أثارت مناظرة بين زعماء أبرز الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية لمقاطعة كيبيك بداية الأسبوع الجاري جدلاً كبيراً بسبب استعمالهم للغة الإنجليزية، وهي لغة غير رسمية في المقاطعة التي كانت قد سعت سابقاً إلى الانفصال عن كندا. وفي كيبيك، وهي أكبر مقاطعات كندا من حيث المساحة والثانية في ما يخص عدد السكان والمهاجرين، تعتبر الفرنسية اللغة الرسمية الوحيدة، عكس ما هو عليه الأمر في المقاطعات الأخرى حيث الفرنسية والإنجليزية معاً لغتان رسميتان. وستنظم هذه الانتخابات التشريعية يوم الفاتح من أكتوبر المقبل، ويخوض غمارها عدد من الأحزاب، من بينها الحزب الليبرالي الكيبيكي، والحزب الكيبيكي، وتحالف مستقبل كيبيك، وحزب التضامن الكيبيكي، وتوجد قضية الهجرة ضمن أبرز النقاشات بين مختلف المتنافسين، إضافة إلى الهوية والاقتصاد والصحة والأسرة والتعليم. ونال زعماء الأحزاب انتقادات لاذعة من طرف الصحافة الكيبيكية بعد لقاء متلفز بعنوان "Quebec debate"، خصوصاً أن هناك نزعة قوية للحفاظ على مكاسب الفرنسية في هذا الإقليم الذي يضم نسبة كبيرة من المهاجرين من شمال إفريقيا. ماريو دومونت، صحافي في يومية "Le Journal de Montréal"، قال في مقال له إن "هذا الأمر (التحدث بالإنجليزية في المناظرة) غير مسبوق"، وتساءل لمن كان مُوجهاً هذا النقاش باللغة الإنجليزية في مقاطعة تغلب فيها الفرنسية، مشيرا إلى أن "جميع الأحزاب تؤكد على أن إتقان المهاجرين للغة الفرنسية شرط أساسي للاندماج". ويَعتبر كيبيكيون مدافعون عن اللغة الفرنسية أن "المناظرة الإنجليزية" لزعماء الأحزاب تعبير واضح على أنه "ليس ضرورياً تعلم الفرنسية في كيبيك، بل إن كل شيء متوفر للغة الإنجليزية"، في إشارة إلى الحظوة التي باتت تُولى للغة شكسبير بشكل يقلق أصحاب النزعة "الفرنكوفونية". صعود الإنجليزية في هذا الإقليم "الفرنسي" يثير أكثر فأكثر المواطنين المحليين؛ فلجوء عدد من الفضاءات العمومية والسينما مثلاً إلى بث أفلام بلغتها الأصلية الإنجليزية يجعلهم متذمرون، بل أكثر من ذلك، فإن الأسماء الأميركية للمطاعم والمحلات التجارية تجعلهم متوجسين. ويُوجد في غمار هذه المنافسة الانتخابية زعيم الحزب الليبرالي الكيبيكي رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، فيليب كويار، وزعيم الحزب الكيبيكي الذي شكل المعارضة الرسمية في البرلمان المنتهي ولايته، جان فرانسوا ليزيه، وزعيم حزب التحالف من أجل مستقبل كيبيك، فرانسوا لوغو، والزعيمة المشاركة لحزب التضامن الكيبيكي، مانون ماسيه. وتعتبر هذه الانتخابات الأولى منذ سنة 1976، وهو تاريخ وصول الحزب الكيبيكي الاستقلالي إلى السلطة في كيبيك، ولا تحتل فيها مسألة استقلال كيبيك عن كندا نقطة محوريةً في الحملة الانتخابية، حيث أصبحت الهجرة أولى الأولويات، لكن هذا لا يعني تخلي الأحزاب عن هدف الاستقلال، بل إن الأمر مؤجل فقط. وكانت حكومات سابقة قادها الحزب الكيبيكي قد أجرت استفتاءات على الاستقلال في عامي 1980 و1995 لكنها باءت بالفشل. ومع ذلك، فإن غالبية الأحزاب ما تزال تحمل همّ الاستقلال وتنتظر الوقت المناسب لذلك، رغم عدم وضوح توجهات الكيبيكيين البالغ عددهم أكثر من ثمانية ملايين نسمة. ويرجع تواجد اللغة الفرنسية في كيبيك إلى فترة الاحتلال الفرنسي، كونها كانت مستعمرة فرنسية تلاها أيضاً استعمار إنجليزي امتد لسنوات، وأصبحت اليوم أقوى المقاطعات من حيث الاقتصاد، وأيضاً من حيث التواجد الكبير للجاليات المغاربية.