راجعت وكالة "ستاندرد آند بورز" المتخصصة في التصنيف الائتماني توقعاتها بخصوص المغرب من "مستقر" إلى "سلبي"، وهو ما يجعل المملكة تواجه خطر فقدان تصنيفها السابق "BBB" على المدى الطويل، وتصنيف"A-3" في الأربعين شهراً القادمة في حالة لم تحسن وضعها الاقتصادي والمالي. وفي حالة ما إذا تم هذا التخفيض، فإن المغرب سيفقد "درجة الاستثمار" (Investment grade)، وبالتالي سوف يحصل على التمويل دولياً بتكلفة أكبر، وهو ما سيؤثر على المؤسسات والمقاولات العمومية المغربية التي تلجأ إلى التمويل الدولي. وربطت الوكالة مراجعة توقعاتها حول المغرب بعدما اعتبرت أن "الحكومة باتت تبتعد بشكل كبير عن هدفها بخصوص عجز الميزانية المحدد في 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لسنة 2018، بسبب نسبة النمو المنخفضة عكس ما كان متوقعاً، إضافة إلى الضغط المرتفع على الميزانية". وتتوقع الوكالة الأميركية أن يحقق المغرب نسبة نمو حقيقية للناتج المحلي الإجمالي في حدود 3.2 في المائة خلال السنة الجارية، وفي سنة 2019 سيكون بدأ في التعافي للوصول إلى 4 في المائة خلال 2020 و2021. ويرجع الضغط الذي تعاني منه الميزانية إلى ضعف مسجل في الإيرادات، وبنسبة أقل إلى انخفاض الهبات الخليجية خلال السنة الحالية، إضافة إلى ارتفاع النفقات العمومية، خصوصاً الدعم الموجه لغاز البوتان عبر صندوق المقاصة والتحويلات المالية للمؤسسات والمقاولات العمومية. وفي حالة لم تنجح الحكومة في التحكم في عجز الميزانية، فإن وكالة "ستاندرد آند بورز" ستخفض تصنيفها، لكن يمكن أن تعود إلى التوقعات المستقرة في حالة تقوية تهيئة الميزانية والانتقال إلى نظام سعر صرف أكثر مرونة، الأمر الذي من شأنه أن يعزز قدرة المملكة فيما يخص التنافسية الخارجية ويساعدها على تحمل الصدمات الخارجية المتمثلة أساساً في ارتفاع أسعار المواد النفطية. وأوردت الوكالة في تصنيفها أن الحكومة تسعى إلى الحد من "ضُعف الاقتصاد لمواجهة الصدمات بالاستثمار أكثر في التكنولوجيا، وفي الفلاحة عبر مخطط المغرب الأخضر"، كما أشارت إلى أن هناك توجها لتصنيع الاقتصاد. ويتوقع محللو الوكالة أن ينوع المغرب من اقتصاده من خلال الاستمرار في تطوير قطاعات السيارات والطيران والإلكترونيات والطاقات المتجددة، ويبدو ذلك جليا، بحسبهم، في الوحدات الصناعية التي تم بناؤها بعد نجاح المملكة في جذب عدد من الشركات العالمية من فرنسا والصين. وفي الشق السياسي، أوردت الوكالة أن المغرب عرف استقراراً سياسياً واجتماعياً عقب احتجاج الربيع العربي، وهو ما جلب إصلاحات دستورية أنتجت ارتفاعاً في إنفاق الحكومة على التنمية الاقتصادية والحد من عدم المساواة في المناطق الأقل نمواً. كما اعتبرت الوكالة الدولية في تحليلها لوضع المغرب أن "دور الملك محمد السادس في صنع السياسات في المغرب كان أكثر أهمية منذ سنة 2017، حيث تدخل للحد من التوترات الاجتماعية في منطقتي الريف وجرادة". وأورد التقرير أيضاً ان الاحتجاجات التي تعرفها بعض المناطق من حين إلى آخر تنبع أساساً من ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب والتفاوت في الدخل بين المناطق الأكثر تطوراً والأقل تنمية في البلاد، وقالت الوكالة: "نعتقد أن مطالب السكان ستستمر؛ ما سيؤدي إلى تأخير تخفيض عجز ميزانية الدولة".