في مقال سابق عنوانه "عبادة الدولة الإله: ديانة فاشية متفشية بالمغرب" تعرفنا على فكرة "الدولة الإله" والفاشيين الذين يعبدون الدولة ويعتقدون أن "الدولة هي "الحل" ويحاربون الحرية الفردية ويرفضون أن يحكم الشعب نفسه بنفسه (الديمقراطية). والمقصود من "الدولة الإله" هو الدولة المتغولة (من الغول) والمتضخمة التي تتدخل في كل شيء وتحشر أنفها في كل صغيرة وكبيرة (في التعليم والسياسة والأديان والإعلام والترفيه والاقتصاد وغيره) وتبالغ في جمع الضرائب وتتحكم في حياة المواطنين بطريقة بوليسية فاشية باسم القانون والاستقرار. والذين يعبدون الدولة (أي: الفاشيون) هم الذين يساندون أن تكون الدولة متحكمة في كل شيء ويعادون الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية، ويستقبحون فكرة أن يكون المواطن حرا مستقلا عن الدولة لا يعبدها ولا يتوسل إليها ولا يعتمد عليها. قد يظن بعض السذج أن الدعوة إلى تقزيم حجم الدولة تعني تقزيم المغرب على الصعيد العالمي. وهذا طبعا غير صحيح. فالمغرب يجب أن يكون قويا على المستوى العالمي، أي أن يكون له جيش قوي وسياسة خارجية قوية لحماية الشعب من أخطار الاحتلال الأجنبي والإرهاب والتدخلات الأجنبية. المقصود والمطلوب هو تقزيم حجم تدخلات الدولة المغربية في حياة المواطن المغربي وتقزيم حجم الضرائب من أجل تقزيم البيروقراطية والتبذير والفساد. والهدف من تقزيم حجم تدخلات وسلطات الدولة هو تقوية المواطن وتحريره من التبعية للدولة وتحريره من الاعتماد على الدولة حتى يتمكن من إطلاق طاقاته الإنتاجية والإبداعية وحل مشاكله الاقتصادية بنفسه. المكان الطبيعي لأموالك هو جيبك وليس خزائن المخزن، لذلك يجب إجبار الدولة على تخفيض الضرائب إلى أدنى حد ممكن. المواطن أدرى بشؤونه وكيفية صرف أمواله. أما الدولة فلا تتقن إلا تبذير الأموال والموارد (التي تأخذها من الشعب). ولا عجب في ذلك. فالدولة لم تتعب يوما في إنتاج تلك الأموال والموارد والمنتوجات، فلا غرابة في أن الدولة تبذر أموال الشعب يمينا ويسارا. فهي أموال مجانية حصلت عليها الدولة من الشعب بقوة القانون وبقوة الزرواطة بأوسع معانيها. الشخص الذي يكد ويتعب في جمع الأموال أو الثروات سيكون بلا شك أحرص على إنفاقها واستثمارها بالشكل الأمثل. أما الذي اعتاد على تلقي الهدايا والمنح والجزيات والزكوات والإتاوات فهو لا يقيم لها وزنا لأنه لم يتعب يوما في بنائها وتحصيلها، وهي بالنسبة له شيء مجاني تافه كالهواء المجاني الذي يتنفسه والمطر الذي يسقط عليه من السماء مجانا، وهو بلا شك سيبذرها ويضيعها يمنة ويسرة على أتفه الأشياء غير مبال بالمجهود الأصلي الذي أنفقه أصحابها الأصليون في صنعها وتحصيلها. القطاع الخاص هو الأقدر على الإنتاج والتطوير والتعمير وتحقيق التنمية. والتنمية ليست من اختصاص الدولة. التنمية هي من اختصاص الأفراد والشركات. فالفرد والشركة والقطاع الخاص مدفوعون بدافع الربح وتفادي الخسارة، ولذلك سيبذلون دائما مجهودا عظيما في تحسين المنتوج وتوفير النفقات والتفوق على المنافسين بحسن معاملة الزبائن وبإتقان البضاعة من أجل بيعها وترويجها وجني الأرباح. أما الدولة فهي ليست مدفوعة بدافع الربح لذلك فهي لا تبالي بصيانة أموال لم تتعب يوما لتحصيلها. والدولة لا تبالي بتحسين خدماتها لأن المنافسة منعدمة وهي تحتكر السلطة. ولا تفكر الدولة في تحسين بعض خدماتها إلا حين تشم رائحة غضبة شعبية خطيرة ومخيفة، ثم لا تلبث الدولة أن تعود إلى عادتها القديمة بمجرد أن تتعافى من "الخلعة". ففاقد الشيء لا يعطيه. لذلك فإن كل ما تبنيه وتنجزه الدولة يكون إما رديئا جدا (بسبب غياب الحافز على الإتقان) وإما مكلفا جدا (بسبب غياب الحافز على التوفير). 