تحولت قناة السويس، التي حلم بها الفراعنة منذ أكثر من أربعة آلاف عام، من كونها رمزا لهيمنة القوى الغربية لتصبح المثال الأكبر على تحرير مصر، وهو ما يقدمه الآن معرض باريس عن القناة المصرية. وصرح مفوض المعرض، جيلى جوتييه، في معهد العالم العربي بباريس "لطالما كانت القناة منطقة غامضة إلى حد ما بالنسبة للمصريين، على الرغم من أن زعيما مصريا هو من أطلق ذلك المشروع الكبير في منتصف القرن التاسع عشر؛ ورأى الكثيرون فيه سببا لخضوع مصر للحكم البريطاني وعائق أمام حريتها". وكانت أولى محاولات شق القناة فى عهد الملك سنوسرت الثالث أحد أهم ملوك الأسرة الثانية عشر الفرعونية من الدولة الوسطى، حيث أنشأ أول قناة مائية تربط ما بين البحر الأحمر والبحر المتوسط عن طريق النيل، وسميت هذه القناة باسم قناة سيزوستريس وهى التسمية الإغريقية ل(سنوسرت). ويبدأ المعرض المقام في باريس بصور لافتتاح القناة في عام 1869 أمام كبار المدعوين الأوروبيين في تلك الفترة كما توضحه صور المعرض الذي يقدم جولة في تاريخ مصر القديمة المرتبط بقناة السويس. وتشهد القوارب التي تمت استعارتها من متحف تورينو (إيطاليا) ونقوش قديمة من متحف اللوفر في باريس، على الإرادة الاستراتيجية القديمة وراء هذا الممر المائي. وقال مفوض المعرض الثان، كلود مولارد، في إطار تعليقه على قناة السويس "تمر اليوم سفن محملة ب300 ألف طن بفضل التوسع الذي تم في 2015". وفي إطار تقديم المعرض الذي سيفتح أبوابه في الفترة من 28 مارس الجاري إلى 5 غشت القادم، قال مولارد إن "الثورات التكنولوجية تتداخل مع السياق السياسي "لإحدى أقوى الدول في العالم العربي". وكان الفرنسيون مسؤولين عن إدارة العمل في القناة بينما كان البريطانيون يسيطرون عليها عسكريا. وزادت طموحات الاستقلالية لدى المصريين أكثر بعد الحرب العالمية الأولى وبلغت ذروتها عام 1936 بمعاهدة لندن، عندما تم تحرير البلاد دون تحقيق السيطرة على منطقة القناة، التي بقيت في أيدي البريطانيين لمدة عشرين سنة أخرى. وتغير تاريخ القناة ومصر نفسها في 26 يوليوز 1956، عندما أعلن الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر، تأميم قناة السويس، وهو ما كان مصدر فخر لمواطنيه، إلا أنه في الوقت نفسه كان مصدرا لسلسلة من الصراعات التي حولت المنطقة إلى ساحة حرب في ثلاث مناسبات: 1956 و1967 و1973. وتوقفت الطموحات الاستراتيجية لإسرائيل وفرنسا وبريطانيا بالنهاية الرمزية للإمبريالية الأوروبية وإعادة فتح القناة في عام 1973 من ناحية، ومن ناحية أخرى مع اتفاقيات السلام المصرية الإسرائيلية التب وقعت في عام 1979. وأضاف جوتييه "وعلى الرغم من أن الكثيرين يرون أن فترة عبد الناصر كانت بداية لتاريخ مصر غير الديمقراطية، إلا أنه من وجهة نظر البعض كان محررا؛ حيث إن كافة المصريين أحبوا عبد الناصر -ولو ليوم واحد فقط على الأقل- في 26 يوليوز 1956" في إشارة إلى تاريخ تأميم القناة. ومنذ ذلك الحين، حولت التوسعات والإصلاحات قناة السويس إلى أحد مصادر الدخل القومي الرئيسية لمصر، التي أطلقت مشروعا لتوسعة القناة، التي تمتد اليوم إلى 193 كيلومترا، في عام 2015 فيما عرف باسم "قناة السويسالجديدة". *إفي