تظاهر موظفو القطاع العام في فرنسا، الثلاثاء، للاحتجاج على إصلاحات مقترحة للرئيس إيمانويل ماكرون الذي اعتبروا أنه يشن "هجوما" على الخدمات المدنية وأمنهم الاقتصادي. واليوم هو الثالث من الاضطرابات الواسعة في حركة النقل والتظاهرات التي نفذها موظفو القطاع العام منذ انتخاب ماكرون العام الماضي، والذي تعهد خفض الانفاق الحكومي وتقليص الوظائف وإجراء إصلاحات في قطاعات واسعة. وحدة نقابية شاركت جميع نقابات الموظفين الحكوميين، الثلاثاء، في مشهد تكاثف نادر من نوعه لم يحصل منذ 2010 في تظاهرة في باريس جمعت نحو 16 ألف شخص. وتخلل المسيرة اشتباكات بين عشرات من المتظاهرين المقنعين والشرطة التي أطلقت الغاز المسيل للدموع واعتقلت عددا من الأشخاص. وجرى في الإجمال إيقاف نحو 130 شخصا؛ بينهم 101 في ثانوية بباريس دخلتها قوات الأمن للتثبت من الهويات، بعد دخول عشرات الأشخاص المكان إثر تفريق تظاهرة باريس. كما تظاهر الآلاف في مرسيليا وليون ونانت وغرينوبل وغيرها من المدن. وأثر الإضراب على المدارس ودور الحضانة ورحلات الطيران وبعض مرافق الكهرباء؛ فيما وقعت اضطرابات في حركة النقل، حيث شارك بعض الموظفين قبل الجولة المقبلة من الإضرابات التي تبدأ في وقت متأخر الثلاثاء وتستمر ليومين في الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية. وقالت برنانديت غروازون، من "الاتحاد النقابي الوحدوي"، إنه "بفضل القطاع العام، جميع النقابات ستكون متحدة" وأضافت: "هذا يظهر أهمية التحرك". وتعتزم الحكومة الوسطية تطبيق إصلاحات في القطاع العام اعتبارا من السنة المقبلة يمكن أن تؤدي إلى استخدام أكبر للعمال المتعاقدين في بعض الخدمات الحكومية واقتطاع 120 ألف وظيفة من 5,6 ملايين بحلول 2022. وجمّدت الحكومة الرواتب في وقت يستعد أوليفييه دوسوب، وزير الدولة للخدمة العامة، لإجراءات لخفض النفقات. ويخشى العديد من الموظفين الحكوميين أن تكون الحكومة تعتزم إلغاء وضعهم الخاص ومزايا ضمان توظيفهم مدى الحياة، وهي تدابير تم إبلاغ الموظفين الجدد في الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية بها. وتسبب إضراب نفذه عناصر في الشرطة من أجل مزايا تقاعدهم في اضطراب حركة السير في الطريق الدائري المحيط بباريس؛ لكن الإحصائيات تشير إلى أن الحراك يحاول حشد دعم واسع، حيث أفاد 49 في المائة بأنهم لا يدعمون الموظفين المضربين في استطلاع أجراه معهد "فيافويس" ونشرته صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية؛ فيما أعرب 40 في المائة عن دعمهم للتحرك. لا تراجع تتزامن نتائج الاستطلاع مع تلك المرتبطة بالإصلاح في قطاع السكك الحديدية، الذي أثار أطول سلسلة إضرابات على الإطلاق في الشبكة. واعتبر 42 في المائة من المستجوبين في استطلاع أجرته شركة "اي فوب" ونشرته صحيفة "جورنال دو ديمانش"، الأحد، أن إضراب الشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية مبرر مقابل 58 في المائة ذهبوا إلى عكس الرأي السالف. وينفذ موظفو السكك الحديدية إضرابات ليومين من خمسة كل أسبوع منذ الثالث من أبريل المنصرم وسيبدؤون جولة إضرابات جديدة الثلاثاء. وأثرت تحركاتهم بشكل كبير على خدمة القطارات؛ لكن ماكرون تعهد بعدم التراجع وتطبيق وعوده بإصلاح قطاع السكك الحديدية وتقليص النفقات الحكومية، وهو جزء من برنامجه الانتخابي. والقطاع العام في فرنسا من الأكبر في أوروبا مقارنة بحجم اقتصادها، ولم تتمكن البلاد من تحقيق التوازن في ميزانيتها منذ السبعينيات؛ وهو ما أدى إلى دين عام بنسبة تقترب من 100 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. من جانبها، تتهم النقابات ماكرون، المصرفي السابق، بالسعي إلى تدمير الخدمات العامة التي تعد مصدرا أساسيا للوظائف وتوفير سبل المعيشة في العديد من مناطق البلاد. ونظم الموظفون الحكوميون نحو 130 إلى 140 تظاهرة في مختلف المدن الفرنسية الثلاثاء؛ فيما تأمل النقابات بأن تكون المشاركة أكبر من التحرك الأخير في 22 مارس الذي حشد 300 ألف متظاهر في أنحاء البلاد. وتأتي المسيرات قبيل حراك دعت إليه، السبت، عشرات الجمعيات والأحزاب اليسارية والنقابات لدعم الموظفين المضربين ودفع ماكرون إلى التراجع.