1) مرض المغاربة العويص: "الإدمان على سلطة الدولة" و"عقلية تاسعّايت" يجب القول أن ثقافة الاحتجاج المغربي (بما فيها حراك الريف و20 فبراير والاحتجاجات الأخرى) مصابة بمرض "الإدمان على سلطة الدولة". فهؤلاء المحتجون المغاربة الذين يشتكون أمام الدولة من فشل الدولة في حل مشاكل البطالة وغياب الرعاية الصحية وغياب السكن الآدمي يطالبون في نفس الوقت نفس تلك الدولة بمزيد من التدخل في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية. وهذا منطق لا يستقيم. والغالبية الساحقة من المثقفين والفنانين والنشطاء والصحفيين المغاربة لا يكلون ولا يملون من مطالبة الدولة ب"التدخل" في المجال الفلاني و"تحمل مسؤولياتها" في المشكلة الفلانية و"تقديم الدعم" في القطاع الفلاني. فتسللت عقلية "تاسعّايت" Taseɛɛayt إلى الذهن المغربي والأمازيغي وأصبحت "تاسعّايت" Taseɛɛayt نسقا أخلاقيا وسياسيا مشروعا بالمغرب يدافع عنه المدافعون بكل حمية وحماس. وبدل أن يطالب الصحفيون المغاربة بإزالة القوانين السالبة للحرية وإزالة الحواجز البيروقراطية على حرية النشر والتعبير يطالبون الدولة بتشريع "قانون للصحافة" وتنظيم الدعم المالي. وهذا كمن يطالب بحقه في حبل المشنقة مصنوعا من الحرير. ولا يغيب عن ذهن اللبيب أن الدولة تقدم للصحفي "بطاقة الصحفي" و"الدعم المالي" لجريدته بيمينها ثم تسلبه حريته بيسارها كلما تخطى خطا من خطوطها الحمراء، وذلك كله تحت غطاء "قانون الصحافة" الذي تزعم أنه جاء لينظم مهنة الصحافة بينما هو جاء ليشرعن تحكم الدولة في الصحافة والإعلام. وهذا يشبه ما تفعله الدولة مع "قانون الأحزاب" حيث تضع قيودا رهيبة على حرية تأسيس الأحزاب الجديدة وتقدم الدعم المالي للأحزاب السياسية المهترئة الحالية بعشرات الملايين من الدرهم. والدولة في نفس الوقت تتحكم في الانتخابات والتقطيع الانتخابي والعملية السياسية عموما وتمنع (تصعب) تأسيس أحزاب جديدة قادرة على إزالة الأحزاب المهترئة منتهية الصلاحية (التي "استثمرت" فيها الدولة الكثير طبعا). الدولة تقدم ريعا (أو "دعما ماليا") لتلك الأحزاب المهترئة لإسكاتها وشراء ولائها من أجل أن تتحكم الدولة في "الحاصول" أي في الانتخابات والإدارة والحكم. وكل هذا يوضح مدى العقم الفكري الذي أصيب به كثير من المحتجين والنشطاء والمثقفين والمفكرين والصحفيين فأصبحوا لا يعرفون حل المشاكل إلا بالضغط على الزر السحري "نطالب بتدخل الدولة" و"نطالب بدعم الدولة" حالمين بأن الدولة ستضمن لهم المدخول المالي أو ستحل لهم المشاكل. ولا يستوعبون أن الدولة هي أصلا جهاز سلطوي غير فعال وغير كفء لا يعرف إلا شفط أموال الضرائب ومنع الناس من فعل كذا وكذا، فضلا عن أن الدولة تبذر أموال الشعب بشكل فظيع في شكل منحات ريعية بالملايير تسميها "الدعم المالي" توزعها على جرائد لا يقرأها أحد وعلى أحزاب لا يصوت عليها أحد وعلى جمعيات السهول والجبال والأنهار والصحارى التي لم يسمع بها أحد. وباستثناء المتريعين والمستفيدين أنفسهم، لا أعتقد أن