف منصب شغل، ما يعني أنّ عدد مناصب الشغل المُتوقّع إحداثها سنة 2019 لن يزيد عن 120 أو 130 ألف منصب شغل. وأوضح العمراويد أنَّ الاقتصاد الوطني قدْ لا يتمكّن من إحداث هذا العدد من مناصب الشغل في سنة 2019، إذا بلغت نسبة النمو 3.3 في المائة، لأنّ تحقيق 38 ألف منصب شغل بالنسبة لكل نقطة من النموّ يتم في الاقتصاديات الصناعية، بينما الاقتصاد المغربي يعتمد على ما هو خدماتي. وصادقت الحكومة على البرنامج التنفيذي للمخطط الوطني للتشغيل، وجرى اعتمادُه يوم 11 أبريل الماضي. وتعوّل الحكومة على هذا المخطط لإحداث 1.2 مليون منصب شغل خلال الفترة ما بين 2018 و2021، ودعم التشغيل المأجور لفائدة أكثر من 500 ألف باحث عن شغل؛ فضلا عن مواكبة إحداث أزيد من 20 ألف وحدة اقتصادية صغيرة. ويأتي وضع هذا المخطط في ظلّ استقرار البطالة فوق حاجز 10 في المائة، وإن كانت قد انتقلت من 10.6 إلى 10 في المائة ما بين الفصل الثالث من 2017 والفترة نفسها من سنة 2018. لكنّ البطالة "لا يمكن محاربتها بالمخططات الظرفية، لأنها بنيوية"، حسب محمد العمراويد. واعتبر الباحث في التدبير الإداري والمالي أنّ إحداث مناصب شغل كافية لامتصاص البطالة يتطلب وضع إستراتيجية للتشغيل على المدى البعيد، وهو ما فشلت فيه الحكومات المتعاقبة، إذ سبق للحكومة السابقة أن وضعت إستراتيجية للتشغيل 2015-2025، لتأتي الحكومة الحالية وتمحُوها، مقدّمة مخططا جديدا للتشغيل يمتد من 2018 إلى 2021. عائق آخر اعتبر محمد العمراويد أنّه سيحد، بشكل كبير، من قدرة الحكومة على إحداث مناصب الشغل، ويتعلق بالارتفاع المتواصل للمديونية، وهو ما سيقلّص من وفاء الحكومة بالتزاماتها، وعلى رأسها توفير مناصب الشغل، لافتا إلى أنّ القضاء على البطالة في المغرب في الظروف الحالية يتطلب تحقيق نسبة نموّ تصل إلى 7 في المائة لمدّة 15 عاما متواصلة.