بعْد أنْ لفّ النّسيانُ مأساتهنَّ، تعودُ قضية "نساء الفراولة" إلى واجهة النقاش العمومي في إسبانيا بعدما قرر القضاء المركزي فتح تحقيق رسمي في احتمال تعرُّض عاملات موسميات مغربيات لاعتداءات جنسية في حقول الفراولة، بمنطقة هويلبا الأندلسية. وقد زعمتْ وسائل إعلام محلية أن "تكون المحكمة العليا الإسبانية قد دخلت على خط الفضيحة، التي فجَّرتها مئات النّسوة خلال شهر ماي الماضي". ووفق ما نقلته وسائل إعلام إسبانية، فإن "المحكمة الوطنية قررت فتح تحقيق في تعرض عاملات موسميات مغربيات لاعتداءات في حقول الفراولة الإسبانية"، مشيرة إلى أن "قاضي محكمة التحقيقات المركزية، سانتياغو كوميز، بدأ إجراءات أولية، وطلب معلومات من الحرس المدني في منطقة ألمونتي بهويلبا ومحكمة مقاطعة لا بالما ديل كوندادو لتجميع معطيات بخصوص ادعاءات تعرض العاملات الموسميات للاعتداء الجنسي". ولا يخفي محامو الضحايا أن "يكون الأمر متعلقا بجريمة جنائية تورط فيها مدراء المزارع المتابعين في قضايا مرتبطة بالاحتجاز والإيذاء الجنسي والمتاجرة في البشر، حيث سبق للحرس المدني أن حقَّق في تورط مدير مزرعة بسبب الإكراه والتجاوزات واستغلال العاملات المغربيات، فضلا عن تحقيق محاكم هويلبا في شكاوى أخرى مماثلة في مزارع أخرى تقع بمناطق مختلفة من المقاطعة. وتعيش أزيد من 500 عاملة مغربية في منطقة هويلبا، جنوب إسبانيا، مُعظمهن يشتغلن داخل حقول الفراولة مقابل مبلغ 40 أورو عن كل يوم عمل، علماً أن عليهن الاشتغال 7 ساعات يومياً مع نصف ساعة استراحة، ويوم عطلة واحد في الأسبوع، دون تغطية اجتماعية وفي بيئة تستقبل المهاجرين بالرفض والمضايقات. وكان ملف العاملات الموسميات قد عَرَفَ منعطفاً خطيراً بعد احتجاز مئات العاملات المغربيات الموسميات (400 امرأة) في إحدى الضيعات، وحَمْلهنَّ على متن حافلات في محاولة لتهجيرهن إلى المغرب، للحيلولة دون تقديم شكايات حول الأوضاع المزرية والاعتداءات التي يتعرضن لها، فيما فضَّلت أُخريات الانزواءَ والتزام الصَّمت مخافةً تعرضهن للطرد والترحيل إلى المغرب. وسبق لوزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، أن بدّد المخاوف بشأن وضع العاملات في الجارة الشمالية، مؤكداً أن "مصالح الوزارة رصدت 12 حالة تحرش من بين 800 امرأة مستجوبة، 4 من المتورطين فيها مغاربة، و3 إسبان"، مشيرا إلى أنّ "الوزارة تُتَابِعُ القضية وتأخذ كل معطياتها بعين الاعتبار، وسَتَتَخِّذ كافة التدابير اللازمة عبر تتبع مسار تحقيقات السلطات الإسبانية وتَحَمُّلِ المسؤولية في نتائجها. كما جدد يتيم دعوته للعاملات المغربيات إلى التبليغ عن التحرش أو سوء المعاملة باستخدام رقم أخضر لتسهيل القدرة على التدخل وإجراء تقييم مستمر للعملية.