هناك مغربيا واحدا يساند أن تقدم الدولة تلك الملايير الهائلة من أموال عرق جبينه ك"دعم مالي" سنوي (أكرر: سنوي = كل سنة) لتلك الأحزاب المهترئة المسخوط عليها من طرف الشعب ولتلك الجرائد الإنشائية والجمعيات الريعية. الضرائب (بالأمازيغية: tiwsiwin) هي غرامات (بروصيات). والقوانين (بالأمازيغية: isaḍofen) هي قيود (مينوطات). من يطالب بزيادة الضرائب وزيادة عدد القوانين هو يطالب بزيادة الغرامات والقيود على الشعب. الواجب هو الإنقاص من الضرائب والإنقاص من القوانين لتخفيف العبء على الشعب ولإنهاء الريع والتبذير. 2) الوظيفتان الأساسيتان للدولة: الجمع والمنع يمكن اختصار عمل الدولة في وظيفتين أساسيتين: - الجمع (جمع الضرائب). - المنع (منع الناس من فعل ما يشاءون). والبقية مجرد تفاصيل. الغالبية العظمى من المغاربة مصابون بمرض الإدمان على سلطة الدولة (أو عبادة الدولة) مقرونا بعقم ذاتي أو انعدام الإيمان بالمبادرة الفردية (الاقتصادية والسياسية) وفقر رهيب في الخيال والإبداع. فلا يعقل أن تشتكي أيها المواطن من فشل الدولة ورداءة خدماتها ثم تطالب نفس تلك الدولة بأن تحسن خدماتها في المرة القادمة مرارا وتكرارا آملا في أن لا تعود حليمة إلى عادتها القديمة. بينما الجميع يعلم أن حليمة لا تعرف إلا عادتها القديمة. ولا أدري صراحة ما الذي يتوقعه الناس من دولة فاشلة تتكون من سياسيين وبيروقراطيين فاشلين بعضهم متريع (من الريع) وأغلبهم ضعيف الكفاءة أو معدومها. إذا اتفقت مع صباغ محترف أن يصبغ لك بعض غرف بيتك بصباغة معينة فأساء الصباغة ولم يتقنها، هل ستعود إلى نفس ذلك الصباغ مرات ومرات، سنة بعد سنة؟ أم أنك ستبحث عن صباغ آخر أو عن حل آخر مثل أن تصبغ بيتك بنفسك لأنك أدرى بشؤونك ومصلحتك؟ 3) يداه في جيوب سرواله "مگعمز ف القهوة" ويطالب بالتشغيل والسكن و"تدخل الدولة" و"تحسين الوضعية": المغاربة منذ 1956 يشتكون من نفس الشخص (المخزن / الدولة) ثم يعودون إليه يطالبونه بمزيد من التدخل في حياتهم لحل مشاكلهم الاقتصادية. والطامة الكبرى هي أن الشباب المغربي الحديث أصيب بنفس المرض المغربي/الأمازيغي المديني (الحضري) الذي هو مطالبة الدولة بمزيد من التدخل، بينما هؤلاء الشباب واضعون أيديهم في جيوب السروال (أو العباية) يستوطنون المقاهي ويرابطون على منعطفات الشوارع في حالة انتظار أبدي، ينتظرون أن تأتي إليهم المناصب والمرتبات الشهرية والتعويضات ومفاتيح الشقق. هذا الفولكلور الشعبي (الاعتماد على الدولة أو انتظار الدولة) الذي تطور في مدن المغرب قد يكون نتيجة للتعليم العمومي الرديء الذي أنجب جيلا من "المكلخين" منزوعي الخيال ومعدومي الإبداع الذين لا يعرفون إلا انتظار أوامر المعلم، وقد يكون نتيجة لتغول وتضخم سلطة الدولة (أي أنك لا تستطيع فعل أي شيء بدون رخصة مخزنية) والتي لا تترك أي مجال للأفراد فتوفي الإبداع الحر ومات الخيال في الشباب وتحولوا إلى ماكينات للاستهلاك الكسول وانتظار التعليمات. وقد تكون للثقافة الدينية الإسلامية يد في ذلك إذا نظرنا إلى عقيدة جنة النعيم والحور العين وقصور الفردوس والعيش المجاني الأبدي في الآخرة والعقلية الريعية التي تصاحب ذلك كله. ولكن المهم هو أن عقلية "أطالب الدولة بأن تمنحني كذا وكذا" عقلية ريعية اتكالية ترسخت في المغرب بعد ظهور الدولة السلطوية الجديدة المتحكمة في كل شيء (والتي تلعب