أعلنت اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر العالمي للأقليات المسلمة في المجتمعات غير المسلمة، الذي من المقرر أن تستضيفه العاصمة الإماراتيةأبوظبي، يومي 8 و9 ماي المقبل، عن تلقيها رسائل وطلبات كثيرة من شخصيات ومؤسسات تمثل الأقليات المسلمة في العالم، تطالب باستحداث كيان عالمي يجمع الأقليات المسلمة. وأكد علي راشد النعيمي، رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بأبوظبي مساء الاثنين، أن المؤتمر يأتي في سياق "الرسالة الحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة الهادفة إلى نشر ثقافة السلم لتحقيق الأمن المجتمعي، وترسيخ قيم العيش المشترك والاحترام المتبادل بين شعوب العالم، وتعزيز التسامح والحوار بين أتباع الأديان، وارتكازاً على طلبات كثير من قيادات مؤسسات الأقليات المسلمة". وأشار النعيمي في هذا الصدد إلى أن "الجمعية التأسيسية ستنعقد إبّان المؤتمر العالمي للأقليات المسلمة في المجتمعات غير المسلمة، الذي سيعقد بأبو ظبي في ماي المقبل، ليكون المجلس بمثابة كيان مؤسساتي يعزز دور الأقليات المسلمة ويرتقي بممارساتها التطبيقية في مجتمعاتها، إلى جانب المحافل الدولية، خاصة أن المؤتمر سيشهد مشاركة أكثر من 500 مشارك ينتمون إلى أكثر من 140 دولة". وأوضح رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر أن أكثر من نصف مليار مسلم، أي ما يوازي ثلث الأمة الإسلامية، يعيشون حالة أقلية دينية وبشرية في بلدان متعددة الثقافات والأديان والأعراق، مضيفا أنه مع ازدياد التحديات التي تواجه هذه الأقليات، برزت الحاجة المتزايدة لنشر ثقافة الاعتزاز بالانتماء الوطني، والتفاعل مع باقي المكونات المجتمعية، علاوة على التحديات الفكرية التي تواجه تلك الأقليات من تغلغل لتيارات الغلو والتطرف أو من تصدي المشهد السياسي من طرف أحزاب العنصرية وكراهية الآخر، مما تطلب من الجميع تعزيز الجهود الهادفة إلى دمج تلك الأقليات في مجتمعاتها، وتحصينها فكريا وروحيا، وحمايتها من التمييز العنصري أو التطهير العرقي. وأشار النعيمي إلى الحاجة التي دعت إلى إطلاق مبادرة عالمية رائدة تساعد على تعزيز مفهوم المواطنة، ونشر قيمها لدى أبناء الأقليات المسلمة كمكوّن أساسي فاعل في تنمية بلدانها، من خلال العمل على تصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين تضمن للمنتمين إلى هذه الأقليات حقوقهم الطبيعية في ممارستهم لشعائرهم وفق المضامين الأممية لحقوق الأقليات الدينية والعرقية، مما يضمن حق المجتمعات في التعددية الثقافية والدينية. وأضاف أن المجلس العالمي للأقليات المسلمة يعد مؤسسة دولية تهدف إلى تنسيق جهود مؤسسات الأقليات المسلمة، والارتقاء بدورها الوظيفي من خلال تشجيع أفراد الأقليات المسلمة على المساهمة في نهضة دولهم المدنية والاقتصادية، وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والأقليات المسلمة، وتجسير الهوة الفكرية والثقافية بين مكونات المجتمع الإنساني. وأكد النعيمي أن هذا المجلس لا يهدف إلى أن يكون بديلا عن المؤسسات المحلية العاملة في مجتمعات الأقليات المسلمة أو المؤسسات الحكومية، بل سيركز نشاطه على مساعدة هذه المؤسسات لوضع آليات تفعل دور الأفراد في خدمة أوطانهم، من خلال منصة تساعدهم على تبادل التجارب والعمل المشترك، ليتمكنوا من بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة في مجتمعاتهم، مع الحرص على التعاون مع حكومات بلدان الأقليات المسلمة لتحقيق ذلك. من جهته، أشار محمد البشاري، نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة للمؤتمر العالمي للأقليات المسلمة في المجتمعات غير المسلمة، إلى أن "المجلس العالمي للأقليات المسلمة" سيضطلع بمجموعة من المهام، التي تعزز ممارسات الأقليات المسلمة في الدول المختلفة، وزيادة فعالية أدائها تجاه أبنائها ومجتمعاتها، من خلال إطلاق عدد من المبادرات ذات العلاقة بأهداف المجلس الذي تم الإعلان عن إطلاقه، ومنها الميثاق العالمي للأقليات المسلمة للحقوق والحريات، والخطة الاستراتيجية للنهوض بالدور الحضاري للأقليات الإسلامية. وكشف البشاري أن رؤية المجلس تتمثل في تفعيل الدور الحضاري للأقليات المسلمة لتعزيز قيم المواطنة والتعددية الثقافية، من خلال إبراز رسالته المتمثلة في تعزيز الشراكة من أجل سلامة الأوطان وأمنها. ويهدف المجلس - وفق البشاري - إلى تعزيز التنسيق بين المؤسسات الناشطة في مجتمعات الأقليات المسلمة، وتبادل الخبرات فيما بينها، والتنسيق مع المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية والمحلية لخدمة رسالتها. كما يهدف المجلس، حسب محمد البشاري، الباحث المغربي في الشأن الديني، إلى العمل على "تأصيل التعددية الثقافية، واحترام الخصوصيات الثقافية والفكرية للأقليات المسلمة في العالم، والعمل على تعزيز قيم الاعتدال والحوار والتسامح والانتماء الوطني ونشرها، ونبذ التعصب الديني وكراهية الآخر، والتأكيد على تعزيز الحقوق المدنية والسياسية للأقليات المسلمة، باعتبارها حقا أصيلا من حقوق الإنسان وفقا للمواثيق الدولية والوطنية". وأضاف أن اللجنة المنظمة للمؤتمر تؤمن بضرورة تأصيل خطاب ديني يساعد على تمكين مجتمعات الأقليات المسلمة من التوفيق بين مقتضيات الانتساب إلى الدين ومقتضيات الانتماء إلى الوطن، بما يكفل تعزيز قيم المواطنة لديها، بالإضافة إلى توعية الأقليات المسلمة بخطر الجماعات الدينية المتشددة ومواقعها الإلكترونية. وقال إن "المجلس يهدف كذلك إلى تفعيل الآليات الأكاديمية والمهنية والقانونية والحقوقية للحد من الصور النمطية عن الإسلام والأقليات المسلمة في الإعلام"، علاوة على "تأهيل الأسر والنساء والشباب والأطفال من الأقليات المسلمة في مجال التربية على المواطنة والاعتزاز بهويتهم الوطنية والثقافية والدينية والمساهمة في تنمية مجتمعاتهم". وأكد أن المجلس سيسلط الضوء على نجاحات أبناء الأقليات حول العالم، ونشر النماذج التي تعزز الممارسات الإيجابية والمساهمة الحضارية لأفراد الأقليات المسلمة من خلال تفاعلها المنفتح مع باقي مكونات مجتمعاتها، بالإضافة إلى إعداد وتهيئة القيادات في الأقليات المسلمة من خلال وضع النظم والبرامج المناسبة لتنمية وتطوير كفاءات الموارد البشرية والقادة بمختلف مؤسسات الأقليات المسلمة، وإطلاق منصات للتواصل بين قيادات الأقليات المسلمة، ومد جسور التعاون فيما بينها.