اهتمت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الثلاثاء، على الخصوص، بتداعيات الاحتجاجات التي تشهدها عدة جهات في تونس، وبالتدخل العنيف والدامي من طرف الشرطة الجزائرية ضد الأطباء المقيمين بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة. ففي تونس تساءلت صحيفة "الشروق" في مقال تحت عنوان "من يريد إشعال "ثورة" ثانية؟" عن الدوافع الحقيقية من وراء سلسلة الاحتجاجات التي تشهدها تونس في الآونة الأخيرة، مشيرة إلى وجود صفين أفرزهما الواقع الجديد، أولهما صف يتمسك بحق التظاهر والاحتجاج حتى وإن كان من دون ضوابط أحيانا، وثانيهما يخشى من كل توظيف للاحتجاجات. واعتبرت الصحيفة أن الوضع يتصف بواجب الحذر خاصة وأن الكثير من المؤشرات تدفع إلى انتظارات إيجابية هذه السنة في ظل عودة قطاعات اقتصادية إلى سالف نشاطها وخاصة منها قطاعي السياحة وإنتاج الفوسفاط مع التحسن الملحوظ في حجم الاستثمارات والموسم الفلاحي الجيد فضلا عن التوقعات ببلوغ نسبة نمو ب3 في المائة نهاية العام الجاري. ومن جهتها كتبت صحيفة "الصحافة اليوم" أن "التظاهر والاحتجاج السلمي حق مشروع يكفله الدستور التونسي ولكن أن تندلع الاحتجاجات ليلا فهذا يثير بالفعل الخوف والخشية من العودة إلى مربع الفوضى والهمجية والمس بمصالح البلاد". وأضافت أن الأمر "يثير تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت هذه الاحتجاجات بريئة وتلقائية واندلعت بسبب غلاء الأسعار ورفض الزيادات الأخيرة أم أن هذه الاحتجاجات وراءها إرادة لتأجيج الأوضاع". وأفادت صحيفة "الصريح" من جانبها بأن بعض مدنا على غرار القصرين شهدت أمس "حالة احتقان كبرى" واحتجاجات شارك فيها المئات من الأشخصات، مشيرة إلى أن هذه الاحتجاجات كانت سلمية لكنها سرعان ما تحولت إلى مواجهات مع قوات الأمن الذي اضطر إلى استخدام الغاز المسيل للدموع من أجل فض التحركات. وأضافت أن بعض المحتجين عمدوا إلى القيام بحرق العجلات المطاطية ورشق رجال الأمن بالحجارة، وإغلاق عدد من الطرقات. ولاحظت صحيفة "لابريس" من جانبها أن الحركات الاحتجاجية التي اندلعت في الأيام الأخيرة في عدة جهات بالبلاد كانت متوقعة مع دخول قانون المالية 2018 حيز التنفيذ. وأضافت في افتتاحية بعنوان "الديمقراطية ودولة القانون" أن الرفع من أسعار عدد من المنتجات والخدمات أثار غضبا عاما، وبشكل مستغرب، حتى من قبل بعض الأحزاب السياسية والنواب الذين صوتوا لصالح قانون المالية في البرلمان. وفي نفس السياق سجلت صحيفة "لوكوتيديان" أنه "إذا كان مفهوما احتجاج بعض الاحزاب التي صوتت ضد قانون المالية ولا تتحمل بالتالي مسؤولية اعتماده، فإن مما يثير الاستنكار أن بعض الأحزاب صوتت لصالح قانون المالية لكنها تسعى إلى توظيف غضب الشعب". وسجلت صحيفة "الصباح" من جانبها أن التحركات الاحتجاجية ضد غلاء الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة التي اندلعت مع بداية شهر يناير ودخول قانون المالية لسنة 2018 حيز التنفيذ، "اتخذت منحى تصاعديا خطيرا مع ارتفاع نسق التحركات في العديد من المناطق والجهات وتحول بعضها إلى الاحتجاج ليلا". وأضافت الصحيفة أنه "بعيدا عن منطق التجاذبات والحسابات السياسية ... يمكن طرح تساؤلات بخصوص مآل هذه التحركات الاحتجاجية وفرضيات في حال اتساع رقعتها ونطاقها وارتفاع عدد مؤيديها. واعتبرت الصحيفة أن عقد الحوار الاقتصادي والاجتماعي وهو من أهم مخرجات اجتماع "وثيقة قرطاج" يوم الجمعة الماضي، قد يكون إطارا مناسبا إما للتنفيس عن الضغوطات التي تتعرض لها الحكومة عبر تصويب خياراتها الاقتصادية، أو إطارا لمحاسبتها وتقييم أدائها". وأضافت أن الحوار الاجتماعي قد يكون أيضا فرصة سانحة للأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج أو الداعمة للحكومة لإثبات مسؤوليتها السياسية لمناقشة سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية". ورأت أن نجاح الحوار الاقتصادي والاجتماعي رهين بقدرة الأحزاب السياسية والسلطة التنفيذية على التعبئة وللتحضير جيدا لمحاور الحوار واستباق نتائجه". وفي الجزائر، خصصت الصحف تعاليقها وتحاليلها معززة بصور صادمة للتدخل العنيف والدامي من طرف الشرطة ضد الأطباء المقيمين بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة (ليبيرتي) أن الأطباء المقيمين غير مستعدين لتلقي الضربات ولزوم الصمت وأن حركتهم الاحتجاجية، التي أطلقوها للحصول على مطالب مشروعة ترتبط على الخصوص بوضعهم القانوني، التقطت أنفاسها إثر القمع الوحشي الذي أفرطت الشرطة في استعماله، يوم الأربعاء الماضي، ضد الأطباء المقيمين بمستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة. وأكدت أن استعمال الهراوات ضد أطباء عزل يبقى عنفا غير مبرر، لأنه مهما كان عددهم، فإن الأطباء المقيمين لم يشكلوا تهديدا للنظام العام. وكشفت في افتتاحية بعنوان "الأثر المضاد للقمع" أنه لو لم يتم السماح للشرطة، حتى لا نقول إعطاءها أوامر، بالتدخل بعنف لاحتواء احتجاجات الأطباء ومحاصرتهم داخل مصطفى باشا، فذلك لأن التظاهر ما يزال ممنوعا في الفضاء العام بالعاصمة، معتبرة أن القمع العنيف أراد توجيه رسالة لثني محاولات أخرى لتنظيم مسيرات، والتي يتعين تنظيمها لأن الدوافع لذلك موجودة. من جهتها، كتبت صحيفة (الشروق) أن أزيد من 3000 آلاف طبيب خرجوا أمس في قسنطينة لاسماع صوتهم والتعبير عن تضامنهم مع زملائهم الأطباء المقيمين بالجزائر، ضحايا قمع غير مسبوق. وأضافت أن هؤلاء المتظاهرين (طلبة أطباء داخليون وخارجيون، وفي طب الأسنان والصيدلة) الذين تزعمهم ممثلو التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين الجزائريين والنقابة الوطنية للأساتذة والباحثين الاستشفائيين الجامعيين، أطلقوا "مسيرة الكرامة" انطلاقا من المركز الاستشفائي الجامعي ابن باديس، حيث أصبحت جميع المصالح خالية من أي طبيب مقيم طيلة الصباح. وتابعت أن أحداث الأربعاء الماضي، حيث تم قمع الأطباء بشراسة من طرف الشرطة داخل مستشفى مصطفى باشا ، أثارت مخاوف من وقوع الأسوأ، ملاحظة أن نشر قوات الأمن في العديد من النقاط الحساسة بمحيطه ساهمت بنجاعة في تفريق الأطباء. من جانبها، قالت "الوطن" إن المنعطف الذي اتخذته ، منذ يوم أمس، مقاطعة امتحانات الولوج إلى الدراسات الطبية المتخصصة يمثل تطورا خطيرا في هذا الصراع والذي يبدو أنه يتجاوز طرفيه ممثلين في وزارة الصحة والأطباء المقيمين، ذلك أنه إذا كان الكل يجمع على شرعية قضية المحتجين، وأن لا أحد يعارض أن تكون هناك خدمة مدنية بشكل عادل ومنصف، فإنه يبدو أن وزير الصحة وهو طبيب مشهود له، عاجز حتى عن إيجاد حل لجزء من مطالب الأطباء المختصين المستقبليين. واعتبرت الصحيفة أنه ليس هناك شخص سوي يمكن أن يستوعب كيف يتم منح تعويضات عن السكن لقضاة وأطر (سوناطراك) أو لأي شخص يعمل في مناطق نائية ولكن ليس للأطباء المختصين . بدورها، كتبت صحيفة (ليكسبريسيون) أنه وفي مؤشر على احتدام الحركة الاحتجاجية، قرر الائتلاف المستقل للأطباء المقيمين الجزائريين الاستمرار في مقاطعة امتحانات نهاية الدراسات الطبية المتخصصة، إلى غاية تلبية المطالب المعروضة. وعنونت الصحيفة على صدر صفحتها الأولى "الصحة ليست على ما يرام بالجزائر"، مشيرة إلى أن آلاف الأطباء المقيمين، يساندهم الطلبة وأساتذة مساعدون وأطباء الأسنان الداخليون والصيادلة، نظموا مسيرة بقسنطينة للمطالبة بتحسين أوضاعهم السوسيو مهنية.