دور الإله) وترسخت أكثر مع ظهور الحياة المدنية الحديثة في المغرب المستنسخة من أوروبا وأمريكا بشكل قشوري رديء. ومما لا شك فيه أن العقلية الأمازيغية القديمة السابقة للدولة المغربية الحديثة كانت عكس ذلك تماما. فالعقلية الأمازيغية القديمة التي نجد بعض آثارها في المناطق القروية بالمغرب هي عقلية ترتكز على مواجهة الطبيعة بالمجهود الفردي والمبادرة الفردية الحرة واستغلال ما هو موجود من موارد طبيعية مع إمكانية التعاون الطوعي الاختياري مع الغير لتحقيق هدف معين أو مشروع كبير (تنظيم السقي، حراسة المراعي، الحرث، بناء بيت أو مخزن... إلخ). 4) الدولة المتحكمة المتسلطة: إله جديد يخضع له قطيع الدواجن بمجرد هجرة المغربي إلى المدينة العصرية في القرن 20 أو 21 يتخلى عن تلك العقلية الأمازيغية الفردانية الاستقلالية الإبداعية القديمة ويعتنق الديانة الدولتية الجديدة التي هي الدخول تحت طاعة الدولة واتباع التعليمات وملأ الاستمارات وتنبرة المظروفات ونسخ الفوطوكوبيات والاندماج في القطيع واتباع القطيع وتقليد القطيع، ويركع مع القطيع للإله الجديد الذي هو الدولة المتسلطة المتدخلة في كل شيء. وهكذا ظهرت في المدن أجيال بأكملها من الشباب المدجن الكسول المتعلم في الجامعات والثانويات والإعداديات يحترف "السعاية" أو "تاسعّايت" Taseɛɛayt بمفهومها الواسع الذي هو مطالبة الدولة بضمان الشغل والسكن و"الدعم" مقابل أن يخضع لها ويسلم لها مفاتيح حياته ويقلدها في كل شيء حتى في اللغة والتدين الرسمي وطريقة التفكير وطريقة الكلام. وبالمقابل فإن موظفي الدولة المغربية هم بعض من هؤلاء الشباب المديني المدجن، فازوا باللوطو المخزني ودخلوا إلى الوظائف في الإدارات ويشتغلون من أجل توسيع سلطات الدولة وتكريس النظام المجتمعي الجديد الفاسد القائم على جعل الدولة تتحكم في الشعب وتمتص أمواله وتمنحه من حين لآخر بضع دريهمات من ماله أو بعض "خدمات" كالتعليم الرديء و"شهادة الازدياد" و"الصبيطار". ولا يغيب عن المتأمل مدى الشلل المجتمعي والاقتصادي والحضاري الذي تسبب فيه هذا التدجين الدولتي للشعب. فالشباب الذي لا يعرف إلا مطالبة الدولة بالتدخل والتحكم في كذا وكذا هو بالتأكيد شباب مشلول دماغيا متقاعد فكريا لا ترجى منه فائدة إلا إذا بدأ في التخلص من عقيدة أن "الدولة هي الحل" وبدأ يحرر نفسه من سلطة هذا الإله الدولتي المتحكم. 5) رجال الدولة جماعة منظمة من الشعب المغربي تتحكم في بقية الشعب المغربي: يخيل لكثير من المغاربة أن الدولة جهاز خارق يتكون من رجال خارقين (ربما جاءوا من كوكب آخر) يملكون قدرات خارقة على حل مشاكل الشعب. بينما الدولة هي مجرد جماعة منظمة من الموظفين ينحدرون من نفس الشعب. إلا أنهم خضعوا لتدريب معين جعلهم يتكلمون بطريقة معينة ويكررون كلمات معينة ويقومون بحركات معينة ويفكرون بطريقة معينة. الحقيقة التي يحملق فيها الشعب منذ 1956 هي أن الدولة غير قادرة على حل مشاكل الشعب ولا تقدر إلا على ترقيع بعض المشاكل بحلول سلطوية لها تكلفة مالية باهضة تأتي من أموال الشعب. المبادرة الفردية أو الجماعية الآتية من الفرد أو من الأفراد الأحرار هي الأقدر على حل المشاكل الاقتصادية لأنها مبادرة قائمة على المصلحة الذاتية والاستقلالية الذاتية. والفرد (أو الشركة) هو أقدر على حل مشاكله لأنه أدرى بنفسه من الدولة ولأنه أكثر حرصا على ماله