على بعد نحو ثلاثة أسابيع من المسيرة الوطنية التي يستعد الأطباء والصيادلة وجراحو الأسنان بمؤسسات القطاع العمومي لتنظيمها بالعاصمة الرباط، عاشت مجموعة من المستشفيات العمومية المغربية على وقع إضراب وطني، فيما استقبلت مديريات جهوية لوزارة الصحة غاضبين من "أصحاب البذلة البيضاء". ونفذ الأطباء والصيادلة وجراحو الأسنان بمؤسسات القطاع العمومي للصحة إضرابهم الوطني اليوم الثلاثاء، باستثناء الأقسام الحساسة والحيوية بعدد من المستشفيات، استجابة للنداء الذي وجهته النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تحت شعار "إما أن نكون أو لا نكون"؛ وذلك ردا على ما وصفوه ب "المحاولات اليائسة، الرامية إلى الحطِّ من كرامة وقيمة الطبيب". وترفع الأطر الصحية الغاضبة مطالب عاجلة للحكومة، قالت إنها ظلت حبيسة الوعود غير المفعلة منذ سنوات، تهم أساسا "تخويل الرقم الاستدلالي |509| بكامل تعويضاته"، و"إحداث درجتين خارج الإطار"، و"الرفع من مناصب الإقامة والداخلية"، و"توفير الشروط العلمية لعلاج المواطن المغربي"، مشيرة إلى أنها مستمرة منذ أشهر في "الامتناع عن استعمال الأختام الطّبية" و"حمل الشارة 509". وإلى جانب الإضراب الوطني الذي تكرر خوضه بشكل شبه شهري، نظمت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام ثلاث وقفات احتجاجية أمام المديريات الجهوية لوزارة الصحة بمدن فاسوالرباط والدار البيضاء، اليوم أيضا، مشددة من خلالها على "ضرورة تَوْفير وتطبيق الشروط العلمية بجميع المؤسسات الصحية، من مستشفيات إقليمية وجهوية، ومراكز صحية حضرية وقروية، ودور للولادة، وأيضا الصيدليات الإقليمية والجهوية وصيدليات المستشفيات العمومية". وفي بلاغ للنقابة المذكورة، توصلت به هسبريس، تحدث الأطباء الغاضبون عن دوافع الإضراب الوطني وموجة الاحتجاج التي أطلقوها مع مستهل هذه السنة، وتتعلق بالتنديد ب"استمرار الوضعِ الصحي المُتَأَزِّمِ والاختلالات العميقة التي تعرفها المنظومة الصحية"، و"ما آلت إليه أوضاع المؤسسات الصحية" من خلال رصد ما وصفوه ب "ندرة الموارد البشرية وقلة التجهيزات البيو طبية ومشاكل التعقيم والأدوية"، التي "أصبحت تنعكس سلباً على الخدمات المقدمة للمُرتفِقين والعاملين بها أيضاً". ودقت الجهة ذاتها ناقوس الخطر في ما يتصل ب"نزوح المئات من الأطر الطبية عبر تقديم استقالاتهم، هروباً من جحيم الوضع الصحي الكارثي بالمستشفى العمومي"، قبل أن تلقي باللائمة على السياسة الحكومية التي "تحاول تهميش وتجاهل المطالب المشروعة للشغيلة الصحية بمختلف فئاتها"، عبر "القرارات السياسية والإدارية"؛ ما أدى إلى "دخول المنظومة الصحية برُمَّتِها حالة الانهيار، وفي مقدمتها المستشفى العمومي". وبعد تنفيذهم لأربع إضرابات وطنية منذ الدخول الاجتماعي الجاري ومسيرة احتجاجية وطنية بالرباط مطلع دجنبر الماضي، كشف الغاضبون من فئات الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان بالقطاع العام عودتهم إلى الشارع عبر مسيرة وطنية ثانية يوم العاشر من فبراير القادم تنطلق من وزارة الصحة صوب مقر البرلمان، كشكل تصعيدي يشمل الاستمرار في تنفيذ إضرابات وطنية داخل المستشفيات العمومية، ووقفات احتجاجية أمام مديريات وزارة الصحة. ووجهت النقابة انتقادها إلى حكومة سعد الدين العثماني، ووزارة الصحة التي ما زالت تنتظر تعيين وزير لها بعد إعفاء الحسين الوردي منذ ثلاثة أشهر إثر غضبة ملكية طالته ووزراء ومسؤولين آخرين، قائلة إن هناك "غيابا لرُؤيَةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ وصادقةٍ لإنقاذ الوضع"، مع "افتقار أصْحاب القرار العمومي إلى أَي خارطة طريق واضحَةٍ لتَجَنُبِ السكتة القلبية التي تُهدِّدُ القطاع الصحي، حيثُ صارَ الطبيبُ ومعهُ المريضُ المغربي يرفُضَانِ سياسة الترقيع الصحي".