في كتابه "طريقان للحياة" يقول أستاذ العلوم السياسية ويليام إبنشتاين William Ebenstein "إن حياة أي مجتمع تتوقف بشكل كبير على وجود أشخاص ومجموعات تمتلك إحساسا بالمسؤولية المدنية، تجعل المجتمع يقوم بكل وظائفه"، بمعنى أن الفرد لا يولد مواطنا بل يصبح مواطنا بالتربية والتي تعتبر جوهر الممارسة السياسية في الأنظمة التي تحترم المواطن، وتوفر له كل المؤسسات التي تجعل منه إنسانا متحضرا لا وحشا ضاريا. منذ طفولتي، وقد شارفت لآن عقدي الخامس (46 سنة) وأنا أسمع وأتابع حالات الاغتصاب، كفعل حيواني شنيع، محكوم عليه بالرفض المطلق، ولا يُمكن للاغتصاب وهتك العرض والنظر إلى المرأة "كاستدعاء جنسي" إلا أن يشجب ويُعاقب، لأن الاغتصاب ينتمي إلى قانون الغابة، أي قانون القوة والشهوء العمياء والعنف المدمر ورفض الحياة ضمن مبادئ العقل السليم بلغة الفيلسوف اسبينوزا. في طفولتي أتذكر حدث اغتصاب امرأة في السوق العام من طرف مجرم قام بفعلته ولاذ بالفرار، وانتقد بعض "علماء اللغو" حينها المرأة التي كانت ترتدي في نظرهم لباسا غير محتشم، ولطالما كان اغتصاب الحمير والمعِز هواية منتشرة ضمن المسكوت عنه، إلى أن فجر اغتصاب الحمارة المسعورة الرأي العام، ربما أن لباس تلك "الحمارة" لم يكن محتشما. لن أطيل الحديث عن مأساة محاولة اغتصاب التلميذة وهي تستصرخ الجاني وتخاطب ضميره "واش ما عندكش ختك" في الوقت الذي كان صديقه يقوم بتصوير "المشهد البطولي" لأن التصوير للأفعال الإجرامية، أصبح بمثابة "توقيع" للعمل "الإبداعي" للذات المنحرفة من منظور التحليل النفسي، أهكذا نحتفي بتلميذة تشق طريقها الوعر في اكتساب المعرفة بمنطقة مهمشة وهي حشد مثلها من التلاميذ يقطعون رحلة الذهاب والإياب في القر والحر، في النقع والوحل، فلا طريق معبدة ولا حياة مؤمنة، كلها ظروف قاسية، تفضح لوردات وأثرياء المغرب الذينأعود لهم في مقالات لاحقة. قبل هذه الفاجعة شاهدنا بمرارة محاولة الاغتصاب الجماعي الوحشي للفتاة المغربية المريضة داخل الأتوبيس.. وتابعنا مرارة ردود أفعال الكثير من المواطنين في مختلف الفضاءات العمومية (محاضرات، جمعيات، مرافق تجارية وخدماتية، أسواق، مقاه، شوارع، بيوتات..) وأيضا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهاتها وندواتها ومقالاتها وآراء المغاربة الغاضبة جدا من زمن الانحطاط. حين نقول ولجنا "زمن الانحطاط" فهذا يعني أننا ندق ناقوس الخطر، ونوجه رسالة استعجالية، لكل المسؤولين، لضرورة وضع برامج جدية لا خطابات تخديرية، تشمل كل المجالات، الأسرة، المدرسة، الإعلام، المؤسسة الدينية، الرياضة، الفن وخصوصا المسرح، الأمن، التنمية (أمارتيا صن يعتبر التنمية حرية مسؤولة).. ضرورة إطلاق ورشات وطنية وجهوية ومحلية في كل الفضاءات العمومية، سيما المؤسسات التعليمية معية شراكات مختلف القطاعات، التعليم،الشؤون الإسلامية، قطاع العدل، الأمن، الصحة والثقافة,,. ضرورة إعادة التجنيد الإجباري لكونه مدرسة للتربية والمواطنة، وهذه النقطة يكررها الكثير من المغاربة. ضرورة إشراك الخبراء في العلوم الانسانية من سوسيولوجيين وسيكولوجيين