يتجه حزب العدالة والتنمية، القائد للائتلاف الحكومي في المغرب، إلى إقرار مراجعات فكرية وسياسية في إطار حوار داخلي أعلنه عنه سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب، لتجاوز المطبات التي دخلها فيها التنظيم السياسي الأول في المملكة بعد إعفاء عبد الإله بنكيران. وعاش حزب "الإسلاميين" في المغرب، منذ إعفاء عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق للحزب من لدن الملك محمد السادس، وضعاً غير مسبوقاً في تاريخه، بعد تعثر تشكيله للحكومة دخل فيها المغرب مرحلة "بلوكاج" دام أشهراً عدة. ولرأب الصدع داخل التنظيم، لجأ العثماني إلى الإعلان عن قُرب إطلاق حوار داخلي يجمع مختلف الأعضاء سيكون فرصة لبلورة مخرجات تهم الرؤية الاستشرافية للحزب تتضمن المراجعات على المستويات الفكرية والمنهجية والسياسية والمؤسسات والتنظيمية التي ستحكم عمله مستقبلاً. وفي هذا الصدد، أصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ورقة "منهجية الحوار الداخلي"، تتحدث عن كيفية تنظيم هذا الحوار الهادف لإجراء قراءة جماعية للسياق العام الذي عاشه الحزب بين المؤتمرين الوطنيين السابع والثامن. يأتي هذا الحوار الداخلي بعد تجاوز "شكلي" لخلافات حادة داخلية بسبب رفض بعض أعضاء الحزب لإعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة وتعويضه بسعد الدين العثماني، كما يأتي أيضاً في ظل ثاني تجربة حكومة لحزب العدالة والتنمية الإسلامي. ويهدف حزب العدالة والتنمية من خلال هذا الحوار الداخلي، حسب نص الوثيقة، إلى تشخيص الذات الحزبية ورصد الصعوبات التنظيمية واعتماد مداخل الإصلاح الفكري والمنهجي والسياسي لإعطاء انطلاقة متجددة للحزب. وسيشارك في هذا الحوار مختلف هيئات الحزب الوطنية والمركزية والموازية والمجالية، وأعضاء الحزب بطريقة مباشرة وعبر منصات مفتوحة ستحدثها لجنة الحوار الداخلي بهدف الحفاظ على "لحمة الحزب وتعزيز الثقة في مكوناته". وسيناقش الحزب، من خلال حواره الداخلي، مختلف القضايا الخلافية التي كادت تعصف بالتنظيم في الفترة السابقة التي أعقبت تصدره للانتخابات التشريعية لسنة 2016، إضافة إلى تقييم أداء الحزب من موقع التدبير الحكومي والعمل البرلماني وعمله في الجماعات الترابية والغرف المهنية. كما يتوخى العثماني أيضاً من خلال هذا الحوار الداخلي، الذي سيعلن عن انطلاقه قريباً، إلى تحقيق أهداف عدة؛ منها على الخصوص تجديد وثيقة البرنامج العام لحزب العدالة والتنمية وأطروحته السياسية، وهو ما يؤشر عن اعتماده لمراجعات في هذا الصدد. ويرى متتبعون أن الحوار لا يضع ضمن أجندته تصوراً لمرحلة ما بعد 2021، التي ستعرف تنظيم الانتخابات التشريعية؛ بل إن همه الوحيد هو أن تمر الولاية الحكومية الحالية دون تصدعات، والعمل على عدم بروز المشاكل الداخلية التي تهدد التماسك الحكومي بين أحزاب التحالف الستة.