تعيش مدينة جرادة على صفيح ساخن بعد الاعتصام الذي نفذه، اليوم الأربعاء، عمال "الساندريات" داخل "آبار استخراج الفحم"، رداً على بلاغ وزارة الداخلية الذي أعلنت فيه "منع التظاهر غير القانوني بالشارع العام، والتعامل بكل حزم مع التصرفات والسلوكات غير المسؤولة، حفاظا على استتباب الأمن وضمانا للسير العادي للحياة العامة وحماية لمصالح المواطنات والمواطنين". وتطوق السلطات الأمنية، منذ ساعات، مكان اعتصام عمال الساندريات، وقال نشطاء في تصريح لهسبريس: "أربعة عمال ألقوا بأنفسهم في إحدى آبار استخراج الفحم الحجري، بدون توفرهم على الحبل الذي يمكنهم من الصعود إلى الأعلى"، وأضافوا: "لا نعرف الآن مصيرهم واش ميتين أو حيين". وأظهرت مقاطع فيديو مباشرة نشرها "نشطاء الحراك" على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لحظة ارتماء عمال في بئر للفحم، وسط تعالي الصراخ والصياح وطلبات النجدة؛ وهو ما دفع رجال الوقاية المدنية إلى التدخل على وجه السرعة في محاولة لإنقاذهم من الموت. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن رجال الوقاية المدنية ما زالوا يحاولون استخراج العمال من وسط البئر، وحمّلوا المسؤولية إلى السلطات الأمنية بعد تدخلها لفض الاعتصام السلمي. من جهة ثانية، قال مصدر أمني من مدينة جرادة إن "القوات العمومية تعرضت لحظة الاعتصام للرشق بالحجارة من طرف المحتجين، كما تم منع رجال الوقاية المدنية من استخراج العمال الذين ألقوا بأنفسهم وسط باطن الأرض". وندد المحتجون ببلاغ وزارة الداخلية الذي اتهم "جهات سياسية باستغلال المطالب المشروعة المعبر عنها، وتحريض الساكنة بشكل متواصل على الاحتجاج بدون احترام المقتضيات القانونية، مما يربك الحياة العادية بالمنطقة"، وأكدوا في تصريحات أن "الحراك سلمي ومشروع وتقوده الساكنة للمطالبة ببديل اقتصادي حقيقي وليس وعود من ورق"، وفق تعابيرهم المتطابقة. ويطالب المعتصمون ب"إطلاق سراح نشطاء الحراك المعتقلين، ومحاسبة المسؤولين المتورطين في نهب خيرات وثروات المنطقة، وتمتيع المدينة بمجانية الماء والكهرباء، وتوفير بديل اقتصادي يخرج المنطقة من أزمتها الخانقة". وكانت وزارة الداخلية قد ذكرت، في بلاغها، أنه إيمانا منها بضرورة معالجة الإشكالات المطروحة على مستوى إقليمجرادة، حرصت الحكومة على إبداء تفاعلها الإيجابي مع كل المطالب الاجتماعية والاقتصادية المعبر عنها من طرف كل الفاعلين المحليين، من ساكنة ومنتخبين وفعاليات سياسية ونقابية ومجتمع مدني، وفق مقاربة تشاركية تم الإعلان خلالها عن إجراءات عملية وملموسة تهم العديد من القطاعات ذات الأولوية، والتي أفصح عن خطوطها العريضة رئيس الحكومة في زيارته رفقة وفد وزاري مهم للجهة الشرقية بتاريخ 10 فبراير الماضي. ونظرا لأهمية وجدية هذه الإجراءات، يشير البلاغ، فقد أصدرت الهيئات السياسية والنقابية وفعاليات المجتمع المدني بالإقليم، فضلا عن رؤساء الجماعات الترابية، بيانات تم التعبير من خلالها عن ارتياحهم الكبير للتفاعل الإيجابي للسلطات العمومية مع انتظارات وتطلعات الساكنة، معتبرين أن المقاربة المعتمدة من شأنها أن تعطي دفعة قوية لتنمية الإقليم.