وحقوقيين وغيرهم من الكفاءات المُجمَّدة، لأن الوضع خطير ونحن ننزلق في أتون الهمجية وزمن الانحطاط. زمن الانحطاط ولجنا زمن الانحطاط من بوابته الفضائحية، وفضائح الاغتصاب المنتظمة للأطفال والقاصرات والمسنات، أشبه بفتح "صندوق باندورا" في الأساطير الإغريقية، الصندوق الذي كشف رداءتنا وشرورنا وتناقضاتنا وهشاشتنا ونفاقنا واغترابنا ووقاحتنا.. لقد كشفت واقعة الأوتوبيس زيفنا الأخلاقي، وهشاشة المجتمع المدني. المغرب اليوم يسير بسرعة كبيرة نحو هاوية الانحطاط في كل مناحي الحياة: انحطاط أسري، انحطاط تربوي، انحطاط اجتماعي، انحطاط هوياتي، انحطاط ديني، انحطاط ثقافي، انحطاط سياسي، انحطاط إداري، انحطاط قِيمي، انحطاط فني، انحطاط إعلامي... باختصار، نعيش انحطاطا شاملا، يؤكد هيمنة الفساد في سلوك المؤسسات والمجتمع والأفراد، لنصل إلى نتيجة شفافة أن المغرب ينتمي إلى نادي "الدول الفاشلة" بتعبير المفكر تشومسكي، وحرارة النقاش سرعان ما ستخبو وتنطفئ في هذا الموضوع، على غرار الكثير من القضايا المصيرية، لأننا ننسى بسرعة. الدولة الفاشلة تتسم الدول الفاشلة بالعديد من المظاهر وأشدها خطورة "عدم القدرة أو عدم الرغبة في حماية مواطنيها من العنف"، ومعظم المغاربة يكابدون معاناة الإحساس بطغيان العنف المادي والرمزي وهشاشة الجهاز الأمني في التصدي للجريمة، مع ترهل مؤسسة القضاء وانزلاق الإعلام الرسمي في برامج رديئة تجعل من المجرمين نجوما وأبطالا يقتدي بهم القاصرون؛ حتى أن إحدى المذيعات وصفت سجينا ببطل حلقة برنامجها الذي يتابعه الكثير من المشاهدين، هذا السجين الذي اعترف بغرور ووقاحة بأنه عنّف رجل أمن، وتسبب في طرد مدير مؤسسة سجنية متباهيا بشجاعته وإنجازاته الكثيرة في عالم العنف والجريمة.. لقد تغوّل المجرمون وأصبحت صورهم الفايسبوكية وهم يحملون السيوف جماعات وفرادى علامة نجومية وتنافس بين الفاشلين المستهترين بكل القواعد والقيم والضوابط الاجتماعية. مظهر آخر يَسِمُ الدول الفاشلة يتجلى في "اعتبار نفسها فوق القانون" بمعنى الاستهتار بالقانون، وبالتالي تكريس مفهوم العدالة الانتقائية. وقد رأينا كيف تعاملت السلطة بحزم مع معتقلي حراك الريف الذين احتجوا ضد الفساد السياسي والإداري، الذي يجعل البلاد "تعاني من عجز ديمقراطي خطير يهدد مؤسساتها"، علما أن الخطب الملكية ندّدت وحذرت من خطورة الفساد السياسي والإداري. في المقابل، يتضح بجلاء تساهل السلطة مع المفسدين المجرمين الذين يهددون حياة الوطن بسكتة قلبية، بدءا من مغتصبي المال العام باختلاف مناصبهم ومسؤولياتهم، وإفلاتهم من العقاب، مع التغني بالحكامة الجيدة والنكتة الخشبية ربط المحاسبة بالمسؤولية، مُرورا بأباطرة وبيادقة تجار المخدرات، وصولا إلى ظاهرة الاغتصاب بتلاوينه وصوره المتنوعة، ومن بين صوره الهمجية الاغتصاب الجنسي المُصاحَب بالتنكيل والتعذيب بالضحية، نُسجل هنا غياب الاستراتيجية الاستباقية الوقائية وعدم إشراك الأكاديميين في العلوم الإنسانية، كسوسيولوجيا الجريمة التي تمدنا بأنواع الجرائم تبعا لفصول السنة والعلاقة الجدلية بين ارتفاع معدل