بجهود فردية، أطلقت المغتربة الصومالية، زهرة محمد، أول مركز للياقة البدنية، خاص بالسيدات في بلادها، في مشهد رياضي غير مألوف داخل مجتمع تعتبر غالبيته ممارسة النساء للرياضة خروجاً عن التقاليد المتوارثة. في شارع مكةالمكرمة بالعاصمة مقديشو يستقبل المركز المتواضع، وهو يحمل اسم "خمسة نجوم"، سيدات بالعشرات يأتين يومياً من مختلف أحياء العاصمة لممارسة الرياضة، على يد مغتربة مختصة في التمارين الرياضية. زهور عثمان (40 عاماً)، إحدى المترددات على المركز، قالت للأناضول إن "ممارسة الرياضة مفيدة لكل شخص، ولهذا انضممت للمركز، الذي أنشأ حديثاً، من أجل إنقاص وزني، الذي تجاوز 95 كيلو غراماً". وبسعادة تابعت: "بفضل هذه التمارين الرياضية اليومية تمكنت من إنقاص وزني 6 كغم خلال أسبوعين، وأشعر باتزان ومرونة في جسدي أثناء عملي في المنزل، فضلاً عن شعوري بالارتياح وعدم الأرق في الليل". السمنة وأمراض القلب غياب مراكز اللياقة البدنية في البلد العربي الواقع بمنطقة القرن الإفريقي يعود إلى تدهور الأوضاع الأمنية منذ نحو عقدين من الزمن. وجعل البقاء في المنازل لأوقات طويلة المرأة الصومالية عرضة للسمنة المفرطة وأمراض القلب، بحسب القائمين على المركز الرياضي. زينب علي صومالية عادت من المهجر حديثاً، وعانت من مرض القلب، قالت للأناضول: "كنت أمارس الرياضة يومياً، لكن مع عودتي للبلاد تدهورت حالتي الصحية، بسبب غياب مراكز اللياقة البدنية والملاعب الرياضية النسوية". ومضت قائلة: "منذ إنضمامي لمركز خمسة نجوم للياقة البدنية تحسنت حالتي الصحية، حيث مارست أنشطة رياضية متنوعة تساعد على الحد من وزني وتخفيف أوجاعي المصاحبة لمرض القلب". لياقة وصحة ورغم اختلاف الغرض من انضمامهن للمركز الرياضي إلا أن القاسم المشترك بينهن هو البحث عن اللياقة البدنية والحفاظ على الصحة وتطويع أجسادهن ليرتدين ملابس أنيقة، بدلاً من البقاء طويلاً في المنازل". ويتوفر في مركز "خمسة نجوم" كافة أدوات ومستلزمات الرياضة، إضافة إلى صالة تمارين وساحة للركض وبركة سباحة. زهرة محمد، مالكة ومدربة المركز، قالت للأناضول إن "ممارسة النساء للرياضة في بلد كالصومال ليس أمراً سهلاً، لكن التحسن الأمني الذي تشهده البلاد يدفعنا إلى صقل مهارتنا وإطلاق مشاريع ترفيهيه ورياضية". وأضافت: "يوجد عزوف كبير من السيدات عن ممارسة الرياضية علناً، بسبب الأعراف والتقاليد السائدة في الصومال، لكن منذ بدء عودة المغتربين أخذ المجتمع الصومالي يتأقلم ويتواكب مع أنشطة ومشروعات لم تشهدها البلاد منذ سنوات طويلة". وأردفت إن "وجود كوادر نسوية في هذا المجال، وقلة الاشتراك الشهري للمركز، البالغ حوالي 25 دولاراً أمريكيا (نحو 550 شلن صومالي)، يشجع السيدات على ممارسة الرياضة، رغبة في جسم سليم خالٍ من الأمراض الناتجة عن السمنة المفرطة". فكرة غريبة التقاليد السائدة في المجتمع الصومالي تفرض على المرأة الالتزام بالبيب وتستنكر انخراطها في أنشطة رياضية، حيث تعتبر الرياضة حكراً على الرجال. شمسة أحمد، وهي واحدة ممن تحدين التقاليد، قالت للأناضول: "عندما فكرت في الانضمام إلى مركز خسمة نجوم للياقة البدنية واجهتني تحديات جمة من جانب أسرتي ومعارفي الذين يرون أن الفكرة غريبة وتمس شرفي وشرف أسرتي". وبتحد تابعت شمسة: "تمسكت بموقفي وأقنعت والدتي بهذه الفكرة، لدرجة أنني أصطحبتها معي إلى المركز حتى تلاشت أفكارها التقليدية رويداً رويداً.. الحمد لله أمارس الرياضة وبت استمتع بصحة جيدة، بعد أن نقص وزني". ولا يقتصر دور مركز "خمسة نجوم" على ممارسة الأنشطة الرياضية فحسب، إذ يوفر، عبر مختصين، الحمية الغذائية اللازمة للسيدات، سواء كان الهدف هو إنقاص الوزن أو الحفاظ عليه أو زيادته. وعامة، يشكل العائدون من دول المهجر العمود الفقري لاقتصاد الصومال، من خلال إطلاق مشروعات مختلفة، بفضل التحسن الأمني الذي شهدته البلاد في السنوات الماضية، مع تضييق الخناق على حركة "الشباب" المسلحة المتمردة. *وكالة أنباء الأناضول