الشخصي من الدولة. الدولة المغربية ليست سوى منتوج من منتوجات الشعب المغربي. فرجال الدولة المغربية لم يأتوا من كوكب المريخ وإنما هم أبناء الشعب المغربي وثقافتهم هي ثقافة الشعب المغربي وطريقة تعاملهم هي نفس طريقة تعامل الشعب المغربي ومهاراتهم هي نفس مهارات الشعب المغربي و"تاحراميات ديال المخزن" هي نفس "تاحراميات ديال الشعب". فلا يجب أن نستغرب سلوكات الدولة وسلوكات موظفي الدولة في الإدارات والمجتمع، فهي نسخة طبق الأصل من سلوكات بقية الشعب المغربي. إذن لا يجب السماح لجماعة صغيرة من الشعب المغربي (رجال الدولة) بالتحكم في بقية الشعب المغربي. وبالتالي فالحل هو تقزيم سلطات وصلاحيات الدولة ومنعها من التسلط على المواطن المغربي بكثرة الضرائب والقوانين والقيود البيروقراطية. يجب منع الدولة من ابتلاع كميات ضخمة من أموال المواطن المغربي كضرائب لتقوم لاحقا بتبذيرها كما تشاء. يجب على المغاربة أن يغيروا عقليتهم من عقلية "استجداء تدخلات الدولة" إلى عقلية "رفض تدخلات الدولة" و"رفض ضرائب الدولة". يجب على المغاربة أن يطالبوا بإلغاء أكبر قدر ممكن من الضرائب، وأن يطالبوا بإلغاء أكبر عدد ممكن من القوانين والقيود البيروقراطية، وأن يطالبوا بتوسيع الحريات الفردية (الاقتصادية والفكرية والدينية والسياسية) إلى أوسع قدر ممكن لأن ذلك هو حل الأزمة المغربية. 6) كيف يساعد تخفيض الضرائب على تنشيط الاقتصاد وتشغيل الشباب؟ تتلخص فكرة "تخفيض الضرائب لتنشيط الاقتصاد" في ما يلي: حين تنخفض الضرائب المفروضة على المواطنين والشركات فإن مزيدا من الأموال تبقى في جيوبهم، وبالتالي سيتمكنون من إنفاق تلك الأموال في شراء البضائع أو في الاستثمار وهذا بدوره هو الذي سيخلق مزيدا من فرص الشغل لأنه يرفع من الطلب في السوق على البضائع والخدمات ويرفع من رغبة الشركات في تشغيل مزيد من العمال للاستجابة إلى الطلب المتزايد على بضائعها من طرف المستهلكين. أما حين ترفع الدولة الضرائب على المواطنين والشركات فإن ذلك يفرغ جيوبهم من الأموال ويجعلهم يخفضون من مشترياتهم واستثماراتهم ويتقشفون في إنفاقهم فيقل الرواج في الأسواق، وتصبح الشركات غير قادرة أو غير راغبة في تشغيل مزيد من العمال بسبب انخفاض مبيعاتها وارتفاع ضرائبها ونفقاتها. وكثيرا ما تطرد الشركات عددا من عمالها سعيا منها إلى تخفيض النفقات وتعويض الأموال التي أخذتها منها الدولة كضرائب. 7) المغرب Murakuc [موراكوش]: الوطن والشعب والدولة والأرض يدل مفهوم "المغرب" (بالأمازيغية: Murakuc) على هذه المفاهيم: - الوطن = الأرض + الشعب. - الشعب = المدنيون الخواص (غالبية ساحقة) + موظفو الدولة. - الدولة = القانون + رجال السلطة. - الأرض = أراضي الخواص + الأراضي العمومية. الدولة في جانبها البشري هي جزء ضئيل جدا من الشعب. والدولة في جانبها المادي والعقاري هي جزء ضئيل جدا من ممتلكات الشعب. المغاربة كثيرا ما يخلطون بين هذه المفاهيم إما جهلا أو لأسباب أيديولوجية. ولكن حين يتضح للمواطن أن الدولة مجرد جزء صغير وضئيل جدا من الشعب في جانبها البشري وأنها جزء ضئيل جدا من ممتلكات الشعب المادية والعقارية فسيتضح مدى تفاهة اعتماد الشعب بأكمله على جزء ضئيل منه ليخطط له حياته ويتحكم له في شؤونه. وسيتضح للمغاربة أيضا مدى سفاهة وحماقة وضع جزء ضخم من أموالهم (كضرائب) في أيدي هذا الجزء الضئيل جدا من الشعب الذي هو موظفو ورجال الدولة. 