الاغتصاب مع حلول فصلي الربيع والصيف.. والذي يُدمي القلب تهميش الكفاءات المغربية الكبيرة المختصة في السوسيولوجيا والسيكولوجيا والأنثروبولوجيا وعلم الأديان المقارن، والذين نادرا ما يستضيفهم الإعلام الرسمي، الذي يتذكرهم فقط وبعجالة لحظة موتهم.. وما لا يعرفه عموم المغاربة أن المغرب يتوفر على كفاءات وقامات فكرية عملاقة، تُصر الدولة على تهميشها في إطار المشروع المخزني "قتل المفكّر النَّزيه". النخب الحقيقية والنخب المزيفة من مظاهر الدول الفاشلة "الفجوة الحادة القائمة ما بين الرأي العام والسياسة العامة" ومعارضة الشعب لقرارات وتدابير السلطة (الدولة/ النظام/ المخزن). والأمثلة هنا أكثر من أن تحصى؛ أبشعها: "قتل المفكر النزيه"، إلى درجة أننا أمام مذبحة فكرية حقيقية، وتهميش المفكر الحر في كل اختصاصات وأنماط الفكر والمعرفة، وإقصاء المفكر في حقل التربية، وإقصاء المفكر في حقل الفلسفة، وإقصاء المفكر في العلوم الإنسانية والتجريبية والمجردة، وإقصاء المفكر في حقل السياسة، وإقصاء المفكر في حقل الدين، وإقصاء المفكر في الحقل الفني، وإقصاء المفكر في الحقل الإعلامي.. وتزامنا مع القتل الممنهج لكبار المفكرين والمفكرات ترعرعت نباتات طفيلية تقدم نفسها في مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية تحت مسميات تضليلية، على سبيل المثال: محلل سياسي، خبيرة استراتيجية، باحث في شؤون الأمن والحركات الإسلامية، كوتش دولي، ناقدة سينمائية، فاعل جمعوي، ناشطة حقوقية.. والقائمة أطول من مآسينا.. وهؤلاء الأدعياء يعمقون انحطاط الزمن المغربي، وخطابهم العامي الشعبوي يشي بتصحرهم الفكري وضحالتهم المعرفية، وما يصرحون به يدخل في باب الرأي الشخصي، والمسافة كبيرة بين الرأي كمعرفة عامية والحقيقة كمعرفة عالمة، وهذا ما جعل الإبستيمولوجي جاستون باشلار يعتبر "الرأي أول عائق يجب القطع معه" من أجل بلوغ الحقيقة. ما يحتاجه المغاربة هو معرفة الحقيقة، والحقيقة لا نُصادفها بسهولة وجها لوجه في الشارع أو دردشة عابرة في المقاهي.. الحقيقة في كل أنماط الفكر البشري خفية "لا علم إلا بما هو خفي".. الحقيقة تتطلب جهدا شاقا وتصبُّب عرقٍ فكري جراء بحث معرفي يستلزم تكوينا أكاديميا جادا ورصينا، وعُدَّة مفاهيمية، ومنهجا علميا وقدرة على الاستشكال ووضع الفرضيات واكتشاف العلاقات واستخراج القوانين التي تُنتِج الظواهر في كل المجالات. عندما يصل المفكر إلى القوانين التي أنتجت ظاهرة ما كظاهرة الاغتصاب يمكننا من تفسير وفهم عواملها وأسبابها الحقيقية الظاهرة والخفية، وآنذاك نستطيع التحكم في هذه الظاهرة إما بإعادة إنتاجها أو تجميد الظاهرة وتعطيلها.. أعطي مثالا للدولة الفاشلة بحكوماتها ومؤسساتها الشكلية الزائفة والتي تروج لخطاب الديمقراطية كمساحيق لتجميل وجهها المخزني، ورعاية المخزن للفساد واضطهاد المعارضة النزيهة وقمع حرية التعبير، وتدجين المواطنين، مما يجعلنا ندرك العلاقة بين الاستبداد والعبودية، وقتل المفكر النزيه (القتل المادي والرمزي أوهما معا) وفبركة النخب المزيفة.. نخب الدعاية ووظيفتها إخفاء الحقيقة عن الجماهير