لم يُكتب لجلسة محاكمة معتقلي حراك الريف، عصر الثلاثاء، أن تصل إلى مرحلة النقاش المعمق للقضية والاستماع إلى المتهمين من طرف رئيس الجلسة علي الطرشي، حيث شهدت الجلسة توترا آخر، بعد إحضار ناصر الزفزافي بالقوة إثر رفضه الحضور في الفترة الصباحية. وانتفض قائد حراك الريف مباشرة بعد إعلان رئيس الجلسة تأجيل الجلسة إلى غاية الجمعة المقبل، منتقدا التواجد الأمني بالمحكمة، إذ قال: "لو تم تسخير هذا الكم الهائل من رجال الأمن لمواجهة المفسدين لكنا أحسن من سويسرا". وتابع "أيقونة الحراك" وهو يصرخ في القاعة "إنكم بهذه المحاكمة تشوهون صورة البلاد"، قبل أن يضيف: "نحن الوطن وعاش الريف، والموت ولا المذلة"، قبل أن يتعالى الصراخ عقب إخراج المعتقلين من القاعة "خليونا نشوفو عائلاتنا"، بينما رفعت الأسر شعارات مدوية بداخلها. وعرفت الجلسة تسليم ناصر الزفزافي رسالة إلى موكله محمد أغناج، يؤكد فيها أنه وباقي المعتقلين مستمرون في إضرابهم عن الطعام، ملتمسا منه إيصالها إلى القاضي حتى يتم نفي ما ورد على لسان النيابة العامة في الفترة الصباحية. وقبل ذلك، توترت الجلسة عقب إحضار الزفزافي بالقوة للجلسة، حيث كشف المحامي محمد أغناج، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين، وهو يقاطع منح القاضي الطرشي الكلمة للنيابة العامة، أن قائد الحراك يعاني من مضاعفات الدخول في إضراب عن الطعام. وأوضح المحامي أن موكله الزفزافي، خلال زيارته له بالسجن من أجل إقناعه بالحضور إلى المحكمة لمواصلة الجلسة، أكد عدم جاهزيته وقدرته على متابعتها بالنظر إلى تدهور صحته، وهو ما جعل القاضي يرفع الجلسة بسبب مضي الدفاع في الكلام. من جهته، دعا النقيب عبد الرحيم الجامعي الهيئة إلى مراعاة الوضع الصحي للزفزافي، الذي أحضر بالقوة من السجن، وطالب بإجراء خبرة طبية عليه، ونقله إلى المستشفى قصد الخضوع للعلاجات الضرورية إن تطلب الأمر ذلك. وبعد رفع الجلسة من طرف القاضي، عادت الهيئة من جديد لمواصلتها، حيث تم منح الكلمة لممثل النيابة العامة من أجل استكمال مرافعته قبل الشروع في مناقشة القضية والاستماع إلى المتهمين. وأكد ممثل الحق العام، في مرافعته التي امتدت حتى الثامنة ليلا، أن هناك العديد من الأشرطة والفيديوهات التي تدين المعتقلين، وتبرر الاستمرار في متابعتهم في حالة اعتقال، مشيرا إلى أنه خلال المناقشة سيتم التفصيل في ذلك أكثر. ونفت النيابة العامة ممارسة التعذيب على المعتقلين، كما ورد في الدفوعات التي تقدمت بها هيئة الدفاع في الجلسات السابقة، حيث قال حكيم الوردي: "لو صدقنا الكلام الذي جاء به دفاع المعتقلين حول التعذيب لكنا قرين الكفر بالإنسانية"، مضيفا: "لا أرضى لمواطني بلدي أن يعذبوا"، وهو ما جعل المحامين ينتفضون ويؤكدون تعرض المعتقلين للتعذيب والتعنيف. وقررت هيئة الحكم تسريع النقاش في الملف، حيث حددت يوم الجمعة القادم لمتابعة المناقشة، بالرغم من إلحاح هيئة الدفاع عن المعتقلين على ترك المحاكمة تسير وفق النمط الذي شهدته طوال الأشهر الماضية. وشهدت الجلسة في الفترة الصباحية غياب ناصر الزفزافي وثلاثة معتقلين آخرين، قرروا عدم الحضور، غير أن النيابة العامة طالبت بضرورة تطبيق القانون، وهو ما دفع رئيس الهيئة إلى توجيه تعليماته من أجل إحضارهم بالقوة في حال ما أصروا على الرفض.