لم تمنع الأجواء الماطرة بالرباط، اليوم السبت، مئات عمال الإنعاش الوطني بالمغرب من الخروج في مسيرة وطنية حاشدة جابت شوارع العاصمة، للتنديد ب"الحكرة المتفشية في هذا القطاع غير المعترف به قانونياً من طرف وزارة الداخلية"، وفق تعابيرهم. وندد "الإنعاشيون والإنعاشيات"، العاملون بالإدارات العمومية والجماعات الترابية، ب"تجاهل الحكومات المتعاقبة لحقوقهم لأزيد من 30 سنة"، واصفين وضعهم الإداري ب"الشاذ"، لأنهم فئة لا تنتمي إلى سلك الوظيفة العمومية، ولا إلى القطاع الخاص الذي تطبق على مستخدميه مدونة الشغل. وقال المحتجون، في تصريحات متطابقة لهسبريس، إن "عمال الإنعاش الوطني هم عبيد القرن الواحد والعشرين بالمغرب، لأنهم محكورين ومهمشين على طول السنة من قبل السؤولين"، وأشاروا إلى أنه "لا يوجد أي قانون أو نظام يهيكل ويؤطر عملهم، أو يحدد ويضمن حقوقهم مثل العاملين في القطاعين العام والخاص". يونس الشايبي، نائب المنسق الوطني لعمال وعاملات الإنعاش الوطني، قال لجريدة هسبريس الإلكترونية إن "الإنعاشي يعاني لسنوات في صمت داخل الإدارات العمومية رغم أنه يعمل ليل نهار وفي مواقع حساسة، ومع ذلك فإنه لا يتوفر على تغطية صحية ولا تقاعد ولا تأمين عن حوادث الشغل". ويتراوح معدل الأجرة الشهرية لعمال الإنعاش ما بين 1200 و1900 درهم؛ أي لا يصل حتى إلى الحد الأدنى للأجور الذي تُحدده الدولة. وأوضح يونس الشايبي أن المسيرة جاءت، أيض،ا لتستنكر التصريحات الصادرة عن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، التي قال فيها "إن عمال الإنعاش مجرد موسميين يشتغلون داخل الإدارات العمومية، ولا يمكن للدولة أن تسوي وضعيتهم الإدارية". وقالت إحدى "الإنعاشيات" إن العاملين ضمن هذه الشريحة "هم أكثر الفئات المهضومة حقوقها"، وأوردت أنه عندما يعلو صوتهم تنديدا بهذه الوضعية يكون جواب المسؤولين هو: "نتوما غير خدامين فالإنعاش والدولة ممعترفاش بيكم باش تهضروا على حقوقكم!". وترى المتحدثة ذاتها، ضمن التصريح نفسه من وسط المسيرة المنظمة في شوارع الرباط، أن "من مفارقات العمل في الإنعاش أن هناك أزيد من 600 يعملون في وزارة الصحة، لكنهم لا يتوفرون على تغطية صحية". ومن نتائج هذا الواقع المأساوي، تُضيف "الإنعاشية" نفسها، أن عاملات ماتت الشهر الماضي بعد إصابتهن بمرض السرطان ولم يتكفل بهن أي أحد، وقالت: "يبدو أن من قدرنا أن نعمل حتى الموت بدون حقوق ولا أوراق"، وفق تعبيرها. شابة حاصلة على شهادة الإجازة، تعمل في مركز صحي قرب المحطة الطرقية "القامرة" بالرباط، قالت في تصريح لهسبريس: "اليوم الذي نتقاضى فيه أجرتنا الشهرية هو يوم الذل والمهانة؛ إذ نصطف في طابور طويل بطريقة عبودية". وتابعت أن حصولها على الشهادة الجامعية لم ينفعها في الاستفادة من التعويضات أو الحق في الترشح لمناصب المسؤولية، بل أكثر من ذلك، تورد المتحدثة: "عطلة الأمومة في قطاع الإنعاش لا تتعدى 40 يوماً، في وقت تصل فيه إلى مائة يوم في القطاعين العام والخاص". ودعا المحتجون وزارة الداخلية، بصفتها المشغل لهذه الفئة من المواطنين المغاربة، إلى تسوية وضعيتهم القانونية والمادية مع احتساب الأقدمية، وتطبيق الحد الأدنى لأجور، والحماية من حوادث الشغل، والحق في الترقية في السلم والدرجة.