يبدو أن برمجة مجلس الأمن لقضية الصحراء ضمن المحطات التي ستقف عليها الدول الأعضاء من أجل النقاش، جعل الدبلوماسية المغربية تنتقل إلى السرعة القصوى في تدبير العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، رئيس الجلسة المقبلة؛ إذ شد وزير الخارجية الرحال صوب واشنطن من أجل ملاقاة نظيره الأمريكي، مايكل بومبيو، للبت في العديد من القضايا المشتركة، تتقدمها قضية الصحراء. ويرى العديد من المتتبعين أن الرباط تحاول إعادة التموقع داخل مربع الحكم الأمريكي، خصوصا بعد تعيين المتشدد جون بولتون، مستشارا للأمن القومي، بينما جددت الإدارة الأمريكية دعمها لمقترح الحكم الذاتي، على لسان بابلو رودريغيز، مسؤول في الخارجية الأمريكية. سمير بنيس، مستشار أممي سابق، قال: "بغض النظر عن الموقف الشخصي لجون بولتون بخصوص الصحراء المغربية، فليس بإمكانه فرض موقفه على الإدارة الأمريكية؛ ذلك أن مسألة اتخاذ القرار في الإدارة الأمريكية لا تعتمد على المواقف الشخصية لشخصيات بعينها، بل على المصالح الاستراتيجية والعليا للبلاد. كما أن البيت الأبيض ليس هو الجهة الوحيدة التي تتدخل في صنع القرار، بل هناك دور كبير لوزارة الخارجية ووزارة الدفاع". وأضاف بنيس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "خير دليل على ذلك ما جرى بعد اندلاع الأزمة الخليجية في شهر يونيو 2017. فبينما سارع الرئيس الأمريكي إلى الاصطفاف إلى جانب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر، حرصت وزارتا الخارجية والدفاع وباقي أجهزة الدولة الأخرى على الحيلولة دون خروج الأزمة عن السيطرة ووقوع تطورات قد تضر بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة". واعتبر الخبير الاستراتيجي المقيم بواشنطن أن "الاجتماع الذي عقده أمس الاثنين وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة ونظيره الأمريكي، مايك بومبيو، في العاصمة واشنطن، وأعلنا فيه عن إعطاء زخم جديد للعلاقات الثنائية بين البلدين من خلال عقد الدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي العام القادم، دليل على إدراك الولاياتالمتحدةالأمريكية للدور المغربي في المنطقة". ويرى المتحدث أنه "ليس هناك من دافع للتوجس من إدراج مسألة الصحراء في أجندة مجلس الأمن لهذا الشهر تزامناً مع ترؤس الولاياتالمتحدة للمجلس. فالدافع ليس هو الضغط على المغرب وجعله في موقف المدافع أو في موقف ضعف، بل الاستماع إلى حصيلة العمل الذي قام به المبعوث الشخصي للأمين العام منذ اعتماد القرار 2414 في شهر أبريل الماضي". وختم بنيس تصريحه ب"كون التوقيت الذي جاء فيه الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية مع نظيره الأمريكي يبعث رسالة واضحة مفادها أن الموقف الأمريكي بخصوص الصحراء ثابت ولا يتغير بحسب تغيير المسؤولين الأمريكيين، وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية ما زالت تؤمن بأن مخطط الحكم الذاتي المغربي حل واقعي يمكن البناء عليه من أجل التوصل إلى حل نهائي لقضية الصحراء. وقد جاءت التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الأمريكيون بخصوص الموقف الأمريكي من النزاع مشابهةً للتصريحات الأمريكية التي اعتدنا عليها في السنوات العشر الأخيرة".