قال الكاتب الفرنسي ونائب رئيس تحرير جريدة "لوموند دبلوماتيك" الشهيرة، آلان غريش، إن تزايد حدة وتيرة الإسلاموفوبيا في المجتمعات الأوروبية أدى إلى ضعف حركة التضامن العالمية مع الفلسطينيين، "لأن ترويج الحكومات الغربية والإعلام لخطاب موجه ضد المسلمين ساعد في اختزال المقاومة الفلسطينية في قوائم الجماعات الإرهابية". آلان غريش، الذي حل ضيفا على جريدة هسبريس الإلكترونية، على هامش مشاركته في ندوة دولية نظمتها "المجلة المغربية للعلوم السياسية والاجتماعية" بجامعة محمد الخامس بالرباط، بمناسبة الذكرى المئوية لوعد بلفور البريطاني، الذي مهد لقيام الكيان الإسرائيلي، أشار إلى أن تطور الفكر الإسلاموفوبي في فرنسا اليوم لا علاقة له بالتوجه اليميني أو اليساري، بل يمكن أن تجده متفشيا في جميع الأحزاب كيفما كانت مرجعياتها. وتحدث الصحافي البارز عن النظرة الفرنسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، التي ظلت حبيسة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وأبرز أن التضامن مع الشعب الفلسطيني في الغرب بصفة عامة تراجع بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بسبب الخلط بين الإسلام والإرهاب، بفضل نجاح الخطاب الذي روجت له الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل. وأضاف صاحب كتاب "الإسلام والجمهورية والعالم"، خلال الندوة التي نظمتها هسبريس بمناسبة الذكرى المئوية لوعد بلفور والذكرى السبعين لقرار تقسيم فلسطين، أنه "قبل سنة 2001 لم يكن لهذا الخطاب الرائج عن الإسلام أي تأثير، ولكن اليوم أصبح له وقع بالغ على المجتمع الفرنسي"، مؤكدا وجود مؤسسات ولوبيات فرنسية تقف وراء انتشار الظاهرة التي باتت تخيف الجالية المسلمة. وقسم غريش الإسلاموفوبيا إلى قسمين: يمينية ويسارية، الأولى يمكن اختزالها في العنصرية القديمة ضد العرب بصفة عامة، والثانية برزت مع الخطاب اليساري الذي نصب نفسه ضد الإسلام المتطرف لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان والمرأة. واعتبر غريش أن طريقة الدفاع عن العلمانية في فرنسا خاطئة وتساهم في صعود الإسلاموفوبيا. وفي جواب له عن مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي رمى بثقله قبل أيام لإنجاح المصالحة المتعثرة بين حركة حماس وفتح الفلسطينيتين، أوضح الكاتب المتخصص في قضايا الشرق الأوسط أن المبادرة يمكن اعتبارها "إيجابية" لأن الصراع الفصائلي والانقسامات لا يخدمان القضية الفلسطينية، غير أنه أكد أن "تحركات السيسي غير كافية لإنهاء المشاكل بسبب عدم وجود رغبة لتحقيق عملية السلام". وأوضح غريش أن موقف مصر من الإخوان المسلمين "غير واضح تماما"، مستغربا تعاون السيسي مع حركة "حماس" الإسلامية في ظل استمرار سجن قادة الإخوان المسلمين. وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد طرح، مؤخرا، مبادرة لإنهاء الانقسام الوطني الفلسطيني، ووافق عليها كل من الرئيس محمود عباس وحركة "حماس". وشارك إلى جانب آلان غريش، في ندوة هسبريس، كل من إلان بيبي، وهو مؤرخ وأستاذ جامعي في بريطانيا، وعبد المغيث بنمسعود تريدانو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ومدير "المجلة المغربية للعلوم السياسية والاجتماعية"، والبروفسيور بجامعة لوفان- بلجيكا، بشارة خضر.