في الوقت الذي تشدد فيه الحكومة المغربية على غياب أي علاقة تربط الرباط بإسرائيل، تستمر الدولة العبرية في إعلان توجهها الرسمي القاضي بربط علاقات أكبر مع ما تصفها ب"الدول العربية المعتدلة"، بما فيها المغرب؛ وهو ما ظهر مجددا في موقف إسرائيلي يكشف جزء من هذه العلاقات. أفيخاي أدرعي، الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي في الإعلام العربي، قال إن إسرائيل "تفتح يديْها للسّلام مع كافّة الدّول العربية الّتي تريد العيش بسلام"، ملمحا إلى أن الأمر يتعلق بالمغرب، بجانب مصر والأردن، حيث إن "الكثير من الإسرائيليين يسافرون إلى هذه الدول العربية بواسطة جواز السّفر الإسرائيلي". وبعدما حاول المسؤول الإسرائيلي جس نبض مرتادي صفحته على موقع "فيسبوك"، بتوجيه سؤال مباشر، مضمونه: "هل تعرفون إلى أي دول عربية يمكن السفر بواسطة جواز السفر الإسرائيلي؟"، قبل أن يعود لاحقا ليجيب قائلا: "يمكن السفر بواسطة جواز السفر الإسرائيلي إلى كلّ من الأردن ومصر والمغرب"، مضيفا "هل صادفتم مواطنين إسرائيليين في هذه الدول العربية؟". ويأتي موقف أفيخاي أدرعي في سياق إعلان الدولة العبرية، في أكثر من فرصة خلال الآونة الأخيرة، عن وجود ما تصفه ب"شبه علاقات بين المغرب وإسرائيل"، حيث تؤكد عبر مسؤوليها أنه "في المغرب لا توجد سفارة إسرائيلية؛ لكن هناك زيارات عادية يقوم بها مغاربة لأغراض طبية وتعليمية وسياحية". وكان أدرعي قد كشف، خلال جلسة بث مباشر باللغة العربية نظمت داخل مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن كثيرا من المغاربة يتابعون صفحات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية الناطقة بالعربية، على أن "أكثريتهم معجبون، وهذا عامل إيجابي للغاية لكل من يرغب في الانفتاح على المواقف والآراء الإسرائيلية والأحداث التي تحظى باهتمام وإعجاب المغاربة"، على حد تعبيره. وكان للشأن الإسرائيلي حديث وسط الحكومة والبرلمان المغربي، في الآونة الأخيرة، إذ سارع مصطفى الخلفي، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، في جلسة أسبوعية لمجلس المستشارين، إلى التشديد على غياب أي علاقة رسمية بين الرباط وتل أبيب، وقال: "ليست للمغرب أي علاقة رسمية مع الكيان الصهيوني". وجاء رد الخلفي إثر الزوبعة التي أثارتها زيارة عمير بيريتس، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق ذي الأصول المغربية، إلى الرباط ودخوله إلى البرلمان إثر ترؤسه لوفد إسرائيلي للمشاركة في المناظرة الدولية التي نظمها مجلس المستشارين والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، بشراكة مع المنظمة العالمية للتجارة، مطلع أكتوبر المنصرم. وظهر مصطلح "الدول العربية المعتدلة" على صفحة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، تعليقا منه على من احتجوا على دخوله إلى البرلمان المغربي، والذين وصفهم ب"المتطرفين"، وعبّر عن تفاؤله بخصوص ما وصفه ب"فتح صفحة جديدة مع جميع الدول العربية المعتدلة، ومن ضمنها المغرب"، مضيفا: "المغرب بلد خاص، وشعبه محب للسلام، والدولة تستثمر أموالا كبيرة في الحفاظ على التراث اليهودي، وأنا أحظى بتقدير كبير ومعاملة خاصة من أعلى المستويات". تصريح بيريس يأتي في سياق طرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لما أسماه الدول العربية المعتدلدة، خلال كلمة له بمناسبة "إحياء الذكرى المئوية لصدور إعلان بلفور" بالعاصمة البريطانية لندن، مشيرا إلى وجود دول عربية ماضية في تطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية، معبرا عن ذلك بقوله: "هنالك أخبار سارة.. فإلى جانب مصر والأردن اللذين صنعنا السلام معهما بالفعل، هناك جهات أخرى في الوطن العربي تمضي قدماً وتقر بأن إسرائيل ليست عدواً لها".