في تقرير أسود مرفوع إلى الملك محمد السادس، فضح التقرير السنوي لمؤسسة الوسيط برسم سنة 2017 واقع الإدارة المغربية وسلوكيات عدد من المسؤولين الذين يرفضون مسايرة التوجهات الملكية في هذا الصدد. وكشف التقرير السنوي عن ارتفاع شكاوى وتظلمات المغاربة من عدد من القطاعات العمومية؛ ذلك أنها عرفت ارتفاعاً بنسبة 10 في المائة، إذ تم تسجيل ما قدره 9378، منها 2713 شكاية تدخل ضمن اختصاصات المؤسسة، بينما سجل في التقرير الماضي ما مجموعه 2286 شكاية. شطط السلطة قال عبد العزيز بنزاكور، وسيط المملكة، إن الرصد اليومي لواقع الإدارة المغربية "يسجل أن المعيش اليومي لم يبرهن بالملموس عن إقلاع بعض الإداريين عن ممارسات منبوذة، ليس لأنها بالأخطاء مشوبة أو بعدم التفهم موصوفة، ولكن لأنها توحي بسطوة السلطة واستمرار استعلاء بعض القيمين عليها، واشتغالهم بمزاجية متجاوزة، وفق بيروقراطية لم تعد مقبولة، ونمطية مفتقرة لكل مبرر". وبالرغم من أن طبيعة الشكايات باتت معروفة، وتم التطرق إليها وصدرت بشأنها توصيات ومناشير ودوريات، يقول بنزاكور فإن "الإدارة لم تتمكن من القضاء كلية على إحداها، إذ ما زالت تطفو على الساحة من حين إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى"، مؤكدا أن "ردهات إدارتنا ما زالت تعج بالاختلالات، ولا نرضى أن يصبح الأمر رتابة معها الإدارة وكأن لا حول للمسؤولين لتطويقها". الخلاصات التي وضعها وسيط المملكة بيد الملك محمد السادس دعت إلى ضرورة إيقاظ الضمير اللامبالي لمن يتناسى أحيانا ما يحتمه، وما تفتضيه أمانة الشأن الإداري، مشيرا إلى أن قطاعات إدارية تفرض إجراءات وتتمسك بالمساطر نفسها والمطالبة بوثائق عديدة، بالرغم من أنه لا مرجعية قانونية أو تنظيمية لها، بل أحيانا ليست ضرورية وتكون هناك من الوثائق ما يغني عنها. وخلص التقرير إلى أن الإدارة المغربية تعمل بدون معايير وشروط موحدة بين مختلف قطاعاتها وحسب أهواء القائمين عليها من غير أن تقتديهم الضوابط بآجال معقولة. شكاوى في أرقام وفقا لما جاء في مضامين التقرير، فإن الشكايات ذات الطبيعة الإدارية تحتل صدارة التظلمات بعدد يقدر ب1683 شكاية، بنسبة مثلث نسبة 62 في المائة، أي بزيادة 22.9 في المائة مقارنة مع السنة الماضية التي كانت محدودة في 1369 شكاية وبنسبة 59 في المائة. وتوزعت القضايا بين تظلمات من قرارات إدارية أضرت بالمعنيين بها، وبلغت 572 شكاية، أي بنسبة 21.11 في المائة، وطلبات تسوية الوضعيات المدنية والعسكرية، بما مجموعه 357 شكاية، وطلبات تسوية الوضعية الإدارية والمالية للموظفين بما مجموعه 202 شكاية، وتظلمات من استعمال الشطط في استعمال السلطة بما مجموعه 33 شكاية. وتطرق التقرير إلى إشكالية عدم تنفيذ الدولة للأحكام، مؤكداً أن هذه الإشكالية القديمة الجديدة ما زالت تطرح على الوسيط، إذ هناك حالات يتعثر فيها التنفيذ كثيرا، ويصل إلى حد امتناع غير مبرر، علما أن الملموس هو انخفاض عدد القضايا المرفوعة إلى المؤسسة. وسجل التقرير انخفاض في الشكايات المرتبطة بقضايا حقوق الإنسان، والتي انخفض عددها بنسبة 15.6 في المائة، أي من 23 شكاية في السنة الماضية إلى 27 شكاية في هذه السنة؛ وهو ما يمثل 1 في المائة. ويشمل هذا النوع من القضايا الحقوقية مطالب ذات الصلة بالتعويض عن الاختفاء أو الاعتقال التعسفي أو وضعيات نزلاء السجون أو انتهاكات صادرة عن هيئات عمومية. على مستوى القطاعات والإدارات العمومية، تربعت وزارة الداخلية والجماعات الترابية على رأس الشكايات، بالنظر إلى تعدد اختصاصاتها، بعدد شكايات بلغ 1056 شكاية، مقابل 839 في السنة الفارطة. ثم ثانيا، قطاع الاقتصاد والمالية بمجموع 439 شكاية، يليه قطاع التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالمي والبحث العلمي ب300 شكاية، وقطاع الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ب151 شكاية، وسجل قطاع الشغل والإدماج المهني ارتفاعا ب136 شكاية، وقطاع الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة ب 119 شكاية، وقطاع التجهيز والنقل واللوجيسيك ب109 شكايات، وإدارة الدفاع الوطني ب73 شكاية، ووزارة السكنى ب58 شكاية. ولأول مرة، تصدرت جهة فاسمكناس ترتيب الجهات الأكثر تقديما للشكايات والتظلمات بعدما كانت تحتل المرتبة الثالثة، وهو ارتفاع ملموس بنسبة 43.2 في المائة، إذ انتقل عدد الشكايات المسلحة بخصوصها من 310 شكايات إلى 444 شكاية، وقد تلتها كل من جهة الدارالبيضاءسطات، ثم جهة الرباطسلاالقنيطرة، فجهة طنجةتطوانالحسيمة، وبعدها جهة الشرق، مع احتفاظ باقي الجهات بالترتيب ذاته.