ببرامجه الاجتماعية الطموحة ومكانته الدولية ومسيرته الخارجة عن المألوف، تحوّل "لولا" إلى رمز اليسار في أميركا اللاتينية، ودخوله السجن يشكل ضربة لجيل كامل من قادة المنطقة. أي تأثير على اليسار الأميركي اللاتيني؟ قال وليام ليوغراندي، الباحث في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في واشنطن: "إنها صدمة كبيرة أن نرى الرجل الذي كان أكثر من أي شخص آخر رائد اليسار الجديد، الذي ازدهر في أميركا اللاتينية، يرسل إلى السجن"، بعد عشرين عاما على بداية هذه الموجة التي غزت 15 بلدا في المنطقة. من جهته، رأى باتريسيو نافيا، المستشار الأكاديمي في مركز الانفتاح والتنمية لأميركا اللاتينية، أن "لولا هو مرشح اليسار الاصلاحي غير الثوري، الأكثر ليونة حيال الأسواق. هذا اليسار يبدو مهزوما: لقد احترم اللعبة الديمقراطية ويبدو أن ضوابطه انتهت بالحاق الضرر به (...) النتيجة هي أنه سيميل إلى التطرف". ومن فضيحة مجموعة الأشغال العامة اوديبريشت إلى الركود الاقتصادي في فنزويلا والحكم الصادر على لولا، رأى فرانشيسكو بانيتسا، الأستاذ في جامعة "لندن سكول اوف ايكونوميكس"، أن "هذه الفصول تعزز فكرة أن اليسار الأميركي اللاتيني انتهى بشكل سيء مع فضائح فساد وقادة في السجن وأزمة في فنزويلا أو في البرازيل. إنه أمر سيواجه (اليسار) صعوبة في تجاوزه". لولا في السجن مضطهدا جديد؟ بلحيته البيضاء وحضوره القوي وأنصاره المتحمسين، يمكن للويس ايناسيو لولا دا سيلفا أن يواصل من سجنه هز الساحة السياسية الوطنية والإقليمية. وقال بانيتسا: "في نظر الكثير من الحركات اليسارية تشكل قضية لولا اضطهادا سياسيا بهدف إخراجه من الساحة. المشكلة هي أن هذه الذريعة محصورة في قطاعات اليسار فقط". ورأى بيتر حكيم، من المجموعة الفكرية الأميركية للحوار في واشنطن: "في نظر البعض ما زال بطلا. لم تكن حياة وآفاق الفقراء، الفقراء جدا والبرازيليين الملونين، يوما أفضل مما كانت في عهده: مزيد من الوظائف وأجور أفضل ومزيد من البرامج الاجتماعية وتطوير التعليم". وذكر حكيم أن "لولا" الذي كان أول رئيس دولة للبرازيل قادم من الطبقة العمالية، طبق برامج اجتماعية واسعة مستفيدا من سنوات النمو. وكانت المحكمة العليا رفضت، الأربعاء، طلبا تقدم به "لولا" لتعليق تنفيذ الحكم بالسجن الصادر إلى أن يستنفد كل الفرص للطعن فيه؛ ما يؤثر على فرصه في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقالت نافيا، الأستاذة في جامعة نيويورك، إن "ما نجحت المحكمة في القيام به هو تحويل انتخابات أكتوبر إلى استفتاء حول لولا". وقال حكيم: "اعتقد أنه يمكن أن يفوز في الانتخابات الرئاسية (إذا شارك في اقتراع أكتوبر) لكنه لن يستعيد المكانة والاحترام اللذين كان يتمتع بهما سابقا. لا أعتقد أن وزنه خارج البرازيل مهم اليوم". نهاية اليسار أم نهاية مرحلة؟ ردا على سؤال حول ما إذا كان سجن لولا يعني موت اليسار في المنطقة، يقول حكيم: "أعتقد ذلك"، ويضيف أن "وفاة فيديل والفشل الذريع لتشافيز ومادورو والحكم الفردي لاورتيغا والنهايات السيئة لكيرشنر وحزب العمال (حزب لولا)، كلها دفعت باليسار إلى أدنى المستويات. لا يمكنني أن تصور أنه قادر على التعافي". وأضاف: "ستكون هناك مرحلة جديدة على الأرجح، لكنني لا أرى شيئا يمكن أن يقدمه اليسار حاليا ما لم يواكب الأسواق والإدارة الاقتصادية والحكومات الديمقراطية، كما في تشيلي والأوروغواي وإلى حد ما البرازيل خلال عهد لولا". وقالت نافيا: "إنها ليست نهاية اليسار، بل نهاية يسار، اليسار الذي قاتل الحكم الديكتاتوري" واعتمد على الطفرة في صادرات المواد الأولية في بداية الألفية. ويرى ليوغراندي أنه "طالما أن مجتمعات أميركا اللاتينية تشهد فقرا وعدم مساواة وتهميشا اجتماعيا، سيواجه اليسار دائما تحديات لتغيير الوضع القائم". *أ.ف.ب