ما إن يظهر شخص يحمل حقيبة قاصدا باب محطة أولاد زيان بالدار البيضاء حتى يتسابق "الكورتية" إليه..السنوات الطوال التي قضوها في هذا المكان جعلتهم يتعرفون على القادم نحوهم من خلال سحنته، فيسارعون إلى تحديد وجهته. "الداخل إلى المحطة مفقود والخارج منها مولود"، هكذا يحس المواطنون الذين يقصدون "أولاد زيان" هذه الأيام تزامنا مع عطلة عيد الأضحى، وهم يبحثون عن وسيلة نقل توصلهم صوب عائلاتهم لقضاء هذه المناسبة الدينية. "الكورتية" واصطياد الفرائس أمام بوابة محطة أولاد زيان بالدار البيضاء يجتمع مجموعة من "الكورتية"، تختلف أعمارهم، لكن أشكالهم متشابهة؛ المسافر بالنسبة لهم فريسة، كل يحاول بدهائه اصطيادها، وعندما تكون وجهته مشتركة بين الحافلات التي يشتغلون بها، فإن منطق الغاب هو المسيطر.. الغلبة للأقوى!. "مراكش، أكادير، خريبكة، فاس، سيدي بنور.."، هكذا كان أحدهم يصرخ في بوابة المحطة. اتجاهات عديدة تجعلك تخال هذه الحافلة قادرة على التوجه في جميع النواحي، لكن الأمر يتعلق فقط بمحاولات اصطياد أي زبون يقصد المحطة. عادة ما يتعرض المسافرون لعمليات نصب واحتيال من طرف "الكورتية"، على غرار ما جرى لشاب كان يبحث عن حافلة في اتجاه ورزازات..وجدناه غاضبا يسب هنا وهناك، دون أن يسمع أحد قصته؛ فأكد لجريدة هسبريس الإلكترونية حصوله على تذكرة السفر، بيد أن "الكورتي" لم يقم بإرجاع باقي النقود ثم اختفى عن الأنظار. لا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، بل إن "الكورتية"، الذين يقسمون بأغلظ الأيمان ويدعون صدق معاملاتهم مع الزبناء، سرعان ما يتحولون إلى "وحوش" مستعدة لمهاجمة أي زبون احتج على تأخر انطلاق الحافلة أو غير ذلك. معظم هؤلاء "الكورتية" الذين عاينتهم جريدة هسبريس ببوابة المحطة وداخلها لا يضعون بطاقات تحدد هويتهم والشركة التي ينتمون إليها، غير أنهم يشتغلون بكل حرية أمام مرأى إدارة المحطة وعناصر الشرطة، ولا من يحرك ساكنا. إدارة محطة أولاد زيان، أمام هذا الوضع، اكتفت فقط بنشر لافتة في البوابة تحذر المسافرين من مغبة الحصول على تذاكر السفر من "الكورتية"، مؤكدة أن شكاياتهم لن يتم قبولها طالما أنهم لم يُقدموا على سحبها من الشبابيك المخصصة، والتي تحمل رقم الرصيف والتوقيت. ارتفاع مهول للأسعار مع دنو عيد الأضحى، تصير الأثمان داخل محطة أولاد زيان مضاعفة، رغم حديث وزارة النقل عن إلزام الشبابيك بإعلان تسعيرة مختلف الخطوط على واجهاتها تفاديا لأي مشاكل بهذا الخصوص. وارتفعت أثمان التذاكر بنسبة 50 في المائة عن الأيام العادية، إذ يؤكد رجل أربعيني كان يبحث عن تذكرة سفر إلى الفقيه بنصالح أن ثمنها ارتفع كثيرا، إذ كان يحصل عليها ب40 درهما أو خمسين درهما في أقصى تقدير، إلا أنها حاليا تصل إلى 80 درهما. ورغم تأكيد وزارة نجيب بوليف منحها تراخيص جديدة للحافلات للاشتغال وتفادي أن يكون الطلب أكثر من العرض، فإن المواطنين، الذين اكتووا بنار أسعار التذاكر هذه الأيام، لم يجدوا بدا من إخراج الأوراق النقدية من جيوبهم للحصول على أوراق السفر، أملا في حضور مناسبة عيد الأضحى مع العائلة. أحد "الكورتية"، الذين تحدثنا إليهم عن السبب في الزيادة في أسعار التذاكر، أكد أن الأمر عاد جدا، على اعتبار أن الحافلات تعود إلى نقطة انطلاقتها فارغة، بالتالي لا يجب أن تتكبد الخسائر لوحدها. معاناة السائق والخوف من الحوادث إذا كانت الحافلات متوفرة حسب ما تؤكده الوزارة وكذا إدارة المحطة فإن الهاجس الأكبر الذي يرافق عملية التنقل صوب المدن الأخرى يتعلق بالسلامة الطرقية، ومدى احترام السائقين لقوانين السير. تخوفات كثيرة تلاحق المسافرين الذين يقصدون محطة أولاد زيان، إذ يرون أن بعض السائقين يتهورون في القيادة، ويسيرون بسرعة كبيرة، ما يجعل الركاب يضعون أيديهم على قلوبهم ويحبسون أنفاسهم إلى حين وصولهم إلى وجهاتهم، وذلك خوفا من وقوع حادثة سير. ويؤكد مصطفى، وهو سائق حافلة، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السائق المهني يعاني الأمرين في مثل هذه المناسبات التي تكثر فيها الرحلات، إذ يكون مطالبا بالعودة إلى نقطة الانطلاقة بسرعة قصد الشروع في رحلة جديدة. وحسب هذا السائق فإن الغالبية العظمى من السائقين "لا يجدون وقتا للراحة والنوم، وهو ما يؤثر على صحتهم؛ ما قد يتسبب في وقوع حوادث سير لا قدر الله"، وفق تعبيره، مطالبا بضرورة إنصاف السائق المهني.