من فضائل عمليات التصويت على ملف مونديال المغرب، كما تمت يوم الأربعاء 13 يونيو الجاري، التعرف على الأصوات العربية أساسا، وفق توصيات قمة الجامعة العربية التاسعة والعشرين والتي انعقدت بالظهران بالسعودية في 15 أبريل الماضي والتي سُميت بقمة القدس (متزامنة مع صفقة القرن التي نادى بها الرئيس الأمريكي ترامب) منادية إلى مساندة المغرب في ترشحه لاحتضان تنظيم كأس العالم 2026. من شأن هذا التعرف والتعريف بالأصوات والبلدان، سواء التي صوتت لصالح المغرب لاحتضان تنظيم كأس العالم 2026 أو التي لم تصوت لصالحه، استنتاج الدروس اللازمة في هذا الشأن، من خلال تقييم سلوك الخذلان وآثار النيران الشقيقة والصديقة علينا وتقدير كل الإكراهات والإخفاقات والنكسات والإنجازات التي ميزت ترشح المغرب لهذا الاحتضان، وكذا استشراف آفاق العمل اللازم القيام به مستقبلا. لذلك، في اعتقادي، ينبغي الاهتمام بالعناصر الجوهرية الآتية: -التفكير في تفعيل بناء اتحاد المغرب العربي بصفته حلما ممكنا وأفقا رحبا للتنمية ومشروعا لترشح المنطقة لاحتضان الكأس في الدورة المقبلة؛ لأن البلدان المغاربية الستة عبرت عن وعي مغاربي كبير ومشرف في مساندة المغرب، بالرغم من الضغوطات الدولية والمساومة وسلطة المال والتهديد التي سادت أثناء الحملة؛ - الاهتمام بالتنمية الشاملة للمغرب عبر تقوية القدرات المؤسساتية والاستراتيجية الداخلية للبلاد، وهذا هو الأساس، لا سيما في مجال اقتصاد المعرفة وبناء الإنسان المغربي، من خلال تعبئة الموارد الضرورية لتنميته كتلك التي تم تعبئتها أثناء تكوين لجنة الترويج للاحتضان؛ - بلورة خطة عمل في أفق 2026 للقضاء نهائيا على الأشباح القاتلة والمحرجة في التصنيف الدولي للمغرب أو التخفيف من حدتها على الأقل: الأمية، الفقر، البطالة من خلال ضمان التعليم الجيد والصحة والشغل وتأمين قيم الكرامة والقضاء على الفوارق الطبقية وضمان ديمقراطية حقيقية تتيح تكافؤ الفرص لكل فصائل المجتمع، من خلال تجويد وشفافية الحكامة الشاملة لمشاريع التنمية؛ - التفكير في صياغة نموذج تنموي جديد وواقعي يعتمد الكفاءة والفعالية والاستحقاق والالتقائية convergence، ويستند إلى سد الحاجيات الأساسية والإستراتيجية للمواطنين، معتمدا في ذلك على القدرات والكفاءات الوطنية وتقوية الذات المغربية في سبيل تألقها في خلق الثروة وتوزيعها توزيعا عادلا والمساهمة في إثراء الحضارة العالمية ثم دعم قيم الشراكة في فضائها المغاربي والإفريقي والصيني (الصين صوتت لصالح المغرب) فضلا عن مصر ودول أخرى والعمل على تقوية التعاون مع بلدان إفريقية شتى أعربت كذلك عن مواقف مشرفة؛ - الحرص على تخصص وتكوين الوفود واللجان والأشخاص المعنيين بالترويج للملف المغربي عبر اكتساب اللغات الأجنبية، لا سيما اللغة الإنجليزية ومبادئ الدبلوماسية الاقتصادية والثقافية للأمم والتنظيمات الدولية والجهوية والمؤسساتية الدولية والرياضية؛ - نشر تقرير شامل وكامل عن الميزانية التي رصدت للترويج ولتنظيم كأس العالم وكيفية صرفها خلال الأشهر الأخيرة ليطلع عليها المواطنون، لأنهم هم الذين موّلوا هذه الميزانية المرصودة عبر تضحياتهم في شكل ضرائب مباشرة وغير مباشرة تم تسديدها للخزينة؛ - تنظيم ندوات ولقاءات وطنية لعرض وتحليل كل الجوالات والاخفاقات/ والنكسات الدبلوماسية والانتصارات التي حققتها لجنة الترويج لاحتضان كأس العالم عام 2026؛ - استثمار الإخفاقات والنكسات من خلال بلورة إستراتيجية جديدة في مجال الحكامة الدبلوماسية الرياضية في مختلف أبعادها التنموية والصناعية والفكرية والفنية والإنسانية الشاملة، والتي ينبغي في اعتقادنا أن يحتل فيها بناء المواطن المغربي حجر الزاوية مكتسيا أولوية قصوى، باعتباره مستقبل البلاد. لذلك، فهو (الإنسان المغربي) يعد حقا، ضمن العمق الإستراتيجي المقصود، أغلى من كل الكؤوس الكروية مهما علت. *مسؤول عن بنية البحث "حكامة إفريقيا والشرق الأوسط"/ جامعة محمد الخامس الرباط.