استجمع حسن الدحماني مهاراته المغربية وتجربته الخليجية للارتقاء بطموحاته في مجال السياحة من طور الأداء الميداني، الذي دام سنوات، إلى مرحلة تأطير أجيال الغد من الفاعلين في هذا القطاع الخدماتي. تجاوز هذا الخبير المغربي في الفندقة والإطعام والتموين، من بين تخصصات أخرى، عِقدا من تدريب موارد بشرية للسياحة في سلطنة عُمان، مثمنا ما حققه في هذه التجربة التي يبتغي مشاطرة كسبها مع الجيل الجديد. على طريقين "أنا من مواليد قلعة السراغنة التي نشأت ودرست بها، خلال كل أطوار التعليم إلى حدود نيل شهادة الباكالوريا؛ لكنني انتقلت إلى مراكش من أجل متابعة تكويني الجامعي"، يقول حسن الدحماني. أقبل الدحماني على جامعة القاضي عياض للتخصص في الأدب الإنجليزي، وفي الآن ذاته تسجل بمعهد التكنولوجيا الفندقية، بمراكش أيضا، من أجل الحصول على تكوين في الميدان السياحي. توفق حسن في المسارين معا بنيل إشهادين في كلا البرنامجين التكوينيين، مكتسبا قدرات متقدمة في التواصل باللغة الإنجليزية ودراية بمتطلبات العمل في مجال السياحة عموما، والفندقة تحديدا. في الحمراء ما إن تحصل "ابن السراغنة" على شهادة معهد التكنولوجيا الفندقية حتى انخرط في العمل وسط ما توفره مدينة مراكش من عروض سياحية، مراكما مزيدا من المراس عبر الأداء الميداني. استثمر الدحماني قدراته على التشبيك ونسج العلاقات الموثوقة للتأرجح بين مؤسسات خدماتية عديدة في "المدينة الحمراء"، مبينا عن ميله أكثر للارتباط بتسيير فضاءات الإطعام ذات الجودة العالية. يذكر الدحماني أن فكرة الهجرة لم تعنّ على باله إلاّ بعد معانقته نجاحات مهنية وإشادات من محيط اشتغاله في المغرب، أهمها ارتبطت بمؤسسات فندقية ومطاعم راقية في "عاصمة النخيل". ويستحضر حسن ما جرى وقتها ليزيد: "المقربون مني نصحوني باستغلال مهاراتي العملية، وأيضا خبرتي التواصلية، في الانفتاح على تجربة خليجية توسع الآفاق أمامي". ارتياح للإمارات اختار المغربي نفسه الإمارات العربية المتحدة وجهة لهجرته المهنية خارج الحدود المغربية، مرجعا هذا الاختيار إلى الراحة التي يعانقها في الفضاءات المحافظة وسعيه إلى توسط بيئة اشتغال مشجعة على التطور. يعتصر الدحماني ذاكرته قائلا: "لم أحس باغتراب في الإمارات، بل اندمجت بسرعة وسط ساكنة هذا البلد، وأنا أستفيد من رفقة مجموعة مغربية صاحبتها خلال هذا التنقل، كما دعمني إتقاني المسبق للإنجليزية". التحق حسن بالعمل في المجال الفندقي بمستقره الجديد، ولم يكتفِ بتنمية خبرته الميدانية وهو يقبل على تكوينات نظرية تضمن له التطور، خاصة ما أتيح أمامه من ارتقاء لمواقع المسؤولية المهنية. عُمان للسياحة رصد المنتمي إلى صف "مغاربة العالم" إعلان كلية عُمان للسياحة حاجتها إلى مدربين فندقيين قادرين على تقديم تكوين مهني لطلبة المؤسسة، ومن الإمارات بعث بملفه الذي حظي بالقبول. هذا المستجد جعل حسن الدحماني، بعد اجتيازه مقابلة التشغيل التي جرت في إمارة دبي أواخر سنة 2006، يحزم أمتعته من جديد كي ينتقل إلى العاصمة العُمانية مسقط بنية الاستقرار والنجاح في تجربته الجديدة. وعن السلطنة، يورد الخبير السياحي المغربي: "الشعب العُماني يمتاز بالبساطة والتواضع، مثلما يتسم بالترحاب والكرم.. لذلك سهل تأقلمي على صعيد التزاماتي المهنية وتعاملاتي الشخصية". تفرغ للتدريس استجمع الإطار عينه 11 سنة ونيف من الوجود في كلية عُمان للسياحة، وحضورا حاليا في هذه المؤسسة بصفة مدرب خدمة تغذية ومشروبات ومدرب "إيتيكيت وبروتوكول"، إضافة إلى كونه مسؤولا عن تنظيم الحفلات والفعاليات بالكلية. تتصل مهام الدحماني بتكوين الطلاب العمانيين المقبلين على الاشتغال في مجال الفندقة عموما، خاصة الإطعام والتموين، كما يقوم بتدريب المشتغلين فعلا في هذا الميدان باعتماد برامج للتكوين المستمر. "أقوم بوضع هذه البرامج التأطيرية التي تلقى مصادقة السلطات المختصة، أساسا، قبل الإشراف على تنفيذها من خلال كلية عُمان للسياحة.. وبجانب ذلك أدرب شخصيات كبيرة على الإِيتِيكِيت والبروتُوكُول"، يكشف المتخصص ذاته. تشبث بالقمة يعلن صاحب التكوين المراكشي والخبرة الإماراتية أن مقامه في عُمان جعله ينبذ الرتابة، ملتزما بالبحث عن المستجدات يوما، مقبلا من خلال هذا الاختيار على تطوير المدارك تحفيزا لاستكمال التطور. يعمد حسن في استراتيجيته الخاصة إلى وضع أهداف، قصيرة ومتوسطة المدى، ثم مواكبتها بالعمل الجاد حتى تحقيقها.. دائبا على هذا التعاطي من مرحلة التدرج في التكوين المهني والجامعي بمراكش إلى الآن. أحلام الدحماني ترتبط، في الوقت الحالي، باستغلال التجربة التي راكمها والمدارك التي استجمعها في مشروع، على أرض الوطن الأم، يبتغي المساهمة في تكوين أطر المستقبل المنوط بها الرقي بالسياحة المغربية. أبناء البلد نصحا للمغاربة الساعين وراء التطور عبر تجارب هجرة، يقول المستقر في عُمان: "أنادي بالنظرة الإيجابية للدنيا قبل اتخاذ الحذر استعدادا للسوء، مع الاقتناع بأن العولمة غيّرت مفهوم الهجرة بنسبة كبيرة، أو وسعت معنى الوطن ليصير أرحب". ويرى الخبير السياحي المغربي أن الانفتاح على التكنولوجيا ومستجداتها يتيح للناس هجرات افتراضية يومية؛ وهو ما يتيح للمغتربين، من جهة أخرى، البقاء على ارتباط بالوطن الأم أينما وجدوا عبر العالم، حاظين بدعم الأهل والمعارف. "ما مررت به يجعلني حاسما في كون المتميزين بروح المثابرة والإصرار قادرين على النجاح بسرعة، أما الإتقان فهو يجعل الوافدين على أيّ فضاء حاظين بثقة الآخرين"، يختم حسن الدحماني.