تباينت تعليقات المغاربة على موقع هسبريس بين مؤيد ومعارض للفتوى المثيرة للجدل التي أطلقها الشيخ عبد الله النهاري، حول تحريم الاحتفالات والتهاني وجميع المعاملات التجارية التي تشهدها البلاد بمناسبة رأس السنة الميلادية. وانتقدت غالبية التعليقات مثل هذه الدعوات التي تنهل من الفكر السلفي المتشدد، حسبها. واستغرب أحد المعلقين على الخبر كيف يفتي من ليس أهلاً بمنع الاحتفالات وسط العائلات التي دأبت منذ القدم على ذلك توديعاً لسنة كانت حافلة بالأحداث، واستقبالاً لسنة جديدة تُعلق عليها الكثير من الآمال والأمنيات. وجاء في أحد التعليقات: "فقهاء الجهل لا تفوتهم فرصة إلا وأبعدوا الإسلام عن زمانه ومكانه. رأس السنة ليس باحتفال ديني، بل هو فرصة لتجمع العائلة ووصل الأهل. بابا نويل لا أصل له في أي دين.. كفاكم غباءً". وأكدت مجمل التعليقات أن "المغاربة يحتفلون بنهاية سنة وبداية أخرى، وأنه لا يوجد في الإسلام ما يمنع مشاركة أعياد جميع الأنبياء والرسل، ومنها مناسبة ميلاد النبي عيسى". مواطن مغربي آخر من المنتقدين بشدة لموقف النهاري علق قائلاً: "نتمنى سنة 2018 سعيدة لكل المغاربة. أكبر رد على هذا الشيخ هو الاحتفال برأس السنة الميلادية. سنحتفل جميعا كمغاربة باقتناء الحلويات والمشروبات وتبادل الهدايا وتبادل التهاني والرقص والاستمتاع بأفضل الأغاني". وفي تعليق ساخر على تحريم تهاني المغاربة لأهل الكتاب، أورد أحد قراء هسبريس في تعليقه أنه "إذا كان الاحتفال بالسنة الجديدة، أيها الشيخ الكريم، تشبها بالنصارى، فماذا يعني استعمال أجهزة التواصل التكنولوجي، والألبسة الداخلية التي ترتديها، والأحذية، وذاك المكبر الصوتي الذي ترفع من خلاله صوتك؟". عصيد: دعوات ظلامية الناشط الحقوقي والأمازيغي أحمد عصيد انتقد بشدة الدعوات المحرمة للاحتفال برأس السنة الميلادية، وقال إن "المغرب ومنذ قرون لم يكن أبداً منغلقاً على ذاته، بل منفتحاً على جميع الحضارات الكونية". وأوضح عصيد، في تصريح لهسبريس، أن الكثير من الشيوخ الدينيين لم يستوعبوا إلى يومنا هذا خصوصيات المجتمع المغربي، واعتبرهم "مجرد دعاة للتطرف مؤطرين في إطار أيدلوجيات شرقانية مثل الوهابية السعودية أو الإيديولوجية الإخوانية المصرية". وشدد المتحدث على أن الدين بخصوصياته المغربية لا يرى نهائياً أي مشكل في الاحتفال مع العالم بهذه المناسبة، كما أن التقويم الميلادي تعتمده الدولة المغربية ويتعامل به المواطنون والمؤسسات العمومية في جميع مناحي الحياة، ولفت إلى أن "الاحتفالات هي لحظات من فرح والمرح، ووحدهم أصحاب ثقافة الموت وإيديولوجيات الظلام من يغلقون على أنفسهم الأبواب والنوافذ لكي لا يروا نور الواقع". سكنفل: يجوز شرعاً وفي تعليق رسمي، قال لحسن بن ابراهيم سكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيراتتمارة، إن الاحتفالات وتبادل التهاني بمناسبة رأس السنة الميلادية "ليس محرماً شرعاً"؛ وذلك رداً على ما قاله الشيخ عبد الله النهاري. وقال خطيب الجمعة الشهير بمسجد العكاري بالرباط، ضمن تصريح لهسبريس: "إن الاحتفال بمولد سيدنا عيسى عليه السلام بما يتناسب ومعجزة مولده عليه السلام ليس محرما شرعا إذا كان ذلك بذكر هذه المعجزة وبيان أن عيسى عليه السلام هو نبي الله ورسوله وكلمة ألقاها إلى مريم وروح منه كما قال عز وجل في كتابه العزيز". وأوضح سكنفل أنه "يجوز للمسلم أن يبارك للنصارى بذلك المولد دون أن يعتقد اعتقادهم في عيسى عليه السلام، ويهدي إليهم ويشاركهم في هذا الاحتفال ضمن الضوابط الشرعية التي تمنع المحرمات، كشرب الخمور وأكل لحم الخنزير، وما إلى ذلك من الممارسات التي لا تتفق مع الشرع". وبعيداً عن المواقف المتشددة، أشار رئيس المجلس العلمي بعمالة الصخيراتتمارة إلى أن "القرآن الكريم احتفى بمولد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام احتفاء كبيرا وعظيما، كما احتفى بأمه مريم العذراء عليها السلام احتفاء خلد اسمها في الكون لعفتها وقنوتها، فهي رمز العفة وشعار القنوت لله رب العالمين".