على وقع التفاؤل والرغبة في العمل المشترك، اختتم الملتقى الثاني للمحامين المغاربة المقيمين بالخارج، حيث تم الاتفاق على مواصلة التنسيق لما فيه مصلحة مهنة المحاماة ومصلحة المغرب والمغاربة أينما وجدوا. كلمة عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، في نهاية الملتقى الذي نظمته وزارة "الجالية" بشراكة مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أكد من خلالها على ضرورة نجاح المبادرة، إذ قال مخاطبا أصحاب البذلة السوداء: "أنتم ضمير المجتمع الحي، وبالتالي يجب أن تكونوا في الريادة وبشكل قوي". وشدد الوزير على ضرورة البحث عن آلية للتنسيق بين المحامين المغاربة في العالم في ما بينهم ومع محاميي المغرب، وزاد: "الوزارة ستوفر لكم الدعم الكامل وستكون سندا لكم من أجل بلورة ما اتفق عليه في المنتدى". ودعا الوزير إلى العمل على انتخاب مكتب لجمعية محاميين ومحاميات مغاربة العالم، في استقلالية تامة؛ على أن يتم إشراك الجميع، طالبا منهم اختيار طريقة التنظيم وباقي التفاصيل، ومقترحا جعل مدينة أكادير مكانا قارا للمنتدى كل سنة. اللقاء الممتد على مدى يومين استهل بجلسة أولى حول "حماية حقوق ومصالح الفئات الهشة من مغاربة العالم"، وثانية حول "آليات المساعدة القانونية والقضائية ببلدان الاستقبال"، وأخيرة حول "العولمة ومهنة المحاماة"، وعرف بسط عدد من القضايا والإشكالات التي يشتكي منها مغاربة العالم. وعلى ضوء ما استجمع من معطيات، خلص المشاركون إلى ضرورة تفعيل شبكة المحامين المغاربة المقيمين بالخارج التي تضم أكثر من 80 محاميا مزاولين بعدد من دول المعمور للدفاع عن الحقوق والمكتسبات المشروعة لمغاربة العالم. كما تم التأكيد على السماح لأي مغربي بأن يترافع أمام القضاء المغربي للدفاع عن المغاربة المقيمين بالخارج دون إلزامه بالحصول على إذن الترافع أو أي شرط، في غياب اتفاقية مبرمة في هذا الصدد. وفي غياب اتفاقيات ثنائية، طالب المشاركون بدراسة سبل تفادي تنازع القوانين، خاصة في نظام الأسرة والأحوال الشخصية، من خلال تعزيز آليات التعاون بين شبكة المحامين بالخارج ونظرائهم بالمغرب، مع دعوة المحامين خارج البلاد إلى مواجهة بعض الأحكام التي لا تعترف بالكفالة والتي يقابلها التبني في تشريعات بلدان الإقامة. التوصيات طالبت بدعوة المحامين المغاربة بالخارج إلى التكتل في إطار جمعيات، مع تعزيز دورها لخدمة الفئات الهشة من مغاربة العالم، وتوسيع إبرام الاتفاقيات الثنائية بين المغرب وبلدان الاستقبال في مجال حماية حقوق ومصالح الجالية، وخلق بنك معلومات مشترك بين هيئات المحامين المغاربة بالخارج وبالداخل لتبادل الخبرات القانونية والاجتهادات القضائية. المجتمعون بأكادير طالبوا الحكومة المغربية بالمبادرة لتعديل اتفاقية الضمان الاجتماعي المبرمة مع الحكومة الفرنسية أو غيرها من دول الإقامة التي يعاني فيها مغاربة العالم من التمييز، أسوة بما هو معمول به في إطار الاتفاقية التي تجمع بين بلجيكا والمغرب، ودراسة إمكانية تمكين المسنين المغاربة من توطين عملية الأداء الضريبي، وفي حالة القاصرين غير المرافقين إيلاء مسطرتي القيم الوصي لأحد أفراد الأسرة أو الشخصيات القانونية المرجعية في هذا الإطار. ونادى المحامون الحاضرون في المنتدى باختيار مواضيع وقضيا المنتديات المقبلة لتكون موضوع نقاش بين المحامين المغاربة المزاولين بالخارج ونظرائهم بأرض الوطن وفق القانون المقارن، والانكباب على معالجة إشكالية استبدال العقوبات الحبسية بالطرد الإداري. نقاشات اليومين أفضت، كذلك، إلى المطالبة بتفكيك النظام القانوني وإصلاح المنظومتين التعليمية والقانونية، وفق مقاربة تشاركية تراعي الرسالة النبيلة للمهنة، والانخراط في ملاءمة توافقية تتجاوز الحواجز وتساير الانفتاح والثورة الرقمية والتلاقح في الوسط المعني القضائي بكل مكوناته، وتطوير الإطار القانوني من خلال توسيع مجال الاتفاقيات الثنائية قصد تجاوز شرط الجنسية أو نهج مبدأ المعاملة بالمثل. الختام شهد التأكيد على وجوب عقد شراكات مع مكاتب المحاماة الأجنبية ومأسسة التعاون مع شبكة المحامين المغاربة المقيمين بالخارج، وتحديث مهنة المحاماة بالمغرب واستلهام التجارب الفضلى المعمول بها في بعض الدول الأنجلوساكسونية قصد مواكبة التحولات، ومواجهة المنافسة من خلال الاستثمار في العنصر البشري والانفتاح على الذكاء القانوني وتتبع نشر المعلومة القانونية، وخاصة القرارات والاجتهادات القضائية. النقيب ورئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، محمد أقديم، أفاد في كلمته الختامية أن نجاح المنتدى ستكون له تبعات، وقال: "أرى أن المنتدى سيعطي الكثير للمحاماة المغربية وللمحامين المغاربة في العالم"، مشددا على أن العمل سينصب على إيجاد آليات للعمل المشترك. ودعا أقديم المحامين المشاركين في "منتدى أكادير" إلى المساهمة في إعداد القانون المهني للمحامين، والذي أخبر بأنه لازال على طاولة النقاش بين المحامين، موردا أن النسخة المتوفرة حاليا ليست في المستوى ولا تلقى الرضا الجماعي.