حاول النقيب عبد الرحيم الجامعي، عضو هيئة دفاع معتقلي حراك الريف، التأكيد على أن المحامين الذين تبنوا ملف محاكمة ناصر الزفزافي ورفاقه قد عملوا على ممارسة دورهم كما يجب في نكران تام للذات. وأكد الجامعي، الذي كان يتحدث اليوم الاثنين في ندوة صحافية لهيئة محاميي معتقلي حراك الريف الذين أدينوا بأحكام وصفتها عدة فعاليات حقوقية وسياسية ومدنية بكونها ''قاسية وجائرة"، أنه "عكس ما حاولت بعض الجهات ترديده، فإن رجال ونساء الدفاع، خلال شهور متعددة، عملوا على نكران الذات وممارسة دور الدفاع كما يجب". وبعد أن شدد، في حديثه بحضور عدد من المحامين والهيئات الحقوقية والسياسية البارزة على رأسهم الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، والمناضل اليساري محمد بنسعيد آيت إيدر وآخرين، على أن "محاكمة الريف ستظل مرجعا في الذاكرة القضائية والسياسية" لفت إلى أنه "خلال المحاكمة نزعنا من حق استعمال الهواتف والأنترنيت؛ لكن الحصار لم ينفذ إلى قلوبنا". وبخصوص ملاحظات أعضاء هيئة الدفاع عن أطوار المحاكمة التي شهدت أكثر من 80 جلسة مع اجراءات للتحقيق لم تتجاوز شهرين ونصف الشهر قبل إحالة المتهمين من لدن قاضي التحقيق على غرفة الجنايات بالدار البيضاء في أواسط غشت 2017، شدد الجامعي على أنه "لاحظنا تعامل النيابة العامة وقضاء التحقيق والمحكمة مع الحرية باستخفاف كبير من خلال إخضاع المعتقلين للإجراءات السالبة لها في جميع مراحل القضية، وخصوصا استمرار اعتقالهم الاحتياطي، بالرغم من أن أغلبهم متابع باتهامات جنحية (هناك متهم بجنحة وآخر بجنحتين)"... كما سجلت الهيئة، يضيف النقيب، أن "هذا الوضع منذر بأزمة حقيقية في منهجية ومشروعية ممارسة الدعوى العمومية من قبل النيابة ومدى طبيعة علاقتها مع الضابطة القضائية وحقيقة الإشراف عليها ومراقبتها لكي تظهر النيابة على قدرتها في تدبير الدعوى العمومية، بعد أن انسحب وزير العدل من هذا المجال". وشدد المتحدث نفسه على أنه، من خلال تتبع مسارات المسطرة الجنائية، تبين أنها "تسير نحو أفق مجهول وغير محسوب يطرح علامات استفهام حول موقع مؤسسة النيابة العامة من بين بقية المؤسسات الأخرى وخصوصا مؤسسة الضابطة القضائية ومديرية حماية التراب الوطني في مجال مراقبة تفعيلها وضمانات تطبيقها ومدى الحرص على التقيد بالدستور الذي يحث على الأمن القانوني والقضائي للمواطن وعن احترام سلامته البدنية والنفسية". ووجّه الدفاع انتقادات إلى النيابة العامة والمحكمة، مؤكدين أنهما لم يتفاعلا "مع ما يبطل البحث والمحاضر بمناسبة ادعاء المعتقلين لتعرضهم للتعذيب وللعنف ولممارسات حاطة وماسة بالكرامة أثناء ايقافهم وأثناء البحث التمهيدي معهم؛ وحتى أثناء الاعتقال الاحتياطي بما يفرضه عليها القانون من إخضاعهم للفحص الطبي، ومن فتح بحث جدي حول تلك المزاعم طبقا لما يفرضه القانون وتقتضيه اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادق المغرب عليها". واعتبر الدفاع أن اللجوء إلى الصمت عوض الترافع في آخر جلسة بناء على طلب المعتقلين "كان له وقع خاص على المحاكمة واطوارها النهائية"، مشيرين إلى أن "موقف المعتقلين بالمقاطعة دخل التاريخ، والتاريخ هو من سيحكم على موقف المعتقلين وسيحدد الجهة المسؤولة عن موقف المقاطعة والتي كانت السبب فيه الإجراءات الفاسدة التي مهدت له". ولفت هؤلاء إلى أن حل هذا الملف "يجب أن يكون سياسيا طالما بدأ سياسيا"، مشيرين إلى أن "الحل المسطري والقضائي الذي اختارته الدولة لمعالجة حراك الريف ومعاقبة النشطاء كما هو الشأن في كل المحاكمات السياسية عبر التاريخ، لن يكون سوى حلا ملغوما غير معلوم العواقب". واعتبرت الهيئة أن "الدفاع عن معتقلي الريف يجب أن يكون من كل المواقع، ولا بد من حل سياسي يعيد الثقة للدولة". وعبّرت عن "أملها في أن يجد هذا الملف حلا سريعا ينهي معاناة المعتقلين وعائلاتهم، كما ينهي الاعتقالات والمتابعات والمحاكمات وينهي الاحتقان والتوتر الذي تعرفه المنطقة، وأن يكون حلا يبعث الثقة من جديد في أن كون الطي الفعلي والحقيقي لصفحة ماضي المحاكمات السياسية والمحاكمات غير العادلة، كما عبرت عنه هيئة الانصاف والمصالحة هو منطلق وضع نهاية مع الانتهاكات التي عرفها مسار هذا الملف". وتأتي هذه الندوة بعد الأحكام الصادرة في حق معتقلي حراك الريف، والذين أدينوا بالسجن المؤبد، حيث أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء أحكاما قرابة ثلاثة قرون.