استقبل الملك محمد السادس، اليوم الخميس بالقصر الملكي في مدينة الرباط، كلا من رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير الاقتصاد والمالية، بحضور المستشارين الملكيين فؤاد عالي الهمة وياسر الزناكي. حيث قدم رئيس الحكومة، خلال هذا الاستقبال، مقترحات للملك بخصوص إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، كما ألقى كلمة في هذا الموضوع خلال الموعد نفسه. سعد الدين العثماني قال إنه تنفيذا للتعليمات الملكية بشأن رفع مقترحات بخصوص إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، تم العمل، وفق مقاربة تشاركية مع مختلف القطاعات المعنية، على إعداد تصور شامل لهذا الإصلاح؛ استند إلى تشخيص معمق لمختلف الإكراهات التي حالت دون تحقيق هذه المراكز للأهداف الواردة في الرسالة الملكية، المؤرخة في 9 يناير 2002، بشأن التدبير اللامتمركز للاستثمار. كما أضاف رئيس الحكومة أن التصور المقترح ينطلق من اعتبار هذه الرسالة إطارا مرجعيا لعمل المراكز الجهوية للاستثمار، ويستند إلى خلاصات تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تقييم أداء المراكز الجهوية للاستثمار، الذي توصل به الملك محمد السادس شهر دجنبر 2017، ونتائج الدراسة التشخيصية والاستشرافية المفصلة التي أنجزها مكتب للاستشارة، تحت إشراف وزارة الداخلية، ومخرجات اجتماعات اللجنة المشكلة من مختلف القطاعات المعنية تحت رئاسة رئيس الحكومة. "انطلاقا من مختلف التشخيصات المنجزة تمت بلورة التصور المقترح لإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار المرتكز على ثلاثة محاور أساسية"، يقول رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أمام الملك محمد السادس خلال الاستقبال الذي جرى اليوم الخميس. المحور الأول أتى متعلقابإعادة هيكلة المراكز الجهوية للاستثمار، ويرتكز على تحويل هذه المراكز إلى مؤسسات عمومية مع اعتماد حكامة تشاركية ومنفتحة على مختلف الفاعلين؛ من مجالس جهوية وممثلي القطاع الخاص والمصالح الخارجية للقطاعات الحكومية، بالإضافة إلى توسيع نطاق مهامها واختصاصاتها لتشمل المعالجة المندمجة لملفات الاستثمار في كافة مراحلها، والمواكبة الشاملة للمقاولات الصغرى والمتوسطة، والسهر على التسوية الودية للنزاعات الناشئة بين الإدارات والمستثمرين وغيرهما. وسيتم اعتماد هيكلة تنظيمية حديثة ومتطورة عبر إحداث قطبين أساسيين وهما قطب "دار المستثمر" وقطب "تحفيز الاستثمار والعرض الترابي". كما سيتم العمل على تعزيز هذه الموارد البشرية وتأهيلها من خلال اختيار أفضل الكفاءات والخبرات في مجال تدبير الملفات الاستثمارية، لا سيما بالنسبة لمديري هذه المراكز. العثماني قال إن المحور الثاني يتعلق بإحداث اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، ويقترح دمج كافة اللجان الجهوية السابقة المرتبطة بالاستثمار في لجنة جهوية موحدة، بهدف تحسين وملاءمة مساطر اتخاذ القرار. وتعتبر القرارات المتخذة على مستوى هذه اللجنة ملزمة لكافة أعضائها. كما تفتح إمكانية الطعن في قرارات اللجنة أمام والي الجهة، وعند الاقتضاء أمام لجنة يرأسها رئيس الحكومة. "المحور الثالث يتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات المرتبطة بملفات الاستثمار على المستويين الجهوي والمركزي. ويهم ذلك جهويا تبنى اللاتمركز الإداري، أما على المستوى المركزي فإنه يروم اعتماد مقاربات وقوانين محفزة حديثة، أثبتت نجاعتها على المستوى الدولي، تتعلق ب 4 محاور أساسية. أولا: التبسيط الشامل والممنهج للمساطر الإدارية؛ ثانيا: مكافحة التعسفات باعتماد قانون إلزامية التنفيذ وتقنين آجال منح الرخص؛ ثالثا: مكافحة البيروقراطية الإدارية؛ رابعا: إعمال مبادئ الإدارة العامة الجديدة من خلال اعتماد سياسة حديثة لتدبير الموارد البشرية"، يردف رئيس الحكومة. المسؤول ذاته عبر عن كون بلورة مقترحات مشروع الإصلاح المعروض على أنظار الملك محمد السادس تقتضي اقتراح إحداث لجنة وزارية، برئاسة رئيس الحكومة، مكونة من وزير الداخلية والأمين العام للحكومة ووزير الاقتصاد والمالية والوزير المكلف بالاستثمار، تتكلف بقيادة مشروع إصلاح مراكز الاستثمار وتتبع تنفيذه. وتشمل التدابير الأولية التي يقترح الشروع في تنزيلها، بعد نيل موافقة الملك، 5 إجراءات. وحدد العثماني هذه التدابير في اعتماد مشروع القانون الجديد بتحويل المراكز الجهوية للاستثمار إلى مؤسسات عمومية؛ وإعداد النص القانوني المتعلق بإحداث اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار؛ واعتماد دفعة أولى من قرارات نقل السلط المتعلقة بالاستثمار وبالرخص الإدارية القطاعية من الإدارات المركزية إلى المستوى الجهوي؛ وحصر لائحة القوانين المحفزة ذات الأولوية في إصلاح منظومة الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال؛ ثم رصد الاعتمادات المالية اللازمة من ميزانية الدولة لتنزيل مشروع الإصلاح. رئيس الحكومة ختم كلامه بالقول إن يرجو أن تكون الخطوط العريضة لمقترحات وخارطة تنزيل مشروع إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار في انسجام تام مع توجيهات الملك محمد السادس، وإرادته لإصلاح هذه المراكز، وجعلها أداة ناجعة لتحفيز الاستثمار والمبادرة الحرة، ولجعل "مغرب الجهات" قاطرة للتنمية والحد من الفوارق المجالية، وتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للشعب المغربي.