أن تنظمّ إلى وقفة احتجاجية، كطرف مباشر أو غير مباشر، أو كمواطن عابر، في موضوع هذه الوقفة، فهذا حقك الدستوري؛ لكن أن تكون لك صفة وزير في حكومة قائمة وطرف في مطلب الوقفة، فهذا أمر غير مسموح لك أخلاقيا ومهنيا وسياسيا. وهذا في الحقيقة ما وقع لوزيرنا لحسن الداودي في حكومة العثماني الحالية حين ترجّل من سيارته الحكومية، وهو في طريقه إلى مهمة برلمانية، وانضمّ إلى عمال شركة "سانترال" الذين كانوا ينظّمون وقتها، أمام مقر البرلمان، وقفة احتجاجية للمطالبة بوقف المقاطعة الشعبية لحليب شركتهم. كان من المفترض في هذا الوزير، الذي هو عضو في التشكيلة الحكومية، وعضو قيادي في الحزب الذي يقود الحكومة، ووزير منتدب مكلف بالشؤون العامة والحكامة، وكذا في حكومته الحالية، بمعية مصالح المستثمر الأجنبي الذي يملك شركة الحليب هذه، أن يجيب، هو ومن معه، عن الأسئلة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لموضوع الوقفة الاحتجاجية، لا أن ينظم عبثا إليها، ويشارك في رفع شعاراتها التظلّمية، في تحدّ صارخ ورفض تام للمقاطعة الشعبية الجارية، والتي لم يكن يهمّها في الأصل إلا تخفيض أثمان حليب هذا المستثمر، وجعله في متناول القدرة الشرائية للمواطنين، هذه القدرة التي تتحمّل مسؤوليتها المباشرة وغير المباشرة، في المحدودية أو التراجع، كل الحكومات المتعاقبة. وإذا صحّت الأخبار المتداولة حول تقديم السيد الداودي طلب استقالته من الحكومة، الذي بالمناسبة يجب دراسته والحسم فيه في مكاتب رئاسة الحكومة وليس بالأمانة العامة لحزب رئيس الحكومة، فإن هذه الخطوة في اعتقادنا ليست كافية، نظرا لحجم الضرر السياسي الذي ألحق بالسلطة التنفيذية للبلاد؛ بل يجب محاسبته ومؤاخذته إداريا وسياسيا على حجم خلفيات وتبعات الاعتذار الرسمي الذي يجب أن تقدّمه حكومة العثماني لأطياف الشعب المغربي، وللمقاطعين بشكل خاص.