التقى اليوم السبت بسلا باحثون وأكاديميون من مشارب مختلفة ضمن يوم دراسي حول موضوع "انعدام مصداقية النخبة أم وعكة مؤسساتية" لتسليط الضوء على القيم الجديدة للنخب المغربية و علاقتها مع الدولة والمجتمع. وشكلت هذه الندوة، التي نظمتها مؤسسة أبو بكر القادري للفكر والثقافة فرصة لتعميق النقاش حول النخب المغربية، من خلال التعريف بها وبأدوارها ومعرفة منظومات القيم الجديدة لهذه النخب والتساؤل حول مستقبلها وتلمس المبادرات والإصلاحات التي يجب القيام بها لتتصالح مع محيطها وتحافظ على حريتها الفكرية. وانطلق النقاش خلال اليوم الدراسي بتناول محور " ما هي نظرة المثقفين للنخب المغربية؟" حيث أكد الأستاذ نور الدين أفاية، أن الواقع السياسي والاجتماعي في العقدين الأخيرين كشف العديد من أوهام النخبة عن ذاتها وأخضع مساطرها لامتحان عسير جعلها تتساءل عن صدقية وفعالية أداءها . وأضاف أن النخبة بمختلف انتماءاتها أظهرت عجزها عن التفاعل الإيجابي مع حركية الأحداث وفقدانها لبوصلة التفكير الملائم لقراءة المرحلة مشيرا إلى أن هناك من يعتبر أن سرعة التحولات السياسية والاجتماعية "جرفت المثقفين". واعتبر أن المثقف المغربي أصبح "صورة افتراضية يحركها حنين إلى وجوه مثقفين انتهى عهدهم وتأثيرهم" . من جهته قال الاستاذ عبد الغني أبو العزم، إن الحديث عن النخبة أمر متشعب حيث تضطلع النخبة السياسية أو النقابية بمسؤوليات القيادة فيما هناك نخبة مفكرة ومثقفة ومنتجة مبرزا أن هذا الخليط يعد ظاهرة فكرية واجتماعية عرفت تطورا ملحوظا قبل الاستقلال وبعده. وأضاف الأستاذ أبو العزم أن الوضعية التعليمية لها مسؤولية كبيرة في التطور الفكري والاجتماعي معتبرا أن المثقفين ومن خلال الوقائع ومجريات الأحداث قد تخلوا بصفة عامة عن أدوارهم ومسؤولياتهم حيث لم تعد تربطهم في المجال السياسي مثلا ، بالأحزاب والنقابات أية علاقة "بذريعة عجز السياسي عن فهم المواقع التي على المثقف أن يحتلها في الجهاز الحزبي أو النقابي". واشار إلى أن أداة التحليل "أصيبت بالخلل" في كل ما له علاقة بتطور المجتمع حيث أصيب الفكر المغربي ب"أعطاب في آليات تحليله لطبيعة المراحل التي مر منها تطور المجتمعات العربية منذ الاستقلال دون انكار ريادة انتاجاته الفكرية خلال العقود الأخيرة". من جانبه توقف الأستاذ عبد الجليل طليمات عند مفهوم النخبة، مبرزا أنها فئة من أشخاص متميزين بكفاءات ثقافية وفكر وأخلاق تؤهلهم لممارسة أدوار مؤثرة داخل المجتمع أو في مجال من المجالات السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية وهي مصنع منتج للمشاريع والاقتراحات والخطط، مشيرا إلى أن مفهوم النخبة يبقى مفهوما اجرائيا يمكن أن يقرأ به تطور المجتمعات. وأضاف الأستاذ طليمات أن النخبة السياسية تعتبر نفسها "سيدة النخب" ما يجعلها تتنافس مع النخب الأخرى خاصة النخبة الثقافية ، مبرزا أن هاتين النخبتين تجمعها علاقة مؤهلة لريادة وقيادة المجتمع. من جهته أكد السيد خالد القاديري، مدير مؤسسة أبو بكر القادري، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي يكتسي أهمية كبيرة حيث هناك مشكل كبير يتعلق بالخصوص بتلاشي انتاج النخب السياسية. كما سجل تراجعا في حضور النخب الاقتصادية التي تعمل على نمو النسيج الاقتاصي المغربي وكذا تراجعا فيما يخص تأطير المجتمع بنخبة تجعله يبحث عن نمو وتقدم وحداثة مجتمعية. ويشمل برنامج اليوم الدراسي مناقشة محورين آخرين هما "هل النخب الاقتصادية نخب مواطنة؟"، و"النخب سياسية دون مصداقية" بمشاركة عدد من الأساتذة الجامعيين و صحافيين ومثقفين وسياسيين.