ونشر الأكاذيب التضليلية، هكذا برز مفهوم الدولة العميقة وحكومة الظل، وعلى غرارها يمكن أن ننسج مفهوم المجتمع العميق أو مجتمع الظل بما يضمه من مكبوتات وطابوهات وأفعال شاذة مسكوت عنها، والتي تشكل ظواهر متجذرة في البنى الاجتماعية، وهي أشبه بجبل الجليد لا نرى أحيانا إلا قمتها وما خفي منها أخطر وأعظم، كاغتصاب المحارم، وإكراه بعض الأسر لبناتها على ممارسة البغاء.. وهنا تبرز أهمية الإعلام الحر النزيه. إعلام النزاهة وإعلام الاغتصاب أبدأ بسؤال: كم عدد البرامج الإعلامية في قنواتنا المرئية والمسموعة التي تهتم بالحوارات الحقوقية والتوعية القانونية وورشات التنمية الذايتة؟؟؟ محاربة الفساد ترتبط ارتباطا وثيقا بنزاهة وجرأة واستقلالية الإعلام الذي يفضح دون مواربة كل مظاهر الفساد والاستبداد والاغتصاب.. يفضح اغتصاب الملايير من المال العام التي يمكن أن تستثمر في بناء المدارس والمستشفيات وخلق الكثير من مناصب الشغل وتكوين وتأهيل الموارد البشرية، وبناء وتجهيز فضاءات التثقيف والترفيه كدور الشباب ومسارح القرب وملاعب القرب ومراكز القرب للعلاج والإدماج النفسي والاجتماعي ، حينها لن نسمع باغتصاب مجموعة من الشباب "حمير القرب".. الإعلام الحر ليست وظيفته مهادنة الفساد والقيام بمهمة الإطفائي، وهذا يجعل الإعلام الحر أهم مؤشر للديمقراطية، إعلام شجاع ينقل بصدق دون تحامل أو تساهل الواقع بما يحفل به من مفارقات. الإعلام النزيه ليست وظيفته تضليل الرأي العام، بل كشف الاختلالات قبل حدوث الكارثة، باعتماد مقاربة "النقد البناء" والنظرة البعيدة إلى التحديات المستقبلية، واستدعاء (لا أقول استضافة) المسؤولين لتقديم حصيلة أعمالهم أمام المواطنين، وهذا هو السبيل لتوعية الجماهير وتطوير إمكاناتها في ممارسة التفكير والمساءلة النقدية، وتقوية قدراتها في المرافعة. هكذا، سيسهم الإعلام النزيه في تنوير المواطنين وخلق مجتمع مدني حقيقي وقوي، قادر بواسطة قوته الناعمة المتمثلة في حرية التعبير على إدانة كل أشكال الاغتصاب.. اغتصاب المخزن لكرامة المواطنين، اغتصاب الساسة الفاسدين للفعل السياسي لتحقيق الامتيازات ومراكمة الثروات، اغتصاب حكومة فاشلة لتدبير شؤون المواطنين، اغتصاب العيش الكريم وانتفاضة "الخبز الأسود" بجرادة، اغتصاب الحق في الحياة الكريمة وشهيدات "الدقيق الأسود" بالصويرة... الإعلام النزيه والجريء والحر والمستقل لا يُهادن الأخطاء.. لأن كل خطأ في المسؤولية يستوجب العقاب، وبالتالي يجب تسمية الأشياء بمسمياتها بعيدا عن المصالح الضيقة والمخاوف الجبانة، الإعلام النزيه يعتبر قول الحقيقة واجبا مُقدسا، والحقيقة لا تحتاج إلى من يُنوِّه بها ويُجاملها، وإنما إلى من يبوح بها والبوح بالحقيقة له ثمن هو التضحية من أجل الحقيقة. الإعلام النزيه هو الأمل في مغرب يحمينا من المغتصبين الكبار (الذئاب) وأقصد كبار المسؤولين والنافذين، والمغتصبين الصغار (الذباب) أعني حثالة المواطنين، وليس كما تروج بعض وسائل الإعلام المجرمين البسطاء.. الجريمة لم تكن في يوم بسيطة وليس هناك اغتصاب بسيط، هناك فقط اختلاف في الدرجة وليس