قال تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والمالية إن التعليم والصحة والتشغيل هي مصادر رئيسية لازالت تغذي الفوارق الاجتماعية في المملكة، وتحول دون نجاح اندماج الفرد في المحيط الاجتماعي. وجاء هذا التقرير، الصادر عن مديرية التوقعات المالية التابعة للوزارة، بهدف الإسهام في النقاش الوطني بشأن تعزيز شمولية النموذج التنموي الوطني باعتباره أداة أساسية لتوطيد أسس نمو اقتصادي مستدام. وأشار التقرير، الذي يحمل عنوان "مسألة عدم المساواة الاجتماعية: مفاتيح للفهم والرهانات والأجوبة للسياسات العمومية"، إلى أن أوجه القصور في مجالات التعليم والصحة والتشغيل تؤثر على ظروف بدايات الأفراد، وبالتالي على قدرتهم على النجاح في مسارهم، وشدد على ضرورة اتخاذ إجراءات قوية في هذه القطاعات الرئيسية بهدف التأثير إيجابياً على الوضع الحالي. وذكر التقرير أن المغرب أطلق عددا من المبادرات والبرامج العمومية، منها "تيسير لدعم التمدرس" و"راميد" و"المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" و"صندوق التنمية القروية والبنية التحتية القروية"، "وكان هدفها تحسين ظروف عيش السكان، وقد نجحت في خفض كبير للفقر والهشاشة، لاسيما في المناطق القروية". وجاء في التقرير أن "هذه البرامج، ورغم النتائج الإيجابية التي حققتها، لم تتمكن من وقف توسع التفاوت الاجتماعي، وهو ما يعكس عدم شمولية النموذج التنموي المطبق إلى اليوم"، وزاد: "وبالإضافة إلى عدم المساواة في الدخل، لازال عدم تكافؤ الفرص في الولوج إلى الخدمات الأساسية مصدر قلق كبير، لاسيما في مجالي التعليم والصحة، وهما مجالان رئيسيان يكفلان تكافؤ الفرص داخل المجتمع". وجاء ضمن مضامين التقرير أن التقدم الذي حققه المغرب لم ينجح في وقف استمرار الفوارق الاجتماعية الكبيرة، إذ لازالت تظهر صموداً كما يتضح من مؤشرات عالمية عدة، منها مؤشر جيني الذي لم يتغير ما بين 1998 و2014، وترتفع حدتها أكثر في المناطق الحضرية. ومن أجل وضع حد لهذه الفوارق، يقترح التقرير التركيز على توسيع قاعدة خلق الثروة الوطنية ووضع أسس لمحاربة فعالة لعدم المساواة في الفرص والقدرات والكفاءات لتشكيل حصن قوي ضد انتشار الفوارق الاجتماعية في المملكة. كما يوصي التقرير بتعزيز تماسك الآليات الموجهة لمحاربة التفاوت وفقاً لمعايير استهداف واضحة من أجل تعظيم فوائد العمل الاجتماعي للدولة؛ وذلك عبر وضع المرأة والشباب في قلب السياسات العامة لمحاربة هذه الفوارق. وبالإضافة إلى ذلك، يكتسي دعم النظام الوطني للمعلومات بشكل دائم أهمية كبرى، وذلك بهدف جمع ومعالجة البيانات المتعلقة بالتفاوت ووضع نظام للتقييم لقياس فعالية الإجراءات المتبعة لمكافحة عدم المساواة في كل أبعادها. كما شدد التقرير على ضرورة اتخاذ إجراءات قوية لتسريع عملية التحول الهيكلي للاقتصاد المغربي، وذلك من خلال تثمين وتعزيز القطاعات ذات النمو العالي والمحدثة لفرص العمل، والتعجيل بتحديث تنافسية المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جداً لإطلاق العنان لإمكانياتها الكاملة. وأكد التقرير على أهمية توفير الرعاية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة؛ وذلك لتطوير قدرات الأطفال على المستويات الجسدية والنفسية والاجتماعية والوجدانية، من خلال إطلاق برنامج وطني لتعميم وتطوير مرحلة ما قبل المدرسة، إلى جانب ضمان فعالية واستدامة سياسية الحماية الاجتماعية. ويرى معدو التقرير أن هناك حاجة إلى وضع محاربة التفاوتات في إطار مشروع مجتمعي يدمج جميع الجهات الفاعلة من خلال تشجيع تغيير العقليات بهدف "الاعتراف بأن المعركة ليست حصراً على الدولة، بل تستوجب انخراطاً من المجتمع المدني، إضافة إلى رجال الأعمال من خلال تعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات على نطاق واسعة بهدف بلورة قيم المواطنة".