بعد الاحتجاجات التي استُقبل بها أنس الدكالي، وزير الصحة، في عدد من المستشفيات العمومية التي زارها خلال الآونة الأخيرة لدن المواطنين، جراء تردّي الخدمات الصحية بتلك المرافق الصحية، خرج الصيادلة بدورهم ليطالبوا المسؤول الأوَّل عن القطاع الصحي بالجلوس معهم إلى طاولة الحوار، بحثا عن حلول للمشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصيدلة بالمغرب. كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب وجّهت رسالة مفتوحة إلى أنس الدكالي، اتهمت فيها وزارة الصحة بالتعامل مع المشاكل التي يعاني منها قطاع الصيدلة ب"لا مبالاة ممنهجة وغير مفهومة". كما اتهمتها بالتخلي عن القطاع، وعدم التفاعل والإنصات لقضايا ومشاكل الصيادلة المتراكمة "عقب السياسات الارتجالية للحكومات المتعاقبة على قطاع الصحة طيلة العقدين الأخيرين". ويبدو أنّ الإجراءات التي بادرت وزارة الصحة إلى اتخاذها خلال السنوات الأخيرة لم ترُق لصيادلة المغرب؛ ففيما يتعلق بسياسة تخفيض أسعار الأدوية، التي وضعها الحسين الوردي، وزير الصحة السابق، قالت كونفدرالية نقابات الصيادلة إن الوزارة لم تُبادر إلى تنفيذ الإجراءات التي وعدتْ بأن تصاحبها بها، ضمانا لمصلحة الصيادلة. أمين بوزوبع، الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، قال في تصريح لهسبريس إنّ وزارة الصحة وعدت باتخاذ عدد من الإجراءات؛ لكنها لم تفعّل أيا منها، في مقدمتها تمتيع أرباب الصيدلية بالتغطية الصحية، قائلا إن "الصيادلة، الذين يملؤون كل يوم آلاف أوراق التغطية الصحية للمرضى، لا يتوفرون على التغطية الصحية، وعدد منهم أصيب بأمراض مزمنة أدت بهم إلى الإفلاس". وأردف المتحدث ذاته أنّ من الإجراءات التي كان مفروضا أن تواكب مرسوم مسطرة تحديد أثمنة الدواء تمتيع الصيادلة بنظام التغطية الاجتماعية، وقال في هذا الإطار "نحن لا حق لنا في التقاعد، مهما تقدّم بنا العمر، لأننا لا نتوفر على أي تغطية اجتماعية". ظاهرة الأدوية المهرّبة، تعدّ بدورها واحدة من النقط المؤرقة لصيادلة المغرب، والتي تمثل 30 في المائة من حجم الأدوية المروَّجة في السوق المغربية، حسب أمين بوزوبع، مضيفا: "هذا الرقم يعكس حجم الخطورة المحدّقة بصحة المواطنين المغاربة، وأيضا بخزينة الدولة؛ لأنها لا تخضع للضريبة، فضلا عن كونها من بين الأسباب المؤدّية إلى إفلاس الصيادلة، ووقودا للمشاكل الأمنية التي تحدث في المغرب". وذهب بوزوبع إلى وصف مسطرة تحديد أثمنة الأدوية ب"المناورة، لأنّ الوزارة، وإن كانت قد تلقت مقترحاتنا وتوصياتنا، إلا أنها لم تعمل بها"، مضيفا "المواطن المغربي لا يحسّ بوجود أي انخفاض في سعر الدواء، لأنّ الأدوية التي شملها التخفيض هي أدوية رخيصة في الأصل، بينما الأدوية باهظة الثمن التي تكلف المواطن غاليا لم يطلْها أي تخفيض". واعتبر الأمين العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب أنّ ثمّة حلولا كثيرة بإمكان الوزارة أن تلجأ إليها، من أجل تخفيف عبء غلاء الأدوية عن المواطنين، وعلى رأسها تمتيع جميع المواطنين بالتغطية الصحية، كما هو معمول به في فرنسا، معتبرا أنّ مرسوم تحديد أثمان الأدوية جاء استجابة لضغط التعاضديات العمومية من أجل تقليص نفقاتها، وتحت ضغط بعض المختبرات، التي تريد أن تتموقع بشكل أفضل في سوق الأدوية بالمغرب. وفيما يتعلّق بالجانب التنظيمي لقطاع الصيدلة بالمغرب، قالت كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، في رسالتها الموجّهة إلى وزير الصحة، إنّ القطاع يتخبط في فراغ تنظيمي كبير منذ أزيد من سنة، تفاقم جراء رفض المجالس الجهوية للصيادلة تنظيم انتخابات تجديد هياكلها، "بدون تقديم أسباب واضحة"، حسب أمين بوزوبع. الكاتب العام لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب قال إنّ الرسالة المفتوحة الموجة إلى وزير الصحة جاءت "بعد أن تركنا للوزير الجديد الوقت الكافي من أجل الاطلاع على كافة الملفات، ولكن حين لم نلمسْ من جانبه أيَّ تفاعل مع مذكرات سابقة وجهناها إليه، ارتأينا أن نتحرك، لنقول إنّنا مستعدون لخوض كل الأشكال النضالية الكفيلة بإنقاذ قطاع الصيدلة من السكتة القلبية التي تهدده".