قدمت الكاتبة المغربية غيثة الخياط، اليوم الثلاثاء، كتابها الجديد "المرأة الفنانة في العالم العربي"، وذلك في إطار فقرات الدورة الخامسة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا. وتؤسس غيثة الخياط من خلال هذا المؤلف الصادر مؤخرا، عن دار بروكا للنشر، لحوار بناء حول الممارسات الفنية المعاصرة بين الغرب والعالم العربي. فمن الناحية الأنثروبولوجية يكرم هذا المؤلف المرأة الفنانة من خلال مقاربة تاريخية واجتماعية تظهر مساهمتها في مجال الفن سواء من الناحية الإبداعية أو من ناحية الخلق والابتكار. وخلال تقديمه للكتاب لجمهور الدورة الخامسة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا، قال الناقد والصحافي حسن نرايس "إن هذا المؤلف قد كتب بمداد الحب والشغف والمسؤولية حيث تستشف من خلاله مجهودات جبارة لقلم فاضح للمسكوت عنه، وهو كتاب يثير بحق شهية القراءة من أولى إلى آخر صفحاته التي تزيد عن 170 صفحة من المتعة والمؤانسة". من جانبها، وفي تقديمها الكتاب، تتحدث الخياط عن خلفية معالجتها لهذا الموضوع وهو حضورها لفقرات مؤتمر انعقد في يوليوز 2007 بالرباط حول موضوع "النسائية المسلمة الجديدة"، والذي أكدت فيه متدخلة من إيران على تحريم الغناء على النساء، وهي المداخلة التي خلقت رد فعل قوي بداخلها. وتسلط غيثة الخياط، حسب حسن نرايس، الضوء في هذا الكتاب على الممارسات الفنية للنساء في العالم العربي الإسلامي، وتقف بأسلوب سلس وممتع عند رؤيتهن ومرجعيتهن ووضعهن الاجتماعي. فالمرأة العربية تحضر في هذا المؤلف بقوة الذات وتتميز بالمواجهة والمجابهة والإرادة والطموح والمبادرة والعمل العقلاني والمغامرة النبيلة وقوة الموهبة والعبارات الصادقة. وتوفق غيثة الخياط بجمالية نادرة بين "الأنا" الإبداعية وبين التنظيرات والمرجعيات والمفاهيم، فهي تمارس التعبير عن الوجود تارة وتارة أخرى تراقب وجود المرأة العربية، وهو يتمثل ويتشكل في أعمال المفكرين والكتاب والمبدعين الآخرين. ويتكون هذا الكتاب من مجموعة نصوص عبارة عن مقاطع وشذرات وأجزاء من الواقع الفني وعلاقته بالمرأة العربية، ومن بين المحاور التي يتناولها "المكانة العالمية التي تحتلها المرأة في عالم الفنون" و"المرأة وجميع أشكال الفروع الفنية" و"المرأة أداة تمثيلية في الحقل الفني" و"العربيات يرسمهن فنانون من الغرب .. لماذا وكيف". وتقف المؤلفة عند كل نقطة من هذ النقط وقفة الباحثة عميقة الاستبطان لوجدان المرأة العربية واكتشاف الأساليب الفنية للتصريف الإبداعي الجمالي فرديا لهواجس هذا الوجدان. ولم تخف الكاتبة، التي سبق لها وأن ألفت عددا من الكتب عن قضايا تهم المرأة، غبطتها وهي تؤكد أن النساء كن، وعلى مر العصور، مبدعات، والمرأة العربية، ورغم القيود المفروضة عليها، كانت موضوعا لرسومات الغربيين، تقول الخياط. وأضافت الخياط أن جزء كبيرا من بحثها خصص لموضوع "الحريم" أو "الجواري" وكل ما يتفرع عنه من قضايا تتعلق بالحب والعشق والرقص والغناء، مؤكدة أن هؤلاء، كن، في فترة من الفترات، صلة وصل ثقافي وحضاري بين الشعوب. وفي إطار إبراز القدرات الإبداعية، أنجزت الكاتبة بورتريهات لعدد من النساء شكلن علامات فارقة في مجال الإبداع، منهن الشعيبية طلال بالمغرب وعلية التونسية. كما لم تنس الخياط أن ترصد الدور المحوري للنساء في فن "العيطة" بغوصها في هذا الموضوع غوص الباحثة المتمرسة. وفي سياق متصل، عاد الناقد حسن نرايس ليؤكد أن غيثة الخياط، الطبيبة النفسية والباحثة والناقدة والكاتبة، راكمت العديد من المؤلفات انطلاقا من كتابها "العالم العربي بصيغة المؤنث" عام 1985 ومنذ ذلك الحين مزجت كتاباتها بين عنصر الكتابة الروائية المعتمدة على التخييل الإبداعي للعوالم والكتابة النقدية المعتمدة على القراءة والتأويل والبحث الأكاديمي العميق. ولغيثة الخياط العديد من المؤلفات والمقالات حول وضعية المرأة في العالم العربي والإسلامي، وفي مواضيع التبادل الثقافي والفنون والظواهر الثقافية المعاصرة والتحولات الثقافية الناتجة عن الهجرة وعن العولمة. وصدر لها ما يزيد عن 30 مؤلف نشرت في العديد من مجالات البحث العلمي والرواية والشعر.