تتجه الحكومة المغربية إلى اعتماد مشروع قانون متعلق بقطاع الغاز الطبيعي يضع ضمن أهدافه الرئيسية إيجاد مصادر بديلة عن الغاز المستورد من الجزائر عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي. ويربط هذا الأنبوب، الذي يسمى Maghreb Europe Gas Pipeline ، الجزائر بالقارة الأوروبية عبر المغرب، وستنتهي العقود والاتفاقيات المؤطرة لهذا الاستيراد سنة 2021. وحسب مشروع القانون، الذي يحمل رقم 94.17 المنتظر أن يعرض على المجلس الحكومي قريباً؛ فإن المغرب يسعى إلى تأمين الحاجيات المتزايدة من الطاقة بتنويع مصادر المحروقات، من خلال زيادة حصة الغاز الطبيعي في الباقة الطاقية. ويرغب المغرب، عبر هذا المشروع المهم، في تلبية احتياجاته من الكهرباء على المديين المتوسط والطويل، والتي تعرف معدل نمو سنويا يناهز 6 في المائة، إضافة إلى تنويع الباقة الكهربائية التي يطغى على إنتاجها حالياً استعمال الفحم الحجري. كما تضع الحكومة نصب أعينها تجاوز الإكراهات التقنية الناتجة عن ارتفاع نسبة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء، بالنظر إلى عدم الانتظام الطبيعي لهذه الطاقات، وضمان استقرار المنظومة الكهرباء الوطنية باستعمال تكنولوجيا الدورة المركبة المستعملة للغاز والتي تتيح مرونة أكثر. وكانت المملكة قد وضعت مخططاً وطنياً لتنمية الغاز الطبيعي، من خلال خارطة الطريق التي صادق عليها الملك محمد السادس وأعطيت انطلاقتها في 16 دجنبر 2014. ويهدف هذا المخطط إلى إنجاز مشروع متكامل سمي ب"الغاز من أجل الكهرباء"، ويشمل بناء محطة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال بالجرف الأصفر ابتداء من عام 2021. وسيمكن هذا المخطط من تلبية احتياجات البلاد، التي تقدر بنحو 5 مليارات متر مكعب سنوياً، منها 3.5 مليارات متر مكعب سنوياً ستلبي حاجيات المحطات الكهربائية في المرحلة الأولى. وفي مرحلة ثانية، ستلبى حاجيات بعض الصناعات بما يناهز 1.5 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي. ويشمل المشروع أيضاً بناء محطتين لتوليد الكهرباء بنظام الدورة المركبة (cycle combiné) من 1200 ميغاواط الغاز الطبيعي، وخط أنابيب من 400 كيلومتر الذي بين محطة الغاز في الجرف الأصفر بالأنبوب المغاربي الأوروبي في شمال البلاد، وتقدر إجمالي هذه الاستثمارات بحوالي 4.6 مليارات دولار. ومن شأن هذا الإطار التشريعي المتعلق بقطاع الغاز الطبيعي أن يواكب هذا المشروع الضخم، ويراقب الأنشطة المختلفة التي تكون السلسلة الغازية من استيراد وتحويل وتخزين ونقل وتسويق. ولدى مشروع القانون رقم 94.17 هدفان رئيسيان، أولهما تنظيم القطاع ووضع تعريفة مناسبة لسوق الغاز بالبلاد وإعطاء إشارات قوية ومحفزة تجاه المستثمرين، خاصة الأجانب، لتطوير بنية تحتية من تجهيزات وشبكات النقل والتوزيع التي تعرف محدودية حالياً. أما الهدف الثاني فيتمثل في تقنين وضبط كل الأنشطة المتعلقة بقطاع الغاز الطبيعي على مستوى السلامة وحماية البيئة من المخاطر المحتملة، ويضع الخطوط العريضة للمنظومة المستقبلية لقطاع الغاز الطبيعي بالمغرب. ويعدّ مشروع القانون هذا الأنشطة الغازية خدمة عمومية تمنح الدولة بموجبه امتيازات لكل نشاط بعد طلب للعروض، ويمكن أن تتولى شركة من القطاع الخاص ممارسة أنشطة نقل الغاز الطبيعي بعد طلب عروض، وأن تستفيد من امتياز لبناء واستغلال كل منشآت نقل الغاز الطبيعي بصفة احتكارية على مجموعة التراب الوطني. وينص مشروع القانون على انفراد موزعي الغاز والمكتب الوطني للكهرباء بالحق في استيراد وشراء الغاز الطبيعي على المستوى الوطني، كما ينفرد موزعو الغاز بحق بيع الغاز للمستهلكين باستثناء المكتب الوطني للكهرباء. كما يضع القانون أسس نظام لتسعير بيع الغاز إلى المستهلكين النهائيين على أساس متوسط تكلفة الغاز من خلال ثلاثة مصادر للتموين، عبر البواخر في شكل غاز مسال أو عبر خطوط أنابيب بين البلدان المجاورة أو الإنتاج الوطني من الغاز من أجل ضمان التوازن الاقتصادي لكل من هذه الأنشطة. وستسند مهمة ضبط وتقنين قطاع الغاز الطبيعي إلى الهيئة الوطنية لضبط قطاع الكهرباء، المحدثة بموجب القانون رقم 48.15 سنة 2016 والذي سوف يتم تعديله لتشمل مهام هذه الهيئة أنشطة قطاع الغاز، وسيصبح اسمها هو "الهيئة الوطنية لضبط قطاع الطاقة". جدير بالذكر أن عدداً من شركات التنقيب العالمية تجري، حالياً، عدداً من عمليات التنقيب والبحث عن الغاز الطبيعي في كل من وجدة والقنيطرة، وقد أبانت النتائج الأولية عن وجود احتياطي مهم من هذه المادة الأساسية.