في النوع، بين اغتصاب الدولة لحقوق المواطنين وكرامتهم وبين اغتصاب بعض المواطنين الفاسدين لفتاة قاصر كاحتجاز الشاب السادي للفتاة القاصر نهيلة البالغة 19 خريفا (لا ربيعا) واغتصابها وتعذيبها وحرق أماكن حساسة في جسدها، وبالرغم من تفاعل الإعلام الإلكتروني ووسائط التفاعل الاجتماعي مع هذه الجريمة البشعة فإن المجتمع لم يتفاعل معها بجدية، بعدها انفجرت فضيحة اغتصاب وقتل الطفلة البريئة ذات الست سنوات وقطع أطرافها بمدينة صفرو.. التي خلقت هيجانا وغضبا عارما في الفضاء الافتراضي لكن الاحتجاج ظل محصورا في مدينة صفرو مع احتجاجات صغيرة وخجولة متفرقة.. والنتيجة تمادي ذئاب وذباب الاغتصاب. فضيحة اغتصاب التلميذة فتحت صندوق باندورا فضيحة اغتصاب التلميذة فتحت "صندوق باندورا" المغربي المليء بكل صنوف وأنواع الاغتصاب، وهي تحمل فائضا من دلالات الخزي والعار، وحالات التحرش الجنسي اليومي بالمرأة المغربية، طفلة صغيرة أو متزوجة، مما يؤكد أهمية إصلاح الفضاء العمومي، الذي بات فضاء للعنف المادي والرمزي، والكثير من الشباب المغربي، يحتاج التأطير، وأمام أحزاب مشلولة، وحكومة ضعيفة مخصية، لا تهتم بحياة وكرامة المواطنين، ولإنقاذ المغرب من مستنقع الانحطاط، لا بد من حل هذه الحكومة، وإنشاء أحزاب ساسية تحظى بالمصداقية، من طرف المغاربة، الذين طلّق معظمهم السياسة التي أصبحت مقاولة للفساد والإفساد والغصب والاغتصاب. حين استمعت إلى حديث والدة الجاني وهي امرأة مسنة تجاعيد القهر بادية عليها وعلى محيا زوجها، وهما يبكيان بدمع حار يتوسلان العفو والصفح عن ابنهما، وقالا جملة خطيرة لوصف سلوك ابنهما الإجرامي ب "قلة العرف" أي أن ابنهما كان يجهل خطورة فعله الجرمي، وأضافا وبؤس قهر السنين منقوش في وجهيهما، وقد أعياهما الفقر، كما أعياهما سلوك الابن الأرعن الطائش، وهنا سأتحدث عن العدالة الاستباقية، يجب رفع دعوى قضائية تجاه كل مسؤول عمق فقر المغاربة وبؤسهم، أكان وزبرا أو رئيس جماعة أو منتخبا أو رجل سلطة، يجب رفع دعاوى على من لم يقم بتعبيد الطريق، وعلى من لم يوفر مدرسة القرب في المناطق النائية، وعلى من لم يوفر مركزا صحيا لعلاج المرضى... لا بد من مقاضاة الذين يغتصبون حياة الشعب المغربي، وهذا مشوار طويل وشاق، لكن مشوار الألف خطوة يبدأ بخطوة، ونحن مستعدون للتطوع رفقة الكثيرن من الأخيار لإنجاز ورشات للتوعية التربوية والحقوقية، يجب أن يتعرف البسطاء على حقوقيهم، ويجب تفعيل العدالة الإجرائية بلغة جون رازولز John Rawls وهي عدالة تنبيني على المساواة في الحقوق والواجبات ومساعدة الأثرياء والمتموقعين من رجال المال والأعمال والمالكين لسلطة القرار للفئات الدنيا بإنجاز مشاريع وبناء مدارس ودور إيواء للمتعلمين، وأختم بالفكرة العميقة للمفكر الاقتصادي أمارتيا صن Amartya Sen يجب منح الفرص للفقراء والأميين والبسطاء، بتوفير الشروط الضرورية لهم من إمكانات مادية كالسكن اللائق، والعناية الصحية، والشغل، وتمكينهم من الحصول على تعليم فعال وتكوين جيد وثقافة متمدنة، والمواطن المتحضر المتمدن هم أهم ثروة لكل دولة ليست "فاشلة".