"الاستغلال الجنسي هو الشكل الأكثر شيوعا للاتجار بالبشر في أوربا الغربية" عن منظمة الأمن والتعاون الأوربي سقطت ورقة التوت السوداء في حقول الفراولة الحمراء بإسبانيا، لتكشف لهيب الجحيم الذي تكتوي به العاملات المغربيات في ضيعات ضياع الكرامة، جرَّاء المُعاملات الوحشية، لبعض أصحاب المزارع والمشرفين عليها، الذين تجاوزت شهيتهم الأرباح الكبيرة التي يراكمونها من عرق أجساد نساء مغربيات أعياهن الفقر والقهر، لممارسة أبشع أنواع التعنيف والاغتصاب والاستغلال والاستفزاز طيلة سنوات لم يكن الجلادون يتوقعون انهيار جدار الصمت، وصراخ الضحايا بآهات تدمي القلوب لتفضح فصولا مأسوية من العبودية المعاصرة والرق الحديث في جريمة متكاملة الأركان يصنفها القانون الدولي ضمن جرائم "الاتجار بالبشر". كانت التقارير الصحفية والحقوقية التي نشرتها مواقع إخبارية وجرائد وجمعيات إسبانية حول انتهاك حقوق العاملات المغربيات ومعاناتهن صادمة، الجنس مقابل الأشغال الشاقة، لأن ظروف العمل أشبه بأعمال السخرة والعبودية، مع الحرمان من أجر العمل في أحايين كثيرة، ونعت بعض المشغلين للعاملات بالعاهرات، وإرغام أخريات على الجنس القسري، أو التهديد بالطرد في ابتزاز سافل لحاجتهن للعمل، سيما وأن معظمهن أمهات أو أرامل يعشن هشاشة اقتصادية عميقة، في مغرب أصبح نهب المال العام فيه عبادة يومية، مع التغني بالمغرب الأخضر. حين قرأت أن النائبة البرلمانية "إيزابيل صالود" تُرافع أمام حكومتها عن الانتهاك الخطير لحقوق العاملات المغربيات، بضيعات "هويلفا" جنوب إسبانيا، وعن بشاعة الاستغلال الجنسي لهن وما رافقه من عمليات إجهاض لبعضهن طيلة مواسم جني "توت الأرض"، تساءلت لماذا تتعاطى حكومة السيد سعدالدين العتماني بخجل "التوت الأحمر" مع هذهالقضية التي تضرب كرامة المرأة المغربية والمغاربة في العمق؟؟ لقد نفت الحكومة المغربية في بداية هذه الوقائع التراجيدية أن تكون العاملات المغربيات يتعرضن لأي تحرش جنسي أو مضايقات في الفنادق المكيفة للفراولة، مفضلة دفن رأسها في التراب، لكن وأمام تصريح جهات رسمية حكومية وإعلامية ونقابية وحقوقية عن الاستغلال المقيت والاحتقار المهين لكرامة العاملات في حقول الذل والعار، صرح الناطق الرسمي للحكومة السيد مصطفى الخلفي أن "كرامة المرأة المغربية" توت أحمر، معذرة يقصد "خط أحمر". فهل بهذه الطريقة الدونكيشوتية البئيسة نحمي كرامة العاملات المغربيات؟؟ في السعودية وصلت الدناءة ببعض "الكافلين" إلى عرض صور عاملات مغربيات للبيع، مع قائمة بالمهارات التي يتقنها، وثمن البيع؟؟؟ أليست هذه من جرائم الاتجار بالبشر؟؟ أما جريمة الاتجار بالبشر في ما تطرقنا إليه لحالات بعض العاملات المغربيات في الحقول الإسبانية فواضحة، وننتظر موقف الحكومة والقضاء المغربي لمتابعة الجناة، سيما وأن أوربا تتغنى بحقوق الإنسان وحماية المرأة، واعتقال كل من تقدمت امرأة أوربية بشكوى ضده بتهمة اغتصابها، ولا تنفعه شفاعة الشافعين والأمثلة أكثر من أن تذكر.