شهد المعبر الحدودي بباب سبتة، اليوم الأربعاء، احتجاجات عارمة نتيجة منع السلطات المغربية لمئات النساء الراغبات في دخول الثغر من أجل جلب السلع؛ ما أدى إلى وقوع إغماءات قرب بوابات الولوج. وتوقفت الحركة لساعات طويلة في هذا المعبر الحدودي الذي يشهد خلال هذه الأيام ازدحاما غير مسبوق نتيجة تزايد الطلب على المواد الغذائية القادمة من سبتة، التي توزع في الأسواق المغربية. وكادت الواقعة أن تكرر حوادث التدافع المميتة التي تشهدها المنطقة بين الفينة والأخرى، آخرها مصرع سيدتين أواخر غشت الماضي. وقالت مصادر من عين المكان، في تصريحات لهسبريس، إن السلطات المغربية المسؤولة على مراقبة المركز الحدودي "تعاملت بانتقائية مع ممتهني التهريب المعيشي؛ إذ سمحت للمافيات المعروفة بالمنطقة بالدخول إلى المدينة، بينما منعت التجار البسطاء من جلب السلع كما جرت العادة". وطالب المحتجون الحكومة المغربية بتوفير بديل حقيقي بدل التنقل يومياً إلى سبتةالمحتلة من أجل ضمان لقمة العيش بطريقة مهينة، وقالت إحدى النساء الممتهنات للتهريب في تصريح لهسبريس: "السلطات الإسبانية تتعامل معنا بلطف وإنسانية، بينما تعاملنا السلطات المغربية باحتقار شديد"، قبل أن تضيف بلكنتها الشمالية: "حنا مبقيناش باغين هاذ الخدمة. أنا امرأة مطلقة وخدامة على ولادي وعلى الحكومة توفير بديل لنا قبل منعنا من جلب السلع". وناشد أصحاب التهريب المعيشي الملك محمد السادس لإعطاء أوامره إلى الحكومة الحالية قصد معالجة هذا المشكل الذي فشلت الحكومات السابقة في تدبيره، ووجهوا أصابع الاتهام إلى مسؤولين كبار في الجمارك يعمدون إلى "التساهل مع المافيات وقطع أرزاق البسطاء"، بتعبير المحتجين. محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، أوضح، في تصريح لهسبريس، أن ما عرفه معبر باب سبتة من احتقان نتيجة منع الآلاف من ممتهنات التهريب "هو نتيجة الضغط الكبير عليه الذي يتزامن مع شهر رمضان واقتراب عيد الفطر". وأشار الناشط الحقوقي إلى أنه في "هذه الفترة بالضبط يتزايد الإقبال على السلع المهربة مع اقتراب عيد الفطر؛ إذ تزداد مصاريف الأسر والعائلات التي تعتبر العمولة عن حمل السلع المهربة المصدر الوحيد لها"، مضيفاً أن السلطات المغربية والإسبانية تلجآن إلى الإغلاق المؤقت في وجه التهريب كإجراء وقائي لعجزهما عن التحكم في تدفق البشر والسلع في كلتا الاتجاهين. وأكد الحقوقي ذاته في تصريحه أن المقاربة التي تلجأ إليها السلطات المغربية "غير كافية لوضع حد لمأساة عشرات الآلاف من الأسر التي يُعتبر المعبر الحدودي مصدر دخلها الوحيد، وما يتبع ذلك من مآسي الوفاة دهسا أو الإصابات والإعاقات والعنف الجسدي والنفسي والاغتصاب الممارس على هؤلاء النسوة". من جهتها، تنفي الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة التساهل مع مافيات التهريب مقابل التضييق على العاملين فيه؛ إذ سبق للمدير العام لإدارة الجمارك أن أكد أنه "ليس هناك تساهل من طرف إدارة الجمارك مع التهريب، كل ما هناك هو تدبير يومي لواقع معقد نجد أنفسنا فيه أمام رهان التوفيق بين إكراهين؛ الأول يتجلى في البعد الاجتماعي للتهريب المعيشي، والثاني يتطلب منا ضمان حماية الاقتصاد المهيكل". وكشف المسؤول ذاته أن الحجز الذي تباشره سلطات الجمارك بخصوص تهريب البضائع يصل إلى 500 مليون درهم سنوياً، أي ما يمثل حوالي 150 مليون سنتيم يومياً كقيمة للبضائع المهربة إلى التراب المغربي.