وجد حزب العدالة والتنمية نفسه في وضع حرج، بسبب ما اعتبر تطاولا على اختصاصات الملك الدستورية؛ وذلك عقب الطلب الذي تقدم به لحسن الداودي، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، إلى رئيس الحكومة لإعفائه من الحكومة على خلفية مشاركته في مسيرة لعمال سنطرال أمام البرلمان بالرباط. وفي الوقت الذي خرجت فيه الأمانة العامة لحزب "المصباح" ببلاغ مساء الأربعاء تعلن فيه أن الداودي تقدم بطلب إعفائه من الوزارة بعد الجدل الذي خلقته مشاركته في وقفة مع عمال "سنطرال"، عادت الأمانة العامة نفسها، لتؤكد أنها لم تتلقّ أي طلب إعفاء من المهمة الوزارية من لحسن الداودي، الذي اعتذر عن حضور الاجتماع، وإنما أخذت علما به، وثمنت موقفه الشجاع. البلاغان الصادران عن قيادة الحزب، والتي اعتبرت متناقضة، بررت من أكثر من مصدر بأنها محاولة من الحزب الذي يقود الحكومة لدفع تهمه التطاول على اختصاصات الملك، خصوصا أن القراءات القانونية والدستورية التي قدمت للبلاغ الأول لحزب "المصباح" أنه يتجاوز اختصاصات الهيئة الحزبية ويتدخل في شأن ينظمه الفصل ال47 بين رئيس الحكومة والملك. عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس، يرى أن ما يحدث داخل حزب العدالة والتنمية، من "بلاغ مركزي وبلاغ مضاد صادر عن نفس الأمانة العامة يؤكد وجود تناقض بين مصادر بلاغات وتصريحات رسمية بخصوص قضية طلب إعفاء الوزير لحسن الداودي"، مشيرا إلى أن هذا الأمر تعبير عن انفصام نفسي خطير في شخصية حزب العدالة والتنمية. وقال المنار اسليمي، في تصريح لهسبريس، "إنه ما بين مضمون البلاغ الأول والأخير الصادر ليلة أمس نكون أمام إحدى فرضيتين؛ أولاها أن العدالة والتنمية له أمانتين عامتين في الحزب متصارعتين"، موضحا أن الفرضية الثانية تقول "إن قادة العدالة والتنمية أدركوا الخطأ الذي ارتكبوه في علاقتهم بالدستور والمؤسسات الدستوري، حيث انتبهوا في نهاية المطاف أن الداودي وزير حامل لتعيين دستوري ولم يعد مجرد مناضل رهن إشارة الحزب". "هذه البلاغات المتناقضة تعبر عن حالة الاضطراب والارتباك التي يعيشها هذا الحزب وعن طريقة فهمه الأمور السياسية التي تجعله أحيانا يرتكب أخطاء بمحاولة التموضع فوق الدستور"، يقول أستاذ القانون الدستوري، الذي أكد أن "هذا سلوك سياسي وتنظيمي خطير يضاف إلى سلوك الوزير الداودي نفسه وهو يقف إلى جانب فئة من المحتجين يملي عليهم شعارات لترديدها"، موردا أن "الوزير هنا يقف بصفته الحكومية وتصبح بذلك كل مكونات الأغلبية الحكومية مسؤولة عن هذا السلوك الاحتجاجي الذي يقوم به الوزير ضد المجتمع". وفي هذا الإطار، قال المتحدث نفسه إن "الأغلبية تكون موضوع اختبار بسلوك الأمانة العامة للحزب في تعاملها مع طلب الإعفاء المرتبط بالداودي"، موضحا أن "الأمر كان يجب أن يناقش داخل الأغلبية الحكومية وليس الأمانة العامة للعدالة والتنمية إلا إذا كان الحزب يعتقد أنه يحكم وحده". وختم المنار اسليمي حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن "التوصيف الذي ينطبق على التناقضات الكبيرة بين بلاغات وتصريحات العدالة والتنمية بخصوص قضية طلب إعفاء الداودي هو ما يسميه الفيلسوف أفلاطون ب"الكذب الشريف" أو ما يسمى في الفلسفة السياسية ب"الكذب المباح"".