تكتسي المباراة الأولى للمنتخب المغربي لكرة القدم في مواجهة نظيره الإيراني ضمن الدور الأول لمونديال روسيا 2018، التي ستجرى اليوم الجمعة ، أهمية بالغة رياضيا؛ لكنها أيضا تحظى بخلفيات سياسية تضفي على هذه المواجهة الأولى بين المنتخبين طابعا خاصا. وتأتي المباراة ضمن الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثانية من كأس العالم في كرة القدم، بين منتخبي المملكة والجمهورية الإسلامية، بعد نحو شهر ونصف الشهر من قيام الرباط بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران. ولا تحظى الكرة الإيرانية والآسيوية عموما بالمتابعة في المغرب، ويعرف المغاربة هذا البلد أكثر بحضوره السياسي في الشرق الأوسط وبعلاقاته غير المستقرة مع المملكة منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وشهدت علاقات البلدين آخر فصول التوتر في ماي عندما قطعت الرباط علاقاتها بطهران على خلفية اتهامات بإشراف السفارة الإيرانية في الجزائر على توفير - عبر عناصر من حزب الله اللبناني - دعما عسكريا لجبهة البوليساريو التي تنازع المغرب السيطرة على الصحراء الغربية. ونفت إيران والحزب المدعوم منها هذه الاتهامات، معتبرين أنها تأتي بإيعاز من الولاياتالمتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط. ولم يتضح مستوى التمثيل الرسمي للمغرب في المباراة التي تقام الجمعة في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، بينما يتوقع حضور آلاف المشجعين المغاربة لمتابعة أول مشاركة لأسود الأطلس في المونديال منذ 20 عاما. وكانت البرلمانية الإيرانية بارفان سالشوري، التي تنشط للسماح للإيرانيات بدخول ملاعب الكرة، السياسية الوحيدة التي أعلنت عزمها التوجه إلى روسيا لمتابعة مباريات منتخب بلادها؛ إلا أن رئيس لجنة الرياضة بالبرلمان الإيراني محمد رضا تبيش أكد أن لا أحدا من البرلمانيين الإيرانيين سيحضر المونديال، تجنبا لإثارة "غضب الرأي العام في ظل ظروف اقتصادية صعبة". غير متوترة ويقول منصف اليازغي، الباحث في السياسات الرياضية، في تصريح لوكالة فرانس برس، إن مباراة المنتخبين "لا تكتسي الحدة نفسها التي اكتستها مواجهات شهيرة في تاريخ المونديال بين بلدان تربطها علاقات متوترة، مثل مباراة الأرجنتين وإنكلترا في المكسيك 1986، أو الولاياتالمتحدةوإيران في فرنسا 1998". ويتابع "المباريات التي تكتسي رهانات سياسية عادة ما يسبقها تراشق وحملات إعلامية حادة (...) وهو ما لا ينطبق على هذه الحالة". وشهدت مواجهات المغرب تاريخيا مع جارته الجزائر أو مع المنتخب المصري بعض الحدة الإعلامية بحكم المنافسة القوية؛ لكن هذه الحدة لا تبلغ مستوى التوتر أو الأزمات الدبلوماسية، كتلك التي حصلت بين الجزائر ومصر عام 2009 على خلفية تراشق إعلامي بمناسبة مواجهة المنتخبين في تصفيات مونديال جنوب إفريقيا 2010. ويتركز اهتمام الجماهير والإعلام المغربي على الجانب الرياضي في المشاركة الخامسة لأسود الأطلس في المونديال، في أجواء يغلب عليها التفاؤل منذ أن تمكن المغرب من انتزاع تأهل صعب في آخر جولة للتصفيات الإفريقية على أرض كوت ديفوار. وتخوض إيران هي الأخرى غمار كأس العالم للمرة الخامسة في تاريخها، وكانت أول منتخب آسيوي يحجز مقعده في روسيا 2018 باحتلالها المركز الأول في الدور الحاسم ضمن منافسات المجموعة الأولى، من دون أن يدخل مرماها أي هدف على مدى 720 دقيقة. ولم تخلُ تحضيرات المنتخب الإيراني للمونديال من تداعيات الحسابات السياسية في سياق عودة العقوبات الاقتصادية الأمريكية على هذا البلد، حيث غطى امتناع شركة التجهيزات الرياضية الأمريكية "نايكي" عن تزويد اللاعبين الإيرانيين بالأحذية على الأنباء الرياضية المتعلقة بالمنتخب. وعلق الموقع الإخباري الإيراني "بيرجيان فوتبول" ("كرة القدم الفارسية")، الذي يعنى بالأخبار المتعلقة بالمنتخب المحلي، بالقول: "نحن محبطون (...) يجب تحرير هذه اللعبة الرائعة من السياسة". إلا أن المدرب البرتغالي للمنتخب الأيراني كارولوس كيروش قلل من أهمية ذلك، مبديا ثقته بقدرة لاعبيه "على مباغتة المغرب في المباراة الأولى".