فُوجئ عددٌ من زبناء بريد بنك، المملوك للدولة، ليلة السبت الأحد، بمبالغ مالية كبيرة جدا، وقد تدفقت إلى أرصدتهم البنكية، بعد أن طالَ عطب تقني النظام المعلوماتي للبنك؛ وهو ما أدّى إلى نفْخ أرصدة زبنائه بمبالغ مالية خيالي. عدد من زبناء بريد بنك سارعوا إلى شبابيك الوكالات البنكية التي توجد بها حساباتهم، ونشروا صورا على الشبكات الاجتماعية توثّق تدفّق مئات الملايين من السنتيمات في حساباتهم البنكية، حيث ارتفع رصيد بعض الزبناء إلى أزيد من 380 مليون سنتيم. وسادَ نقاش واسع بين زبناء بريد بنك على الشبكات الاجتماعية حول الكيفية التي يجب التعامل بها مع المبالغ المالية التي تدفقت إلى أرصدتهم البنكية، خاصّة أنّ عددا منهم عمَد إلى سحبها، وانقسموا بين داع إلى إرجاعها وبين متمسّك ب"أحقيته" بها. بريد المغرب سارَع إلى بعث رسالة إلى زبنائه، بعد العطل التقني الذي طال نظامه المعلومات، يطلب ممّن سحَب منهم مبالغ مالية إلى إرجاعها إلى البنك، تحت طائلة المتابعة القضائية. وحسب نصّ الرسالة القصيرة المليئة بالأخطاء اللغوية، والتي اطلعت عليها هسبريس، فقد حذّر بريد بنك الزبناء الذين سحبوا مبالغ مالية بطريقة غير مشروعة من المتابعة القضائية، مصرّا على أنّ المتابعة ستظل قائمة إلى حين إرجاع كلّ المبالغ المالية المسحوبة. الجامعة الوطنية للبريد واللوجستيك، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، وصفت العطب التقني الذي طال الشبابيك البنكية لبريد بنك، مساء يوم السبت، ب"الكارثة"، داعية، في رسالة موجهة إلى الإدارة الجماعية للبريد بنك، إلى فتح تحقيق في الموضوع. وقالت الجامعة إنّ زبناء بريد بنك فوجئوا بأرصدة "خيالية" تم إدراجها في حساباتهم البنكية المفتوحة الممسوكة بالمؤسسة؛ وهو ما "جعل عددا من ضعاف النفوس يعمدون إلى سحْب مبالغ جد كبيرة ستُكبّد مؤسستنا خسائرَ هامّة.. بسبب هذا الانفلات المعلوماتي". عبد الله عماري، الكاتب العام للجامعة الوطنية للبريد واللوجستيك، قال، في تصريح لهسبريس، إنّ الجامعة تطالب إدارة بريد بنك بالتحقيق في الواقعة، لمعرفة ما إنْ كان الخطأ الذي وقع تقنيا أم بشريا، مضيفا أنّ لجنة إدارية تباشر التحقيق في الموضوع. من جهته، عزا يوسف بلحاج، عضو مجلس الإدارة الجماعية لبريد بنك، في تصريح لهسبريس، سبب تدفق سيولة مالية إلى حسابات الزبناء إلى خلل تقني، مشيرا إلى أنَّ الخلل "تمت معالجته بسرعة، وكان تأثيره جدَّ محدود"، على حد تعبيره. ولا تُعرف قيمة المبالغ المالية الإجمالية التي تم إدراجها في حسابات زبناء بريد بنك، فيما نشر عدد من النشطاء صورا لأرصدتهم البنكية ملتقطة من الشبابيك الأوتوماتيكة، يلامس بعضها 400 مليون درهم؛ لكنَّ بلجاح فنّد صحّة ما تم نشره، وقال إن الصور المنشورة غير صحيحة. وحسب إفادة عبد الله عماري فإنَّ بعض الزبناء قاموا بسحب مبالغ مالية من حساباتهم، وهو ما أكده يوسف بلحاج بقوله إنّ بعض الزبناء شرعوا منذ اليوم الاثنين في إعادة المبالغ المالية التي سحبوها، مشيرا إلى أن بريد المغرب سيلجأ إلى القضاء ضد أي زبون يرفض إرجاع الأموال التي سحَبها. وينصّ الفصل ال66 من قانون الالتزامات والعقود، في بابه الثاني، على أنّ "مَن تسلم أو حاز شيئا أو أي قيمة أخرى مما هو مملوك للغير بدون سبب يبرر هذا الإثراء التزم برده لمن أثرى على حسابه". من جهة ثانية، تطرح حادثة العطب التقني، الذي أدّى إلى إدراج مبالغ مالية كبيرة في الحسابات البنكية لزبناء بريد بنك، سؤال مدى متانة المنظومة المعلوماتية للبنك. وفي هذا الإطار، طالبت الجامعة الوطنية للبريد واللوجستيك بمراجعة سياستيْ التوظيف والتجهيز بالمؤسسة وتطوير نظامها المعلوماتي.