على غير عادتها، سلّطت الحصيلة السنوية لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، التي يوجد مقرها في العاصمة الفرنسية باريس، الضوء على المغرب، بالقول إنه بات حالة استثنائية بجانب روسيا، وأنها "باتت تشهد أعداداً هائلة من حالات الاعتقال والحبس في صفوف الفاعلين الإعلاميين، على نحو غير مألوف". التقرير، الصادر بخصوص حصيلة 2017، قال إن المملكة "التي لم يسبق لها أن كانت ضمن قائمة أكبر سجون العالم بالنسبة إلى الصحافيين، باتت تشهد أعداداً هائلة من حالات الاعتقال والحبس في صفوف الفاعلين الإعلاميين، على نحو غير مألوف"، محيلة في ذلك إلى اعتقال ثمانية مغاربة بين صحافيين مهنيين ومتعاونين وهواة على خلفية تغطية "حراك الريف". وتابع التقرير بالقول إن في المغرب يوجد عدد ملحوظ من الصحافيين وراء القضبان، من أصل 326 صحافيا معتقلا عبر العالم "وذلك رغم انخفاض العدد الإجمالي في كل البلدان"، موردا حالة اعتقال ومتابعة الصحافي حميد المهداوي، المشرف على موقع "بديل"، وأربعة صحافيين هواة وثلاثة متعاونين مع وسائل الإعلام قالت المنظمة إن السلطات المغربية اعتقلتهم جميعا بسبب تغطيتهم للحراك الشعبي بالريف، مضيفة "قبل عام من الآن لم يكن هناك أي صحافي في السجون المغربية". إلى ذلك، قال التقرير إن الانتهاكات المرتكبة ضد الصحافيين أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 65 قتيلاً خلال عام 2017، إما أثناء ممارسة عملهم، حيث سقطوا جرَّاء عمليات قصف أو تفجير على سبيل المثال، وإما تم اغتيالهم بسبب تحقيقاتهم المزعجة، بينهم 10 صحافيات قتلن، وكان معظمهن من المكافحات والجريئات والمحنكات في مجال الصحافة الاستقصائية، على غرار دافني كاروانا غاليزيا (مالطا) وجوري لانكيش (الهند) وميروسلافا بريتش فيلدوسيا (المكسيك)، اللواتي واصلن تحرياتهن وتحقيقاتهن في قضايا الفساد. ومن المفارقات المسجلة في التقرير أن درجة الخطورة على سلامة الصحافيين في بعض الدول التي تعيش حالة سلم تكاد تضاهي مستوى الخطورة في البلدان التي تئن تحت وطأة الحرب، ذلك أن 46 في المائة من الصحافيين القتلى هذا العام سقطوا في بلدان حيث لا توجد نزاعات مُعلنة، علماً أن حصيلة الإعلاميين الذي لقوا مصرعهم في المكسيك خلال هذه السنة تكاد تضاهي الحصيلة المسجلة في سوريا، التي لا تزال في صدارة البلدان الأكثر فتكاً بالصحافيين (12 قتيلاً). وفي المقابل، يوجد حالياً 54 صحافياً في عداد الرهائن المحتجزين لدى جماعات مسلحة غير حكومية، مثل تنظيم "داعش" أو جماعة الحوثيين في اليمن، علماً أن نحو ثلاثة أرباع هؤلاء الضحايا يُعدُّون من الصحافيين المحليين، الذين غالباً ما يعملون لحسابهم الخاص في ظروف مزرية ومحفوفة بالمخاطر؛ فيما زالت سوريا تعد مسرحا لاختطاف جميع الصحافيين الأجانب الذين ما زالوا في عداد الرهائن حتى الآن، حيث ما زال يتعذر تحديد مكان احتجازهم بالضبط. أما الحصة الكبيرة من التقرير، فجرى رصدها في حق 326 صحافيا مهنيا وهاويا، ضمنهم 16 امرأة، ممن قالت المنظمة إنهم أدينوا في قضايا مختلفة تتعلق بمهنتهم ومهامهم الإعلامية، على أن حصيلة هذا العام أقل مما كان عليه الوضع في 2016 (-6 في المائة)؛ غير أن ما يقرب من نصف الصحافيين المحتجزين في العالم موزعون على خمسة بلدان فقط، فيما تبقى الصين وتركيا أكبر سجون العالم بالنسبة للصحافيين، يقول التقرير. وفي سياق هذا التقرير، يقول كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، "إن الصحافيين الاستقصائيين الذين يحققون في القضايا الكبرى مثل الفساد أو الفضائح البيئية يلعبون دوراً أساسياً في المحاسبة والمراقبة، حيث أصبحوا مستهدَفين من قبل أولئك الذين ينزعجون من تحقيقاتهم"، مؤكداً في الوقت ذاته أن "هذه الحالة المقلقة تسلط الضوء على الحاجة المُلحة إلى تعزيز حماية الصحافيين في السياق الراهن".