قال صلاح الدين دمرداش، مرشح حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، الذي ينافس الرئيس رجب طيب إردوغان من خلف القضبان، إن إجراء انتخابات نزيهة الشهر المقبل أمر مستحيل في ظل وجود حالة الطوارئ في البلاد. وفي أول مقابلة له مع وسيلة إعلام دولية منذ ترشيح الحزب المؤيد للأكراد له، الجمعة الماضية، لخوض الانتخابات الرئاسية المبكرة في تركيا، قال دمرداش ل"رويترز" إن "أحزاب المعارضة ستواجه عقبات كبرى خلال حملاتها الانتخابية". وأضاف: "التجمعات محظورة والحديث ممنوع وانتقاد الحكومة محظور، وحتى الدفاع عن السلام يعتبر دعاية إرهابية". موردا أن "المئات من الصحافيين المعارضين اعتقلوا، وأغلقت عشرات المحطات التلفزيونية والإذاعية"، مشيرا في رد خطي على أسئلة قدمتها رويترز لمحاميه إلى أنه "من المستحيل إجراء انتخابات نزيهة في مناخ كهذا". ويواجه دمرداش وحزب الشعوب الديمقراطي تحديات أكبر مقارنة بالأحزاب المعارضة الأخرى في مواجهة إردوغان، أنجح الشخصيات السياسية في تاريخ تركيا الحديث. ودمرداش، الزعيم المشارك السابق للحزب، مسجون منذ عام ونصف العام بتهم أمنية، وربما يواجه السجن لمدة تصل إلى 142 عاما إذا تمت إدانته. ومع إعلان ترشيحه يوم الجمعة، نشر الحزب صورا لدمرداش من داخل السجن، الواقع في إقليم أدرنة بشمال غرب البلاد، وهو يرتدي قميصا أبيض وسروالا أسود، وبدا عليه نقص الوزن. وحصل دمرداش، محامي حقوق الإنسان السابق أحد أشهر الساسة الأتراك، على أصوات من خارج قاعدة تأييده الرئيسية من الأكراد في انتخابات عام 2015، مما جعل الحزب ثاني أكبر حزب معارض في البرلمان. ويتهمه الادعاء دمرداش، ومئات آخرين من المعتقلين من حزبه، بأنه على صلة بحزب العمال الكردستاني المحظور الذين يشن حربا مسلحة منذ عشرات السنين في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه غالبية كردية. ونفى حزب الشعوب الديمقراطي الاتهامات، وصرح دمرداش بأنه سُجن ظلما. وقال دمرداش: "لا توجد أي عقبات قانونية أمام ترشحي لأنني لست مدانا"، مضيفا أنها ستكون "فضيحة وجريمة" إذا صدر حكم قضائي يدينه، وبالتالي يمنع ترشحه. ورغم أن حزب الشعوب الديمقراطي لا يحظى إلا بدعم ما بين 10 و12 في المئة من الناخبين، فمن المرجح أن يحصل دمرداش على دعم كبير أمام إردوغان وغيره من المرشحين في الوقت الذي يعزز فيه احتمالات دخول حزبه البرلمان. حملة ما بعد الانقلاب الفاشل وفرضت السلطات التركية حالة الطوارئ بعد محاولة انقلاب في يوليو تموز 2016 راح ضحيتها 250 قتيلا. وقالت الأممالمتحدة إنه منذ ذلك الحين، اعتقلت السلطات أكثر من 160 ألفا وأقالت عددا مماثلا تقريبا من موظفي الحكومة. وقالت منظمات حقوقية وبعض الحلفاء الغربيين إن إردوغان استغل محاولة الانقلاب كذريعة لسحق المعارضة. وقال حزب الشعوب الديمقراطي إن السلطات اعتقلت ما يصل إلى خمسة آلاف من أعضائه. وأضاف الحزب، اليوم السبت، أن السلطات سحبت جواز سفر زعيمه المشارك سيزاي تيميلي في مطار اسطنبول أثناء توجهه إلى ألمانيا في سياق الحملة الانتخابية. وتقول الحكومة إن الإجراءات التي اتخذتها في أعقاب محاولة الانقلاب ضرورية في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها تركيا. وعندما أعلن إردوغان الشهر الماضي إجراء الانتخابات المبكرة في 24 يونيو، أي قبل نحو عام ونصف العام من الموعد المحدد لها، قال إن ذلك سيسمح لتركيا بالانتقال أسرع إلى النظام الرئاسي التنفيذي الذي يؤيده منذ فترة طويلة. وبدأ إردوغان بسلاسة حملته الانتخابية، كما تهيمن أنشطة الرئيس ووزرائه على وسائل الإعلام التركية. ويتحدث عادة إردوغان مرتين أو ثلاث مرات يوميا، كما تنقل معظم المحطات الرئيسية خطبه على الهواء مباشرة، بينما تحظى أنشطة أحزاب المعارضة بتغطية أقل كثيرا، ولا تعير وسائل الإعلام أي اهتمام تقريبا لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد. وأعلن الحزب، يوم الجمعة، ترشيحه لدمرداش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تجاهلت وسائل الإعلام التركية هذا الإعلان. وقال دمرداش إن إردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، الذي يحكم تركيا منذ 15 عاما، دعيا إلى انتخابات مبكرة بسبب مخاوف من تراجع التأييد، مضيفا أن الناخبين الأكراد لن يمنحوا أصواتهم "لحزب عنصري". وقال: "حكومة حزب العدالة والتنمية تفقد التأييد بوتيرة سريعة. وجرى إدخال الاقتصاد كذلك في الأزمة. وتخطط الحكومة للسيطرة على (مفاصل) الدولة قبل أن يصل (التأييد لها) إلى أدنى مستوياته". وأضاف: "الناس في تركيا سئموا من حزب العدالة والتنمية ويرغبون في الإطاحة به، وقطعا يعلم الحزب ذلك". *رويترز