8) الدولة المغربية Awanak Amurakucan [أواناك أموراكوشان]: إذا كانت الدولة آلة سلطوية فاشلة تبذر أموال الشعب فما الذي تصلح له هذه الدولة؟ هناك بضعة أشياء اصطلح الشعب على أنها ضرورات جماعية غير قابلة للخوصصة وغير قابلة للاستغلال التجاري، ويوافق الشعب على تمويلها من أموال الضرائب التي يدفعها، ويوافق الشعب على توكيل تدبيرها للدولة (المركزية أو الفدرالية أو المحلية) وهي: - الأمن العمومي (الشرطة). - العدالة والقضاء (الفصل من المتنازعين وعقاب المجرمين). - الدفاع الخارجي (الجيش). - مساعدات استعجالية للفقراء المعدمين والمعاقين والمشردين وتأهيلهم ليكونوا مستقلين بأنفسهم. - خدمات استعجالية في حالات الكوارث كإطفاء الحرائق والإسعاف الطبي. - الحد الأدنى من الإدارات والوزارات لتنظيم بعض الأمور القانونية للمواطنين، مع إبقاء عدد الموظفين في أدنى حد ممكن، ومنع التضخم البيروقراطي. أما غير ذلك فيجب تركه أو ترك معظمه للأفراد الخواص وللشركات التجارية والجمعيات المدنية المستقلة، وعلى رأس ذلك التعليم والصحة. فالفرد أدرى بشؤونه من الدولة. والفرد أحرص على ماله وصحته وتعليم أولاده من الدولة. ويكفي أن يقارن المرء بين أداء المدارس الخصوصية وأداء مدارس الدولة ليعرف الفرق. والفرق بين المصحات الخصوصية والمستشفيات العمومية لا يحتاج إلى توضيح (بالنسبة للفقراء فيجب طبعا توفير تعليم مجاني وصحة مجانية لهم). وكل هذا يعني أن الميزانية الضخمة التي تنفقها الدولة على التعليم هي باختصار ماء مصبوب على رمل وأموال محروقة ومضيعة لعرق جبين الشعب. فالتعليم المغربي فاشل ورديء وفوق ذلك كله هو مكلف جدا. فلو تم إرجاع تلك الأموال للشعب في شكل تخفيضات ضريبية مقابل أن يرسل أبناءه إلى مدارس القطاع الخاص لكانت المردودية أفضل ماليا وتعليميا. ونفس الشيء تقريبا يقال حول الصحة. 9) الدولة فاشلة والحل هو تقزيم الدولة وإطلاق المبادرة الذاتية: يجب على المغاربة المحتجين الساخطين على الدولة الخروج من حالة التناقض التي يعيشونها حين يلومون الدولة على فشلها ثم يطالبونها بتولي أمور حياتهم ويطالبونها بمزيد من التدخل في شؤونهم. الدولة لن تأتيهم إلا بمزيد من الفشل والخيبات. لأن الدولة تتكون من موظفين ضعيفي الكفاءة لا يفهمون في الاقتصاد ولا في التكنولوجيا لا يهمهم إلا الحفاظ على رواتبهم وكراسيهم. وهم غير قادرين على إخراج المغرب من الحفرة. والشيء الوحيد الذي يجب طلبه من الدولة هو أن تنسحب من حياة المواطنين عبر تخفيض الضرائب وتقليل عدد القوانين والعراقيل البيروقراطية. الحل الوحيد هو أن يبحث المغربي عن طريقة لإخراج نفسه من الحفرة عبر استعمال قدرته الإبداعية وتطبيق حرياته الفردية وكل ما توفر لديه من موارد ووسائل بدائية وغير بدائية، أو بالتعاون مع مواطنيه وجيرانه لإنشاء مبادرات اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية تبدأ من تنظيف الحي من الأزبال إلى تأسيس مشروع تجاري إلى إبداع حلول تعاونية للتعليم والصحة إلى تأسيس حزب سياسي جديد. أما الدولة فهي لا تتقن إلا حرفتين: الجمع والمنع. أي: جمع الضرائب ومنع حريات الناس. أما فيما عدا ذلك فهي إما ضعيفة جدا أو فاشلة تماما. ومن يراهن على الدولة في مجالات التشغيل والتعليم والصحة فهو يراهن على حمار خاسر. [email protected]